جدد إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، تقييمه بخصوص مخطط المغرب الأخضر الذي اعتمده المغرب منذ حوالي عشر سنوات. وقال رئيس مؤسسة علي يعته، في محاضرة له في موضوع “أوضاع البوادي والأرياف” أول أمس بالرباط، إن “ما ميز مخطط المغرب الأخضر هو تكريسه لازدواجية الفلاحة المغربية، بين فلاحة عصرية وأخرى تقليدية”، مشيرا إلى أن أكبر خطأ ارتكبه مخطط المغرب الأخضر هو أنه تأسس على دعامتين؛ الأولى متمثلة في الحيازات الكبرى الرأسمالية المتصلة بالسوق العالمية، والتي تضم قلة من الفلاحين، فيما الدعامة الثانية التي تهم ما تبقى من المتواجدين بالأرياف من فلاحين وغيرهم.
وأوضح العلوي، خلال تدشينه لسلسة من اللقاءات التي تعتزم مؤسسة علي يعته تنظيمها تحت شعار “المغرب إلى أين؟”، أن الدعامة الأولى تستفيد ماليا، عشر مرات أكثر من الدعامة الثانية التي تعهم الفئة العريضة من الفلاحين الصغار والمتوسطين، داعيا إلى ضرورة التفكير الجدي، وطرح السؤال، في إطار المشروع التنموي الجديد الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل إيجاد الحلول الناجعة لتجاوز هذه الوضعية.
ولم يخف إسماعيل العلوي ما حققه مخطط المغرب الأخضر من نتائج إيجابية في بعض المجالات استفاد منها البعض، لكن في المقابل هناك نتائج كانت، في نظره، كارثية على البعض الآخر، وكانت سببا في تنامي ظاهرة الهجرة إلى المدن والتي أدت بدورها إلى تنامي الإجرام وانتشار الفراشة وبعض الظواهر الأخرى التي ولدت التهميش والفقر الحضري الممتد على أحزمة المدن الكبرى، مشيرا إلى أن واقع الدعامة الثانية هو سر الأوضاع التي يعرفها المغرب حاليا، والتي قد يعرفها في المستقبل.
وقال رئيس مؤسسة علي يعته، إن “انتقادات وملاحظات الخبراء بخصوص مخطط المغرب الأخضر لم تأخذ بعين الاعتبار، وأحيانا هناك من يرى أن النقاش في هذا الموضوع غير مقبول، ويذم كل من خاض في ذلك” وزاد قائلا: “إذا كنا في مجتمع ديمقراطي علينا أن نتقبل التعبير على الرأي”، مؤكدا على أن الإشكال الذي وصفه بالخطير، والذي يتعين الانتباه إليه، هو أن 13 مليون مغربي يعشون في الأرياف في مساحة لا تزيد عن 9 ملايين هكتار، وأن نصب الفرد من هذه المساحة هو 0.6 هكتار، وبالتالي فإن نصيب الأسرة المكونة من 10 أفرد هو 6 هكتارات دون الحديث عن تفاوت هذه الأرض من حيث جودة التربة وانتظام التساقطات، لكن في كل الأحول، يضيف المتحدث، فإن تلك المساحة لا يمكن أن تضمن العيش الكريم والحياة الكريمة لساكنة الأرياف.
واعتبر وزير الفلاحة الأسبق، أن إيجاد الحل المناسب لهذه الوضعية، لن يكون أمنيا، فقط، كما أنه لا يمكن القضاء على الحركات الاحتجاجية، عن طريق المقاربة الأمنية، مؤكدا على أن أحسن طريقة هي إعادة النظر في مثل هذه المخططات، بالنظر إلى كلفتها نتائجها الاجتماعية الباهظة، كالهجرة نحو المدن والتي لا تقدر بثمن، داعيا إلى التفكير الجماعي في هذا الموضوع من أجل تحسين مستوى عيش ساكنة الأرياف والبوادي التي تشكل قنبلة موقوتة حقيقية، يمكن أن تنفجر في أية لحظة، سواء في فترات الجفاف أو لأسباب أخرى.
كما دعا إسماعيل العلوي إلى إعادة ترتيب أولويات مخطط المغرب الأخضر ليعود إلى جادة الصواب، وذلك بإعطاء الأولوية للفلاحين الصغار والمتوسطين، وإعادة الاعتبار للإرشاد الفلاحي والقضاء على الأمية وسط الفلاحين، بالإضافة إلى العناية بالتربية والتعليم في الأرياف إلى جانب العناية بالصحة والسكن، وفك العزلة عبر شق المسالك الطرقية وبناء القناطر، والعناية بالمراكز الناشئة باعتبارها نواة لمدن صغير بمكن أن تخفف من ضغط الهجرة إلى المدن الكبرى.
كما دعا إلى تفعيل مقتضيات الدستور خاصة تلك المتعلقة بالديمقراطية التشاركية أو الديمقراطية بالمشاركة، من خلال تنظيم الفلاحين في إطار تعاونيات فلاحية تدبر بشكل ديمقراطي، على أن تكن هناك مراقبة مستمرة للجهة الوصية وهي وزار الفلاحة.
> محمد حجيوي
تصوير: رضوان موسى