الأمن التعليمي: العقاب مسلك والوقاية مطلب

يعتبر المفهوم الحقيقي للأمن التعليمي، وإن كان جزء من الأمن العام المتفرع، والمفروض ترسيخه في كل القطاعات وكل مناحي الحياة، المنطلق الحقيقي والضامن لحياة باقي متفرعات الأمن العام الأخرى. فالأمن التعليمي يعني الشعب المغربي بكل ألوانه وفئاته. الكل يعرف أنه يعرف قصورا وارتباكا بسبب غياب دعم ومساندة كل الأطراف المعنية. المواطن المغربي لابد وأن يكون طرفا في المنظومة التربوية. فهو موظف بالقطاع التربوي، أو تلميذ أو طالب أو ولي أمر أحدهما، أو مسؤول بقطاع عمومي أو خاص، مؤثر أو متأثر بالقطاع التربوي. وهو ما يجعل من الأمن التعليمي مسلكا وجسرا لتحقيق الأمن العام الذي يدخل ضمن لائحة الواجبات والحقوق الخاصة بالفرد والجماعات. ويتطلب تداخل وتضافر جهود الكل من أجل تحقيقه. تعتبر الدولة الجهاز الوصي والحامي للأمن العام. لكن يبقى عملها في حاجة إلى أجهزة وأيادي وطنية بيضاء داعمة تواكب وتقترح وتشارك، من أجل إرساء أسوار الأمن العام وتمتين بنيانه. ما يميز الأمن التعليمي عن باقي تجليات الأمن العام. إن الأطراف المعنية بهذا الأمن «أطر تربوية وإدارية وأولياء أمور التلاميذ..»، لها من الإمكانيات العلمية والثقافية والمعرفية ما يمكنها من إعطاء دفعة كبيرة لتنمية وتطوير الأمن التعليمي وجعله أكثر فاعلية بسلك أساليب التحسيس والتوعية والمراقبة والتتبع.. يساعدها في ذلك الزمن المدرسي والمكان. وكون التلاميذ والطلبة والأطر يجمعهم الحرم المدرسي والجامعي و مرافقه العمومية والخاصة التي بنيت وجهزت لهذا الغرض. وتجمعهم الرغبة في التدريس والتحصيل واللقاءات اليومية الخاضعة لبرامج وحصص مقننة. لكن ما يحد من فاعلية الأمن التعليمي، اعتماده على الجزر. وانكباب راوده على الاجتهاد في الطرق والآلية التأديبية، وغياب مبادرات ترسخ للتحسيس والتوعية، باستثناء ما «يطبل» به خلال الأيام الوطنية والدولية والمناسباتية. كما يبقى سيفا ذو حدين في أيادي العناصر الأمنية والدركية مثلا. باعتبار أن المديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العامة للدرك الملكي، لا تمتلكان معاهد لتكوين عناصر الأمن المدرسي. وأن هناك عناصر أمنية ودركية لا يعقل أن تكون ضمن تلك الخليات المكلفة بالأمن المدرسي بالنظر إلى سلوكياتهم وطرق تعاملهم. كما لابد من أن يكون لقضايا العنف المدرسي محاكم ومراكز قضائية تربوية، بقوانين تراعي هذا العنف (الشغب). الذي يتحول في عدة مناسبات إلى جرائم. لكن تلك الجرائم تبقى لها أوضاعا خاصة باعتبار نوعية مقترفيها. والأسباب التي أدت إلى وقوعها. وباعتبار أن الجناة قاصرين، وهم في عهدة المدارس. ولا يحق لها أن تخذل الآباء والأمهات. وتنتج بدلا من الكفاءات والكوادر مجرمين ومنحرفين. لهذا أوصي بإيجاد آليات تربوية صرفة لضمان الأمن الوقائي، وتفادي ما أمكن الأمن الزجري. وخلق مجالس للأمن التربوي داخل كل مؤسسة تعليمية تراعي الخصوصيات المحلية. تشكل من ممثلين عن كل الفاعلين التربويين والشركاء. مع إجبارية تعميم خلايا الإنصات بكل المؤسسات التعليمية. وإدماج الأنشطة التربوية ضمن البرامج التعليمية الخاضعة للتقييم. بالإضافة إلى ضبط وتصحيح وتقويم الشغب أو التجاوز البسيط الصادر من التلميذ لكي لا ينمو ويتحول إلى عنف وجريمة. ويكفي تدريس التلميذ لمدة نصف يوم فقط، وفسح المجال للثقافة والترفيه والرياضة في النصف الثاني من اليوم، باعتماد أندية خاصة. كما يجب سلك نمط تعليمي يعتمد نظام التنقيط (goute a goute ) كما هو معمول به في السقي الفلاحي. وإحداث دفتر ثقافي ورياضي لكل تلميذ إلى جانب الدفتر الصحي المهمل. يقدم ضمن ملف التلميذ عند ولوجه التعليم الأولي الرسمي أو التعليم الابتدائي. يكون بمثابة دفتر هوية وهواية وثقافة وإبداعات التلميذ. يستعان به من أجل التوجيه داخل الأندية التربوية وخارجها.
لن نتمكن من إفراز حماية أمنية للتلاميذ والطلبة والأطر التربوية والإدارية للمدارس والجماعات، إلا بترسيخ مفهوم الأمن الوقائي. لأن الوقاية وتفادي الوقوع في الشغب والجريمة، خير من كل المحاولات اليائسة في فرض أنواع مختلفة من التأديب والعقاب وتضميد الجراح. فإن كان العقاب خيار ومسلك لزجر الشغب. فإن الوقاية مطلب يفرض اعتماده كآلية استباقية بإمكانها لتخفيض معدل الشغب والعنف المدرسي والجامعي.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top