يجد المنتخب الإيطالي نفسه مرة أخرى أمام مرحلة بناء يلفها الغموض لاسيما في ما يخص مصير المدرب روبرتو مانشيني الذي أنسى عشاق “الأزوري” خيبة الغياب عن مونديال 2018 بإحراز كأس أمم أوروبا الصيف الماضي، لكن سرعان ما تحول من بطل إلى شرير في أمسية باليرمو السوداء.
وبعدما عاشوا قبل أربعة أعوام خيبة الغياب عن النهائيات العالمية لأول مرة منذ 60 عاما، تفاءل الإيطاليون مع المدرب الجديد مانشيني عقب نجاحه في بناء منتخب بمقاربة هجومية مشوقة مختلفة عن الأسلوب الدفاعي التقليدي.
وبعد الفوز بجميع المباريات المؤهلة إلى كأس أمم أوروبا 2020، توج مانشيني جهوده الصيف المنصرم بقيادة بلاده إلى لقب النسخة المؤجلة لعام بسبب فيروس كورونا، بالفوز في النهائي على إنجلترا في معقلها “ويمبلي” بضربات الترجيح.
لكن سرعان ما عاد الإيطاليون الى أرض الواقع المرير حيث تحققت المفاجأة الخميس الماضي على يد مقدونيا الشمالية بهدف سجله ألكسندر ترايكوفسكي في الوقت القاتل (2+90)، ليمنح بلاده بطاقة نهائي المسار الثالث من الملحق الأوروبي المؤهل لمونديال قطر 2022.
ولأسباب متعلقة بحقوق النقل التلفزيوني، يجد مانشيني نفسه الآن مضطرا إلى النهوض سريعا من الكبوة ومحاولة إعادة شيء من الحياة للاعبيه عندما يحل معهم في مدينة قونية من أجل مواجهة ودية الثلاثاء مع تركيا التي انتهى حلمها المونديالي أيضا الخميس بالخسارة أمام البرتغال 1-3.
ورغم الانتقادات الكثيرة التي طالته بعد كارثة باليرمو، أشار مانشيني الإثنين إلى أنه ما زال عازما على مواصلة المشوار لأنه “ما زلت شابا وهدفي الفوز بكأس أمم أوروبا (تحقق الصيف الماضي) وكأس العالم. هدف الفوز بكأس العالم قد تأجل بعض الشيء (حتى 2026)”، مؤكدا أنه “ما زلت أستمتع بعملي”.
وحتى وإن كان القرار بشأن مستقبله لم يكن ليبت قبل مواجهة تركيا في مباراة بمثابة “قصاص” نظرا للوضع النفسي الصعب جدا، أظهر مانشيني الاثنين شهية حقيقية ليكون الرجل الذي يقود حملة البناء الجديدة، مشددا على ضرورة “المضي قدما ، والبدء في التفكير بطريقة مختلفة”.
وحظي مانشيني بمساندة القائد الثاني للمنتخب ليوناردو بونوتشي الذي قال “ما منحنا إياه المدرب منذ ثلاثة أعوام يعتبر شيئا فريدا من نوعه”.
ويدرك مانشيني أن مباراة من هذا النوع قد تمنحه نوعا من العلاج النفسي الجماعي في حال الفوز بها، وتطلق ما قد يكون حملة إعادة بناء منتخب عاش خيبة المونديال منذ تتويجه بلقبه الرابع والأخير عام 2006، إذ ود ع بعدها من الدور الأول عامي 2010 و2014 وفشل في التأهل إلى نسختي 2018 و2022.
وكشف بونوتشي الذي غاب عن السقوط المشؤوم في باليرمو، أن “الساعات الـ48 التي تلت الإقصاء كانت صعبة. ثم حاولنا التخفيف من هول الصدمة من خلال القول للشبان (لزملائه الشبان) إنه ستتاح لهم فرصة لخوض مونديالات أخرى، خلافا لنا”.
وأضاف ابن الـ34 عاما الذي أكد رغبته في الاستمرار مع المنتخب، أن “الأسس موجودة هنا من أجل الصعود مجددا”.
بالنسبة لشريكه في قلب دفاع يوفنتوس كييليني، فالاستمرار مع المنتخب سيكون صعبا وقد يكون الاعتزال في يونيو المقبل بما أنه يبلغ من العمر 37 عاما .
ووفقا للصحافة الإيطالية، قد يخسر لاعبون آخرون توجوا أبطالا لأوروبا الصيف المنصرم مكانهم في “الأزوري” نظرا لأدائهم في الآونة الأخيرة وأعمارهم، على غرار لورنتسو إنسينيي وتشيرو إيموبيلي وجورجينيو الذين عادوا إلى أنديتهم في عطلة نهاية الأسبوع.
كما لم يسافر ستة لاعبين آخرين الى قونية، ويعود ذلك بشكل خاص إلى مشاكل بدنية، مثل ماركو فيراتي الذي كان أفضل لاعب في مباراة مقدونيا الشمالية، أو دومينيكو بيراردي الذي فوت على بلاده فرصة سهلة جدا أمام مرمى مشرع أمامه في مباراة الخميس، أو أليساندرو فلورنتسي.
وبالتالي، تنطلق عملية البناء بمنتخب معدل إلى حد كبير يقوده لاعبون من المفترض أن يشكلوا نواته للاستحقاق المقبل في كأس أمم أوروبا 2024، مثل لوكاتيلي وساندرو تونالي وباستوني ونيكولو زانيولو وجانلوكا سكاماكا وباريلا.
ويضاف إليهم بالتأكيد فيديريكو كييزا الذي تأثر المنتخب كثيرا بغيابه نتيجة إصابة أبعدته عن الملاعب حتى نهاية الموسم.