الأسرة القضائية بمحكمة النقض تعرف «نزيفا حادا»

بيان24: حسن عربي

أكد مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، أمس بالرباط، أن شعار افتتاح السنة القضائية الجديدة 2016، يعكس أحد الأهداف الأساسية لعمل محكمة النقض المتمثل في «تكريس الحقوق الدستورية».
وأضاف الرئيس الأول، في كلمته، بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة، أن هذا الشعار يتضح أكثر من خلال جرد حصيلة مجهود أسرة محكمة النقض طيلة سنة من العمل الدؤوب الجاد، ومن خلال المعطيات الإحصائية التي تحمل دلالات متعددة وتؤكد على خلاف ما يدعيه البعض، الثقة الكبيرة في عمل هذه المؤسسة، حيث ارتفع، يضيف المتحدث، حجم القضايا المسجلة إلى 41374 قضية بزيادة قدرها 5350 عن سنة 2014 أي بنسبة تصل إلى 8.14 % مما انعكس على الرائج الذي وصل إلى 32212 ملف.
وسجل المتحدث أن نصف هذه القضايا جنائي، في الأشهر الستة الأخيرة، «مما يدل على المجهود الذي يبذله فريق عمل محكمة النقض بكثير من التضحية والإخلاص والعزيمة، حيث تم البت في أكبر عدد من هذه القضايا، إذ وصل المحكوم هذه السنة إلى 37878 قضية، أي بزيادة  قدرها 8،15 % عن سنة 2014 أي بزيادة 5170 قرارا».
وأوضح الأستاذ فارس أن الأسرة القضائية بمحكمة النقض تعرف «نزيفا حادا»، حيث تقاعد، خلال السنوات الأربع الماضية، أكثر من مائة قاض «من العيار الكبير، يعتبرون مدارس قضائية وفقهية وعملية يصعب تعويض خبرتها في وقت وجيز».
واعتبر فارس أن النصوص الحالية لا توفر، خلافا لما هو موجود في العديد من المحاكم العليا لبلدان عريقة، حواجز قانونية تمنع النظر في عدد من القضايا البسيطة أو قليلة الأهمية أمام محكمة النقض، مشددا على أن هذا الأمر « يجب التفكير فيه جديا حتى لا تهدر الطاقات والإمكانات».
وسجل الأستاذ فارس، مرة أخرى، وعلى غرار السنوات الأربع الماضية، أن محكمة النقض، رغم كل الصعوبات والعراقيل الواقعية والقانونية، بقيت محافظة على نجاعتها، حيث وصلت نسبة الملفات التي لم يصل أمد البت فيها السنة 78%. وهي أرقام تجعلنا، يقول الرئيس الأول، «ننظر إلى المستقبل بثقة ويقين وتُلزمنا بشكر أهل الفضل في ذلك السادة قضاة وأطر وموظفي هذه المؤسسة».
ومن جهة أخرى، أكد الأستاذ فارس أن هذه الحصيلة الرقمية والنوعية للعمل القضائي الصرف على أهميتها الكبرى، تعد جزء يسيرا من الرسالة الكبرى التي تقوم بها محكمة النقض بالنظر إلى موقعها الاعتباري، الذي يلزمها بمد إشعاعها وطنيا ودوليا من خلال مبادرتها إلى خلق الحدث القانوني والقضائي والعلمي والتواصلي والمشاركة في العديد من الأنشطة والأوراش المعرفية التي تدخل ضمن مخططنا الإستراتيجي الذي يرمي إلى تحقيق العديد من الأهداف والرؤى.
وذكر بالمناسبة بما ميز هذه السنة محكمة النقض من مبادرات هامة على المستوى الوطني والدولي، سواء على مستوى مشاريع التحديث والرقمنة، أوعلى مستوى تفعيل ميثاق المتقاضي، أو على مستوى استمرارية تكريس آليات التواصل والانفتاح من خلال العديد من الآليات والمقاربات، أو على مستوى انفتاح على الفاعلين في قطاع العدالة وطنيا ودوليا.
ومن جهته، قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، مصطفى مداح، إن افتتاح السنة القضائية الجديدة تميز هذه السنة بمستجدات غايةً في الأهمية، في مقدمتها مصادقةُ مجلسِ النواب على مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظامِ الأساسي للقضاة، في إطار تفعيل المرحلة الأخيرة من إصلاح منظومة العدالة، الذي يعد تتويجا لمسار إصلاحي طويل، آملا أن يتم الانتهاء من هذا الورش التشريعي في القريب العاجل، من أجل تدشين منعطف تاريخي جديد، يكلل بتنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية من طرف جلالة الملك، وتجسيد أهم التزامات الدستور على أرض الواقع، والسيرِ خطوة كبرى إلى الأمام على درب تعزيز الديمقراطية وتوطيد حقوق المتقاضين وضمانات المحاكمة العادلة.  
واعتبر مصطفى مداح أن ورش إصلاح العدالة ليس بالأمر السهل واليسير كما قد يتصور البعض، وإنما هو تعبئةٌ لعدد هام من الجهات والمؤسسات، وحشد كبير من الإمكانات والقدرات، مضيفا، أن المغرب استطاع المضي بثبات ونجاح، خطوة تلو الأخرى، إلى أن بلغ هذه المرحلةَ الحاسمة، وهي مرحلة التأسيس الفعلي للاستقلال المؤسساتي للقضاء، بصياغة مشروع قانون تم التوافق فيه حول القضايا الأساسية الكبرى، وحظيت فيه السلطةُ القضائية بتنظيم جديد ومستجدات رائدة غيرِ مألوفة حتى في الكثير من الدول المتقدمة، في مقدمتها إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية كمؤسسة دستورية يرأسها جلالة الملك، الضامن الأعلى للعدالة لكل المغاربة، وأن الرئيس الأول لمحكمة النقض هو الرئيس المنتدب لها، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض هو رئيس النيابة العامة، وخول لهذا المجلس، يضيف المتحدث، تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، وحمايةَ استقلالهم في إطار فصل السلط وتوازنها، وجعل المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية قابلةً للطعن أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، ومنح المجلس، بطلب من جلالة الملك أو الحكومة أو أحد مجلسي البرلمان، حق إصدار آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة ولاسيما مشاريع ومقترحات القوانين المتعلقة بوضعية القضاء ومنظومة العدالة. وهي مقتضياتٌ ترجمتِ الأهدافَ الإستراتيجيةَ الشاملةَ والمتعددةَ التي انتهت إليها الهيئةُ العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، بعدما حظيت مضامينُها بموافقة جلالة الملك.

Related posts

Top