تعزيز وتنسيق “استراتيجيات الفاعل المؤسساتي في مجال محاربة العنف الرقمي”

نظمت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة أول أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، يوما دراسيا حول موضوع “استراتجيات الفاعل المؤسساتي في مجال محاربة العنف الرقمي المبني على النوع الاجتماعي”، وذلك بهدف مناقشة وبحث سبل خلق آليات للتعاون الفعال بين مختلف المتدخلين من مؤسسات عمومية وأطراف المجتمع المدني من أجل التصدي لهذه الظاهرة.
الندوة التي قام بتسييرها كل من المحامية زاهية عمومو، المستشارة القانونية لجمعية التحدي والمساواة، والبشير الزناكي، الإعلامي والخبير في قضايا النوع الاجتماعي، تميزت بحضور ممثلي مجموعة من الإدارات الحكومية (الأسرة، التعليم، العدل، الصحة، الانتقال الرقمي)، والعديد من الخبراء القانونيين والأخصائيين الاجتماعيين، والأطباء، فضلا عن ممثلين عن الشرطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، والمحامين، والنشطاء الحقوقيين والإعلاميين.
استهلت بشرى عبده، مديرة جمعية التحدي والمساواة، أشغال اليوم الدراسي بكلمة قدمت من خلالها تعريفا حول أهداف الجمعية وإنجازاتها في مجال محاربة العنف الرقمي. فيما قدمت الأستاذة فاطمة برمان، مستشارة وزير العدل، في كلمة بالمناسبة، نبذة حول المجهودات المبذولة من طرف وزارة العدل من أجل وضع الآليات القانونية للقضاء على ظاهرة العنف الرقمي ضد النساء.
وعرفت ربيعة ايد الحاج، نائبة وكيل جلالة الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، في كلمتها، العنف الرقمي تجاه النساء على أنه تمييز وانتهاك لحقوقهن الإنسانية، سواء كان هذا العنف عبارة عن تنمر أو تحرش جنسي، مؤكدة على الدور الهام الذي تقوم به النيابة العامة في هذا الصدد، ومستعرضة الجهود المبذولة في سياق الحماية القضائية من العنف الرقمي سواء من خلال إصدار الدوريات والمناشير الموجهة إلى الإدارات التابعة للنيابة العامة أو من خلال الحرص على تدقيق المحاضر والأبحاث من طرف عناصر الدرك والشرطة القضائية، مع الاستعانة بالمساعدة الاجتماعية للتكفل بالنساء، وذلك حرصا على حقوق الضحايا.
وفي نفس السياق، أكد عميد الشرطة المهدي رازيق رئيس الفرقة الوطنية لمكافحة الجرائم المرتبطة باستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالبيضاء، بأن هناك إستراتيجية أمنية مخصصة لمحاربة العنف الرقمي، يتم من خلالها اكتشاف أي اعتداء أو تهديد، وتجميع الأدلة لتقديم المتورطين أمام العدالة، باستخدام التقنيات المتقدمة للبحث الرقمي وتحليل بيانات رقمية لتحديد هويات الجناة وتوقيفهم، مضيفا أن الشرطة القضائية تعمل على ربط شراكات مع باقي المتدخلين على المستوى الوطني، والتنسيق ضمن شراكات دولية مع السلطات والمؤسسات حتى خارج الوطن، في إطار علاقات التعاون الدولي لحماية المواطنين/ات من التهديدات الرقمية. وحث المسؤول الأمني جميع المواطنات والمواطنين على ضرورة التبليغ فور التعرض لأي حادث من هذا النوع، مشيرا إلى أهمية مبادرات التوعية والتحسيس في المؤسسات التعليمية باعتبار الفتيات القاصرات أول ضحايا هذا النوع من العنف.
من جهتهما، أكدت كل من زكية عمراني، منسقة مشروع النوع بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وسناء رياضي المديرة الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، على الجهود المبذولة من طرف الإدارات الحكومية، في إطار محاربة مختلف أشكال العنف الممارس ضد النساء وعلى رأسها العنف الرقمي باعتباره سلوكا منبوذا بكل المقاييس. وكل ذلك ضمن استراتيجية عامة ترتكز على مبدإ العمل على النهوض بأوضاع النساء كما تنص على ذلك توجيهات جلالة الملك محمد السادس وتوجهات النموذج التنموي الجديد. واستعرضت المتدخلتان محاور هاته الاستراتيجية المتمثلة في تعميم التمدرس ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتكريس المساواة في النصوص القانونية، وتعزيز جهود التوعية والتحسيس، إذ رغم الجهود المبذولة من قبل كافة الأطراف من أجل توعية الأطفال والشباب داخل المؤسسات التعليمية ودور الشباب فإن الحاجة ما تزال ماسة إلى المزيد من العمل مع هاته الفئة التي تعتبر أكثر عرضة للعنف الرقمي.
أما حنان رحاب، نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، فركزت في تدخلها خلال الندوة على تسليط الضوء على عدد من مباديء أخلاقيات مهنة الصحافة التي تؤكد على عدم انتهاك الخصوصية واحترام البيانات الشخصية، مشيرة إلى مجموعة من الفصول القانونية التي تصب جميعها في اتجاه مكافحة العنف الرقمي، وأعطت مثالا بالفصل 447-1، من قانون محاربة العنف ضد النساء، الذي يعاقب من خلاله كل من قام عمدا، وبأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة صاحبها، بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة مالية من 2000 إلى 20.000 درهم.
ومن جانبه ركز نوفل كريشة رئيس الجمعية الوطنية للمساعدين في المجال الطبي على التداعيات الاجتماعية الوخيمة للظاهرة بحيث تتسبب للضحايا في مشاكل عائلية خطيرة وتدفعهم/هن إلى الانطواء والعزلة، فيصبحون بذلك عرضة للاكتئاب والمشاكل النفسية التي قد تصل إلى حد إيذاء النفس والانتحار.

< آية مزوار وفرح عكادي- صحفيتان متدربتان

Related posts

Top