بالرغم من أوضاع التمزق التي تشهدها العلاقات بين بلدان المنطقة العربية والمغاربية، إلا أنه لازال بعض من الإصرار لبناء العمل العربي المشترك، وهذه المرة على مستوى الالتفات لأوضاع الأطفال وما يعنيه ذلك من ارتباط بالمستقبل، حيث شهدت العاصمة الرباط على مدى ثلاثة أيام تنظيم الدورة 22 لجنة الطفولة العربية، والتي خصصت لإعداد أجندة التنمية للاستثمار في الطفولة في العالم العربي في أفق 2030، والأطفال في وضعية الشارع، وخطوات تأسيس البرلمان العربي للطفل، وحماية أطفال فلسطين فى ظل الانتهاكات الإسرائيلية، وانعقاد المؤتمر العربي الخامس رفيع المستوى لحقوق الطفل المقرر تنظمه السنة القادمة 2019.
وشهدت الدورة 22 للجنة الطفولة العربية التي تختتم أشغالها يومه الجمعة، والمنعقدة بتعاون بين إدارة المرأة والأسرة والطفولة بالجامعة العربية، ووزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، تدارس مجموعة من التحديات والإشكالات التي ترتبط بالنهوض بوضعية الأطفال بالمنطقة العربية، من خلال طرح أجندة التنمية للاستثمار في الطفولة العربية إلى غاية 2030 وتشغيل الأطفال، والأطفال في وضعية الشارع، بالإضافة إلى المستجدات والمجهودات الوطنية والتشريعات الداعمة لحقوق الطفولة بدول المنطقة.
وذكرت بسيمة حقاوي وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية بالمغرب، في كلمة ألقتها باسم المغرب الذي يترأس هذه الدورة، بالأوضاع البئيسة لأطفال المنطقة العربية التي تعيش على وقع المخاض ومتغيرات سياسية واجتماعية، قائلة”إنه في ظل الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الغير مستقرة التي تعرفها بعض الدول بمنطقتنا العربية، يعيش الطفل العربي ظروفا إنسانية سيئة، حيث أن مجموعة من التقارير أشارت إلى أن هناك أطفالا يواجهون أخطارا عدة، كارتفاع معدل الوفيات في صفوفهم، نتيجة الفقر الشديد، وتدني مستوى الدخل الفردي، وتدهور الأوضاع المعيشية بما ينعكس سلبا على الوضع الصحي والتعليمي للطفل، كما تزداد نسبة التسرب في مراحل التعليم الأولى، وتنتشر الأمراض المرتبطة بسوء التغذية”.
ولفتت المسؤولة المغربية إلى أن الوعي بخطورة مشاكل الطفولة ضروري لأن القضية تتعلق بالمستقبل العربي، مشيرة إلى أنه على هذا الأساس، انخرطت الدول العربية، ولو بشكل متفاوت، في إعداد وإنجاز مجموعة من البرامج والخطط، بغية النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها، مستحضرة، في هذا السياق،
الدور بالغ الأهمية الذي تلعبه جامعة الدول العربية في اقتراح مجموعة من المبادرات، كالاستراتيجية العربية للنهوض بأوضاع الطفولة في المنطقة خلال المرحلة القادمة “2015-2030″، والتي تهدف إلى توحيد موقف عربي يكرس الالتزام برعاية الطفل العربي، وبناء سياج واقي متمثل في منظومة متكاملة تشمل مجالات التعليم والحماية والوقاية والصحة.
ودعت المسؤولة المغربية مجموع الأطراف المعنية إلى تحمل كامل مسؤولياتها تجاه أطفال الدول العربية، من خلال تفعيل القرارات والقوانين التي تكفل حماية الأطفال، استنادا للإعلانات الأممية والاتفاقيات الدولية في مجال حماية الأطفال، لا سيما الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989 والبروتوكولات الاختيارية الملحقة بها.
هذا مع العمل في الإطار نفسه على تحقيق رؤية وتفكير وفعل مشترك فيما بين بلدان المنطقة العربية لتحدي الإشكالات ومن أجل تأمين مستقبل الأطفال، خصوصا بفلسطين والدول التي تعرف حروبا أو نزاعات.
هذا وذكرت حقاوي بالأشواط التي قطعها المغرب في مجال حقوق الطفل ، في إشارة إلى الجهود التشريعية والتنظيمية التي بذلتها القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية وجمعيات المجتمع المدني لتكريس هذه الحقوق، إذ منذ المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1993، حققت المملكة المغربية تقدما كبيرا في مجال النهوض بهذه الحقوق، وهو مجال يحظى باهتمام كبير من طرف جلالة الملك محمد السادس، ، وتنخرط فيه مؤسسات الدولة وهيئات المجتمع المدني، مما جعله محورا مركزيا لعدد من البرامج ومخططات العمل، سواء التي سبق تنفيذها أو التي ما تزال قيد الإعداد.
وأضافت، أن هذا المسار من الجهود توجته المملكة بوضع دستور سنة 2011 الذي أكد على حق الطفل في الحماية كحق دستوري، وألزم الدولة بالسعي لـ “توفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية”.