احتفال بالذكرى المائوية لميلاد إدمون عمران المليح

 في إطار احتفال مؤسسة إدمون عمران المليح بالذكرى المائوية لميلاده، تم في ندوة على هامش المعرض الدولي الثالث والعشرين للنشر والكتاب بالدار البيضاء، استحضار القيم في علاقتها بالبعد الكوني لدى الكاتب المغربي الراحل .
  وقال مستشار صاحب الجلالة، أندري أزولاي في مداخلة بالمناسبة، إن ما يشده لدى عمران المليح هو موهبته وفرادته وكونه قادرا على قول وكتابة ما يشعر به الكثيرون، وذلك في بساطة ووضوح، مع عمق فلسفي وانخراط في صلب القضايا الاجتماعية والسياسية المؤرقة.
  وأضاف أزولاي أن كتابات إدمون عمران المليح تميزت بالنفس الطويل ، وبالقدرة على تناول التفاصيل بدقة ، حتى إن موجات البحر في الصويرة أو اصيلة، على سبيل المثال، كانت تلهمه لسرد صفحات من الأدب الرفيع، حيث انتبه إلى اليومي والعادي ليحوله إلى استئنائي، مشيرا إلى أن الحب والأمل والوجود وكذا القوة شكلا محاور ثابتة في حياته وكتاباته.
 ورأى أن المليح كان فيلسوفا مع تواضع كبير، فقد تطرق إلى قضايا وجودية عميقة، لكنه لم يكن فيلسوفا من أجل الفلسفة، بل فيلسوفا من أجل الحياة ، مرتبطا بقضايا الأرض والإنسان، مبرزا أن هذا الحفل التكريمي لإدمون عمران المليح هو الأول في سلسلة قراءات في كتاباته وقيمه ومواقفه تنظم في كل من المغرب وفرنسا. ودعا السيد أزولاي إلى أن يتم العمل على تعريف الأجيال القادمة، بأعمال إمون عمران المليح وخصوصية كتاباته التي ستظل تنبض بالحياة وتملأ الفراغ الذي شكله رحيله وتقاوم الزمن بفضل تميزها. من جهته، قال الأديب حسن نجمي في مداخلة مماثلة، إن “إدمون عمران المليح كان قيمة لوحده، ومصفاة لكل القيم الإنسانية”، إذ ساهم في ترسيخ عدد من القيم الأخلاقية والإنسانية من خلال كتاباته ومواقفه، وصدق التزامه الوطني والقومي والنضالي في صف القضية الفلسطينية العادلة، مذكرا بتنظيم اتحاد كتاب المغرب ندوتين تكريميتين له. وتحدث نجمي عن تعدد الأبعاد والأزمنة والأمكنة لدى المليح، وعن مساره الطويل والتصاقه بالتجربة الاجتماعية في مختلف تجلياتها، مشيرا إلى إدمون لم يكن متعصبا لاختياراته الإيديولوجية والجمالية، بل على العكس كان رمزا للانفتاح والإنصات لكل الممارسات وأنماط التفكير.
 وذكر بالبعد الوطني لدى المليح ، وتشبثه بمغربيته في ظل كل الظروف، ودفاعه عن استقلال البلاد، والتزامه السياسي المبكر، واجتهاداته الفكرية ونقده الذاتي لانتمائه الحزبي السابق، وكذا بالبعد القومي في رفضه الانغلاق والاختيارات المتطرفة، حيث ظل مغربيا يهوديا منصفا عادلا ذا خيارات واضحة قبل أن يختار أن ينأى عن السياسة ويلتزم بأخلاقيات الكاتب ووضعه الاعتباري. وابرز نجمي أن المليح وصل متأخرا ولكن ناضجا إلى حقل النشر، فكان كتابه الأول “المجرى الثابث” أول كتاب سردي حكائي أوتوبيوغرافي يؤسس لبداية كتابة سردية في المغرب الكبير، مشيرا إلى أنه لم يختر الكتابة باللغة الفرنسية بل إنها كانت “قدره التاريخي ومنفاه”، فظل على اعتزازه باللغتين العربية والأمازيغية.
  وكان إدريس أخروز، الذي أدار هذه الجلسة التكريمية، قد أكد على أن المليح رفض ثقافة الصالونات والكلام ، وفضل أن يكون في عمق السؤال والربط بين الواقع والسؤال الثقافي ، كما رفض أن يفصل بين هويته المتعددة (مغربي ، أمازيغي، عربي ، يهودي الديانة..).

Related posts

Top