كشفت مصادر جريدة بيان اليوم، أن الشرطة القضائية، تباشر تحقيقها في ملف نجاة زاهد المهاجرة المغربية بإسبانيا، ضحية “صانعة الأسنان”، منتحلة صفة “طبيب الأسنان” بالدار البيضاء.
وأوضحت مصادرنا، أن عناصر الشرطة القضائية، التي تنكب على هذا التحقيق، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، استمعت للمشتكية ضحية انتحال صفة “طبيب الأسنان”، وكذا إلى هيئة أطباء الأسنان بحر الأسبوع الماضي.
ودعت وزارة العدل الضحية نجاة زاهد، إلى سلك المساطر القانونية بشأن هذا الملف، بعد التقدم بشكاية في الموضوع، في الوقت الذي لم تتجاوب فيه بعض المؤسسات الخاصة بالتكوين المهني مع شكاياتها، علما أن الملف بات جاهزا لعرضه في الأيام القليلة القادمة على السلطة القضائية بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء.
ويأتي التحقيق في هذا الملف، في الوقت الذي تمكن فيه المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أول أمس الأربعاء، من توقيف 7 أشخاص ينشطون بمدينتي سلا ومكناس، من بينهم معتقلان سابقان بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وذلك للاشتباه في ارتباطهم بشبكة إجرامية متخصصة في التزوير واستعماله والنصب والاحتيال وانتحال صفة ينظمها القانون بغرض الاستيلاء على أموال عامة ومزاولة مهنة طب وجراحة الأسنان بدون ترخيص أو سند قانوني، والمس بالسلامة الصحية العامة للمواطنين.
وتشتكي نجاة زاهد من تعرضها لانتحال صفة “طبيب للأسنان”، من قبل سيدة صاحبة مؤسسة للتكوين في “صناعة الأسنان” بالدار البيضاء Ecole Marocaine Professionnelle Priveé، حيث دفعتها إلى الوقوع في كمين إجراء عملية جراحية على الأضراس الخلفية لأسنانها التي كانت تعاني من آلام الحادة فيها، بينما كانت الضحية ترغب في أخذ الاستشارة فقط.
ونتيجة خضوع نجاة زاهد للعملية الجراحية من قبل منتحلة صفة “طبيب الأسنان”، في انتهاك صارخ للقوانين التي تؤطر ممارسة هذه المهنة، تسبب ذلك في إصابتها بثقب ومضاعفات خطيرة على مستوى فكها العلوي، سيكلفها مصاريف مادية باهظة إلى جانب تعرض الضحية لاهتزازات نفسية بفعل ما ألم بها جراء هذا الحادث الذي أثر على استقرارها الأسري والعملي بين المغرب وإسبانيا، على حد تصريحها للجردة.
وحملت مصادر جريدة بيان اليوم، من داخل هيئة أطباء الأسنان، مسؤولية تفشي ظاهرة معاهد التكوين الخاصة ومحلات “صناعة الأسنان”، لوزارة الصحة والتعليم العالي والتكوين المهني والداخلية، حيث يتم التسامح مع الفتح العشوائي لهذه الأماكن المظلمة وغير المراقبة، برخص مضللة وبأسماء تخصصات لم يعترف بها بعد بالمغرب، الأمر الذي يجعلها مع كل مرة مصدرا لتهديد صحة فئات واسعة من المواطنين الذين من بينهم من يكافح مساطر تقديم الشكايات والتبليغ عن الحوادث التي يتعرضون إليها، مقابل انزواء فئات واسعة أخرى إلى الوراء تجنبا لتعقيد المساطر بهذا الشأن.
وتطالب مصادرنا بالضرب من حديد على كل المحلات التي ينتحل بها صفة طبيب للأسنان، وتجرى بها عمليات جراحية تؤدي بأصحابها إلى الهلاك، من قبل ما تعرضت له الضحية نجاة زاهد التي رفضت عرض منتحلة صفة طبيب “و.و” التي دعتها إلى تلقي علاج الثقب الذي دمر فكها علوي، في مؤسستها الخاصة بالتكوين في شعب غير مرخص لها (كـ Denturologie على سبيل المثال)، من قبل وزارة الصحة التي لم تحرك ساكنا بعد، عبر فتح تحقيق من قبل مصالحها بمندوبية وزارة الصحة بالعاصمة الاقتصادية.
وتدعو مصادر بيان اليوم الحكومة إلى التفاعل مع المستجدات التي طفت على الساحة الوطنية مؤخرا، من قبيل شكاية نجاة زاهد التي تعاني اليوم مع الحادث الأليم في فمها، وكذا إحباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية لعمليات النصب والاحتيال وانتحال صفة طبيب للأسنان يؤطرها القانون، من خلال القيام بحملات تواصلية لتوعية الناس بالاتجاه نحو الأطباء بدل صناع الأسنان الذين يستحيل أن يقوموا بعمليات جراحية، وكذا القيام بعمليات تمشيط ومراقبة واسعة عبر التراب الوطني لمحاربة المحلات العشوائية التي تهدد صحة المواطنين.
وفي هذا الصدد، ثمنت مصادر الجريدة، شن السلطات العمومية عبر مختلف مناطق التراب الوطني حملة واسعة على المحلات المفتوحة بالأحياء والأزقة التي ينتحل أصحابها صفة طبيب الأسنان.
يذكر، أن هيئة أطباء الأسنان الوطنية، كانت قد وضعت شكاية لدى وكيل جلالة الملك بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، بشأن ملف نجاة زاهد بعد تلقي شكاية من قبلها، وذلك استنادا إلى المادة 86 من القانون 05-07 المتعلق بهيئة أطباء الأسنان الوطنية.
وأفادت مصادرنا من داخل الهيئة، غضب تنظيم طب الأسنان من استمرار اشتغال مؤسسة التكوين الخاصة المذكورة أعلاه، التي تدعي تدريس شعبة Denturologieغير معترف بها من قبل المؤسسات العلمية الوطنية، نظرا لعدم وجود نصوص قانونية تنظم هذه الشعبة التي لا تعوض بأي شكل من الأشكال “طب الأسنان” الذي يدرس في كليات الطب بالمغرب.
وبحسب نفس المصادر، يستحيل أن تكون هذه المؤسسة حاصلة على ترخيص من قبل مؤسسات التكوين المهني، أو البحث العلمي، داعية السلطات العمومية والمندوبية الجهوية للتكوين إلى وضع حد لتجاوزات القائمين على هذه “المدرسة” الوهمية.
وترفض هيئة أطباء الأسنان، التساهل مع مثل هذه المؤسسات، التي تتحول إلى عيادات تستقبل المواطنين، الذين لا حول لهم ولا قوة، أمام ضعف قدرة التمييز بين الدخلاء على القطاع بالبلاد، حيث يتوجهون لمثل هكذا فضاءات لعلاج وتقويم أسنانهم، قبل أن يكتشفوا في الأخير أنهم كانوا ضحية للوهم والخرافة والدجل.
يوسف الخيدر