الأسد يتمسك بالتفاوض والقتال معا

أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أن هدفه استعادة الأراضي السورية كافة، محذرا في الوقت نفسه من أن ذلك قد يتطلب وقتا “طويلا” في ظل الوضع الحالي في سوريا.
وتأتي تصريحات الأسد قبيل اتفاق المجموعة الدولية حول سوريا في الاجتماع الذي عقدته على هامش مؤتمر الأمن بميونيخ الألمانية على وقف الأعمال القتالية.
ويرى متابعون أن هذا الاتفاق يشوبه الكثير من الضبابية والغموض خاصة وأنه يستثني جبهة النصرة التي تتواجد أساسا في مناطق محسوبة على المعارضة السورية (إدلب وحلب مثالا).
وأكد الرئيس السوري في مقابلة حصرية مع وكالة “فرانس برس” إن التفاوض و”مكافحة الارهاب” مساران منفصلان. وهذه أول مقابلة للأسد منذ فشل مفاوضات السلام في جنيف الشهر الماضي، وبعد التقدم الميداني الذي أحرزه الجيش السوري بدعم جوي روسي في محافظة حلب.
وقال ردا على سؤال حول قدرته على استعادة الأراضي السورية كافة “سواء كان لدينا استطاعة أو لم يكن، فهذا هدف سنعمل عليه من دون تردّد”، موضحا أنه “من غير المنطقي أن نقول إن هناك جزءا سنتخلى عنه”.
وأشار إلى أن “الحالة الحالية المتمثلة في الإمداد المستمر للإرهابيين عبر تركيا، وعبر الأردن، هذا يعني بشكل بديهي أن يكون زمن الحل طويلا والثمن كبيرا”.
وأبدى الأسد استعداده للتفاوض مع معارضيه و”مكافحة الإرهاب” في آن معا. ولفت “نؤمن إيمانا كاملا بالتفاوض وبالعمل السياسي منذ بداية الأزمة، ولكن أن نفاوض لا يعني أن نتوقف عن مكافحة الإرهاب”.
ورأى أنه “لا بد من مسارين في سوريا.. أولا التفاوض وثانيا ضرب الإرهابيين، والمسار الأول منفصل عن المسار الثاني”.وأكد أن المعركة الأساسية في حلب هدفها “قطع الطريق بين حلب وتركيا” وليس السيطرة على المدينة بحد ذاتها.
وأوضح الأسد أن “المعركة الآن في حلب ليست معركة استعادتها لأننا كدولة موجودون فيها، ولكن المعركة الأساسية هي قطع الطريق بين حلب وتركيا”، مشيرا إلى أن “تركيا هي الطريق الأساسي للإمداد الآن بالنسبة للإرهابيين”.
ويشن الجيش السوري منذ بداية فبراير هجوما واسعا شمالي حلب، بدعم جوي روسي، وتمكن بموجبه من السيطرة على بلدات عدة وقطع طريق إمداد رئيسي يربط أحياء سيطرة الفصائل المقاتلة والمعارضة في مدينة حلب بالريف الشمالي نحو تركيا.
وتعتبر تركيا أحد أبرز داعمي الفصائل الإسلامية في الجهة الشمالية لسوريا، وأفضى هذا الدعم إلى سيطرة هذه الفصائل والتي من بينها النصرة وحركة أحرار الشام على جزء مهم من حلب وكامل محافظة إدلب.
ومن هنا يتأتى حرص دمشق وموسكو على هذا الشطر، لإن إبقاء الممرات الرابطة بين تركيا وسوريا مفتوحة يعني إمكانية كبيرة لاسترجاع المعارضة ما خسرته.
ولم يستبعد الأسد احتمال إقدام تركيا والسعودية على تدخل بري في سوريا لإنقاذ الفصائل المسلحة، التي اشتد عليها الخناق جنوبا وشمالا.
وقال في هذا السياق “المنطق يقول إن التدخل غير ممكن لكن أحيانا الواقع يتناقض مع المنطق (…) هذا احتمال لا أستطيع استبعاده لسبب بسيط وهو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخص متعصب، يميل للإخوان المسلمين ويعيش الحلم العثماني”. وأضاف “نفس الشيء بالنسبة للسعودية إن مثل هذه العملية لن تكون سهلة بالنسبة لهم بكل تأكيد وبكل تأكيد سنواجهها”.
وكررت المملكة العربية السعودية على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، استعدادها لخوض غمار الحرب البرية في سوريا. وأوضح عادل الجبير، الجمعة، الهدف هو إزاحة الأسد في سوريا “وسوف نحققه”.
من جهة أخرى دعا الأسد الحكومات الأوروبية إلى تهيئة الظروف التي تسمح بعودة السوريين إلى بلادهم.
ويحمل المسؤولون الأوربيون النظام السوري مسؤولية هذا التدفق الذي لم يسبق له مثيل منذ الحرب العاليمة الثانية، فيما يرى الأسد أن سياسة الدول الأوروبية حيال الأزمة كانت السبب في تفجرها.
وقال الأسد “أدعو الحكومات الأوروبية التي ساهمت بشكل مباشر بهذه الهجرات، عبر تغطية الإرهابيين في البداية وعبر الحصار على سوريا، لكي تساعد على عودة السوريين إلى وطنهم”.
واعتبر أن كثيرا “من الذين هاجروا ليسوا ضد الدولة السورية وليسوا مع الإرهابيين، ولكن هناك ظروفا أحيانا تفرض على الإنسان أن يُهاجر”. كما رفض الأسد التقارير الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة والتي تتهم نظامه بارتكاب “جرائم حرب” منذ بدء النزاع الذي تشهده البلاد منذ العام 2011.
وقال “هذه المنظمات تسيطر عليها بشكل أساسي الآن القوى الغربية. لذلك معظم تقاريرها هي تقارير مسيّسة تخدم أجندة سياسية”، كما أنها “لا تقدّم أدلة.. وهذه حالة عامة”، مضيفا “أنا لا أخشى هذه التهديدات أو الادعاءات”. ورأى الرئيس السوري أنه على فرنسا أن “تغير سياساتها” حيال سوريا، معتبرا أنها تتبع “سياسات تخريبية في المنطقة وتدعم الإرهاب بشكل مباشر”.
وأضاف “من واجب فرنسا الآن أن تقوم بسياسات معاكسة أو تغير سياساتها من أجل مكافحة الإرهاب”.
وقلل الأسد من تأثير استقالة وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس على السياسة الخارجية لفرنسا، معتبرا أن “تبدل الأشخاص ليس مهما إلى حد كبير وإنما المهم هو تبدل السياسات”.
وتدعم فرنسا المعارضة السورية، وقد طرحت على مدار سنوات الأزمة عدة مشاريع تدين الرئيس السوري أمام مجلس الأمن إلا أن هذه المشاريع لم تلق طريقا للمصادقة عليها في ظل معارضة روسية وصينية.

Related posts

Top