اسبانيا وألمانيا.. و لعبة «الغميضة»

بات واضحا تزايد طمع وجشع أنظمة بعض دول القارة العجوز التي اعتادت الصيد في المياه العكرة، والتقوت من ثروات الشعوب المستضعفة المادية والبشرية. عفن جردها من كل مبادئ الإنسانية، وجعلها تتخطى قوانين ومبادئ دولية من أجل سلك أساليبها القديمة في التضييق والابتزاز، وفرض الحصول على كعكات غير مستحقة تنتزع من أفواه ذوي الحقوق. سلوكيات أزالت عنا غشاوة الديمقراطية المصطنعة التي ما فتئت تتغنى بها، وتغوي بها بعض الجاهلين والغاضبين من داخل الشعوب المستضعفة. بعد أن كشفت عن نواياها وكشرت على أنيابها. ولم تعد تكتفي بغذاء (الدم، ولحم الخنزير)، بإشعال فتيل الحروب والاتجار في الأسلحة والبشر. بل إن جوعها جعلها تدمن حتى على (الْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ…).
عندما يسقط النظام الإسباني في لعبة (الغميضة) البليدة التي حاكها النظام العسكري الجزائري، ويقبل باحتضان واستشفاء زعيم وهمي فاسد لجمهورية وهمية، باسم شخصية دبلوماسية جزائرية مزورة، بمبرر المرض وفرضية الاستشفاء.. فإن تلك اللعبة القذرة تعتبر إهانة لدولة إسبانيا وشعبها ومؤسساتها الدستورية وقضائها. وإهانة لمبادئ وقيم الاتحاد الأوربي. وضربة قاسية للأمم المتحدة وكل المنظمات والهيئات التي تدافع على حقوق المواطنين المضطهدين والمعذبين. كما تبرز بجلاء أهداف تلك الدولة، التي تربطها بالمغرب علاقات صداقة واقتصاد وتحالف من أجل محاربة الإرهاب وإنصاف ضحاياه. لعبة الجزائر وإسبانيا يمكن اعتبارها أبرز رسالة قوية وواضحة للمنتظم الدولي. تفيد أنه لا وجود لكائن اسمه (البوليساريو)، إذ أكدتا بالملموس ومما لا يدع حظا للشك، من صنع البوليساريو، ومن يستمر في تغذيتها، ومن ينصب زعماءها (الرخيص تلو الرخيص) و(اللقيط تلو اللقيط) من أجل الاستمرار في التضييق على المغرب وابتزازه ؟.
رئيس حمل بالخطأ اسم (الغالي)، فحاول النظام الجزائري إصلاح الخطأ بتسميته (بن بطوش). وزاد في إهانته بعد أن حوله من رئيس وهمي إلى عميل جزائري وهمي. وفتحت اسبانيا (العظيمة بشعبها)، ذراعيها خلسة وتحت جنحة الظلام، لتحضن العميل والرئيس الوهمي. لكن لعبة (الغميضة) كشفتها المخابرات المغربية. وكشفت معها سخافة نظامين أعلنا بدون وعي منهما أنهما لا يعترفان بجمهورية الوهم. وأقل ما يمكن عمله الآن بعد فضيحة (الغميضة)، هي الإعلان الرسمي عن الاعتراف العلني بمغربية الصحراء.
ألمانيا الدولة التي عانت ويلات الحروب والانشقاقات، والتي تسببت أنظمتها السابقة في عمليات القتل والتنكيل والتشريد لعدة شعوب، وإحراق اليابس والأخضر، أصيبت بدورها بلعنة لهف وجوع الذئاب. ولم يعد نظامها قادرا على الصبر وسلك مساطر التفاوض والإقناع والإغواء من أجل ضمان مقاعد له داخل الاقتصاد المغربي. بعد أن فشل نظامها هو الآخر في الاستفادة من لعبة (الغميضة) التي عاش يديرها من خلف ستائر التقارب والود والصداقة المزيفة. بل إنه اختار أساليب القراصنة وقطاع الطرق والمافيات. ظانا منه أن أبواب ونوافذ وأسطح المغرب غير محصنة. وأن التهديد والوعيد والتضييق.. قد تكون مفاتيح للإخضاع والمساومة.
ألمانيا القادمة من بعيد، محملة بالعدوانية والميوعة، بات نظامها الحالي حائرا، يبحث عن أسلحة الفتك بالمغرب. فلا دعمه لجبهة الانفصاليين البوليساريو أعطى أكله. ولا محاولة تهميش المغرب من الملف الليبي تمت. ولا تجنيده للانفصالي والإرهابي محمد حاجب أثمر شيئا. رغم تسريب المخابرات الألمانية لمعلومات دقيقة وحساسة تلقتها من المخابرات المغربية. لأنها معلومات تفيد الصالح العام ولن تضر الوطن بشيء.
فليدرك هؤلاء وأولائك داخل دول (الغميضة) وخارجها، أن المغاربة أثثوا لميلاد نظام جديد، ينبض بالملكية والحيوية والتنمية الحقة. بموارد بشرية مغربية. وأن زمن الاستعباد والحجر قد ولى. وبات للمغرب مكانة اقتصادية صلبة. مكنته من الارتقاء إفريقيا وعربيا ودوليا. ومن كان يريد الشراكة بمنطق (رابح رابح)، والتقيد بالشروط والقوانين الدولية فهو مرحب به. ومن كان يسعى إلى فرض أساليب التضييق والابتزاز فإنه لن يوفق في سعيه. وستضيع عليه فرص التفاوض الجاد.
من يظن أنه بإمكانه الضحك على ذقون المغاربة، ومحاولة استمالتهم لبديل مجهول، بدعوى البحث عن الديمقراطية الحقة والتحرر المثالي، فهو مغرور بنفسه، وغير ملم وواع بقوة عقل الشعب المغربي ونضج فكره. من يشك ولو لحظات أنه يملك مفاتيح الإضرار بالمغرب وثوابته، وأنه يعرف كل أبوابه ونوافذه، فهو جاهل. من يسعى إلى الحجر السياسي على المغاربة، ومحاولة الركوب على مطالبهم المشروعة، لا شك سيصطدم بصخرة الشعب التي كان يريد استخدامها لأغراضه الدنيئة.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top