يحيي العالم يوم 28 فبراير من كل سنة اليوم العالمي للأمراض النادرة، وهو اليوم الذي أقرته منظمة الصحة العالمية في سنة 2008، ليصبح إثر ذلك مناسبة تنتهزها الحكومات وهيئات المجتمع المدني من أجل تسليط الضوء على معاناة ملايين المرضى وعائلاتهم، في ظل صعوبات لا تتعلق بطبيعة الأمراض النادرة فقط، بل أيضا بالأنظمة الصحية والظروف الاجتماعية التي يعيش ضمنها هؤلاء المرضى.
والأمراض النادرة اضطرابات صحية تصيب نسبة ضئيلة من سكان بلد ما، ويختلف تعريف الأمراض النادرة من بلد لآخر من حيث نسبة الإصابة، فمثلا في الولايات المتحدة يعتبر مرضا نادرا كل مرض يصيب أقل من 200 ألف من السكان، أما الاتحاد الأوروبي فيعرفه بأنه الذي يصيب أقل من خمسة أشخاص من بين عشرة آلاف في منطقة معينة.
ويقدر أن هناك أكثر من 60 مليون شخص مصاب بالأمراض النادرة في أوروبا وأميركا الشمالية فقط، منهم 3.5 ملايين في بريطانيا وحدها، وهناك ملايين أخرى في بقية دول العالم.
وأغلب الأمراض النادرة جيني المنشأ، أي أنها ناتجة عن خلل في المادة الوراثية، ولكن هناك في نفس الوقت فئة من الأمراض النادرة التي لا علاقة لها بالعامل الوراثي، إذ تنتج عن عوامل أخرى مثل العدوى أو الحساسية أو العوامل البيئية. وقد تؤدي هذا الأمراض إلى المرض المزمن أو الإعاقة أو الموت المبكر، وفي كثير من الأحيان لا يتم تشخيصها بشكل سليم، كما قد تكون معقدة، وكثيرا ما لا يكون لها علاج أو يكون غير فعال.
ويقدر عدد الأمراض النادرة بين ستة وثمانية آلاف مرض، ومن تم فإذا جمع عدد المصابين بها فإن هذا يجعل منها أمراضا غير نادرة في الحقيقة، وعلى سبيل المثال، تفيد إحصائيات منظمة الصحة أن واحدا من كل 17 شخصا في بريطانيا سيصاب بأحد الأمراض النادرة في مرحلة معينة من حياته. ويعد الأطفال من أكثر ضحايا الأمراض النادرة، إذ أن 50% من المصابين بها هم من الأطفال، كما أن 30% من المصابين يموتون قبل أن يحتفلوا بعيد ميلادهم الخامس.
ومن بين الأمراض النادرة المعروفة، الهيموفيليا، الثلاسيميا، الضمور العضلي الدوشيني، التليف الكيسي، متلازمة أنجلمان ، متلازمة مثلثية الرأس، ومرض الفينيل كيتونوريا.
ويقول الخبراء إنه على الرغم من اختلاف أعراض هذه الأمراض ونتائجها، تبقى المشاكل التي يواجهها أغلب المصابين متشابهة، ومنها عدم وجود تشخيص دقيق وصحيح وتأخره، وعدم وجود معلومات كافية ونوعية، وأحيانا معارف علمية عن هذه الأمراض، والمساعدات الطبية اللازمة وصعوبة الحصول على العلاج اللازم.
صعوبات التشخيص وعبء العلاج
من أهم الصعوبات التي يواجهها مرضى الأمراض النادرة المختلف، صعوبة التشخيص، إذ قد يزور المريض الكثير من الأطباء قبل معرفة المرض الحقيقي، وهذا يعني أن التشخيص قد يتأخر في كثير من الأحيان. كما أن المريض يحتاج إلى ا إلى رعاية طبية متخصصة تختلف عن غيرها من الأمراض، فضلا عن العبء المادي على المريض وعائلته الناجم عن الحاجة إلى علاج خاص لهذا المرض، والذي غالبا ما يكون باهظ الثمن، وهو ما يتطلب تقديم الدعم للمرضى سواء من الدولة أو من هيئات المجتمع المدني. في كثير من الأحيان لا يوجد علاج فعال للمرض، ما يؤدي إلى زيادة الألم والمعاناة التي يعيشها المصابون وذووهم.
كل ذلك ينتج عنه سوء الحالة النفسية التي يعيشها المصاب وعائلته، وذلك بسبب الشعور بأنهم معزولون عن المجتمع بسبب طبيعة المرض أو ندرته، مما يتطلب تقديم الدعم النفسي والمجتمعي لهذه الفئة.
الأمراض النادرة في المغرب
منذ سنوات، لم يكن الحديث ممكنا عن معاناة مرضى الأمراض النادرة في المغرب، وذلك لغياب معلومات كافية حول نسب انتشار المرض نظرا لصعوبات التشخيص والعلاج كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وكان الامر مقتصرا على جهود بعض الأطباء واسر المرضى الذين انتظموا لاحقا في جمعيات للمجتمع المدني شرعت في العمل بإمكانيات محدودة للتعريف بهاته الأمراض وبمعاناة المرضى وتوعية المواطنين بها وكذا الترافع حولها لدى السلطات المعنية. ومنذ حوالي سنة، في فبراير 2016، التأمت هذه الجمعية تحت لواء “الائتلاف الوطني للأمراض النادرة بالمغرب” الذي أصبح يضم 7 جمعيات ناشطة في هذا المجال، تختص في الأمراض الاستقلابية الخلقية، الأمراض الليزوزومية، عوز المناعة الأولي، مرض الوهن، الحمى المتوسطية العائلية، ومرض السيلياك في شكله النادر غير المستجيب للحمية الخالية من الغلوتين، وأمراض المناعة الذاتية، وذلك بهدف على توحيد جهود هذه الجمعيات وإيصال صوتها بطريقة أفضل لمختلف ألفعاليات المعنية، من مهنيي الصحة وباحثين ومهنيي الصناعة الدوائية والسلطات الحكومية.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة ورسمية حول الامراض النادرة بالمغرب، إلى أن أبحاث بعض الجمعيات قدرت عدد المصابين بها بحوالي مليون ونصف المليون شخص. ويقدر الائتلاف “الائتلاف الوطني للأمراض النادرة بالمغرب” بأن هناك 8000 مرضا نادرا ينخر صحة أطفال المغرب في صمت ويقضى على حياتهم.
ويطالب الائتلاف بضرورة تنفيذ المغرب لتوصيات منظمة الصحة العالمية ببذل المزيد من الجهود في توضيح المشاكل المتعلقة بهذه الأمراض، وأهمية تخصيص الأموال اللازمة لمعالجتها، وضرورة تقديم المساعدات اللازمة إلى المصابين بها. ويعتبر الائتلاف، الذي أصدر، مؤخرا، بلاغا حول هذا الموضوع، توصلت بيان اليوم بنسخة منه، أن الجهود التي تبذلها وزارة الصحة من أجل التكفل بهدف الفئة من الأمراض يجب أن تندرج ضمن مخطط وطني للتكفل بهذه الأمراض يضمن، فضلا عن إجراءات الوقاية القبلية، ضمانات العلاج والتكفل بالمرضى بما يخفف من حدة معاناتهم ومعاناة أسرهم.
سميرة الشناوي