استهتار في إقليم الخميسات

ليس من قيمنا ولا من تربيتنا التركيز على أشخاص أو استهدافهم أو اقتراف أي تهويل في حقهم، ولكن ما تناقلته الأخبار من مدينة تيفلت، ومن عمالة الخميسات، يفرض التوقف وقول الأشياء بصراحة وكما هي.
ماذا يعني أن يقدم قائد مقاطعة على الاعتداء على طاقم قناة “الأمازيغية”، الذي حل بالمدينة لإنجاز عمل صحفي؟
هذا القائد، المفتقد للقيادة وللمسؤولية، لم يتردد في صفع صحفية وضربها وشتمها؟
الصورة، بكل هذه الغرابة والبدائية، حدثت في منطقة لا تبعد عن عاصمة المملكة سوى بأقل من ستين كيلومترا، ورجل السلطة هذا يعمل هنا والآن، أي في قرننا هذا وليس في العصور الغابرة.
هذه بلطجية لا تليق بمغرب اليوم، ولا يجب المرور عليها مرور الكرام، وإنما لا بد من فتح تحقيق جدي بشأن ما وقع، والحرص على رد الاعتبار للمعتدى عليها، وللمهنة التي تمارسها، ومعاقبة من تجرأ على مد يده ولسانه على صحفية كانت تمارس عملها.
وحيث إن الاستهتار لم يكن ليأتي منفردا، ففضلا عن هذا السلوك الأرعن لقائد تيفلت، فإن مسؤوله الإقليمي المباشر، أي عامل الإقليم، وهو الموكول له إنفاذ القانون داخل المجال الترابي لمسؤوليته، شوهد، في حالة خرق واضحة لمقتضيات حالة الطوارئ الصحية، حيث كان يعزي رئيس بلدية تيفلت في وفاة ابن عمه.
السيد العامل لم يكتف “يدير الصواب”، ولكنه ترأس مراسيم الدفن، وساهم في جعل ذلك يتم بحضور مئات الأشخاص، توجهوا بكاملهم نحو المقبرة بضواحي المدينة.
يصعب الكلام في مثل هذه الظروف المتشحة بالحزن، ولا يجوز، صدقا، سوى الدعاء بالرحمة للراحل، وتقديم العزاء لعائلته المكلومة، ولكن مع ذلك، مصلحة البلاد والوضع الوبائي وصحة شعبنا تفرض علينا كلنا التقيد الصارم بأحكام الحجر الصحي وتفادي الاختلاط بين الأشخاص، وعامل الإقليم أول من يجب أن يلتزم بذلك ويطبقه.
عندما سيرى المواطنون بتيفلت ونواحيها عامل الإقليم يقود عشرات المواطنين بمعية رئيس البلدية ومنتخبين آخرين، وذلك بلا مبالاة واستهتار واضحين وفاضحين بالقانون، كيف يمكن إقناعهم بألا يفعلوا مثله؟
وهل السيد عامل الإقليم كان سيغامر باقتراف هذا الخرق لو كان الأمر مثلا يتعلق بمواطن عاد، وليس برئيس بلدية تيفلت؟ أو برؤساء جماعات آخرين يكن لهم “مودة” خاصة داخل الإقليم، ويعرفهم الجميع؟
السيد وزير الداخلية أمامه الآن مسؤول ترابي في مدينة تيفلت تخيل نفسه “رامبو” هذا الزمان، ولم يخجل من مد يده وصفع صحفية تمارس عملها وهي حامل وفي شهر رمضان؟ وعامل الإقليم الذي لا يرى سوى علاقته مع أصدقائه المنتخبين ولا يبالي بما يرتكبه من خروقات لقانون حالة الطوارئ وتعريض عشرات المواطنين للخطر، يعني “شاف الربيع ما شاف الحافة” على حد القول الدارج المأثور.
يجب فتح تحقيق عاجل وجدي في السلوكين الطائشين.

محتات الرقاص

Related posts

Top