الاقتصاد المغربي يشكو بطالة مرتفعة وعجزا تجاريا مزمنا

أفادت نشرة المندوبية السامية للتخطيط بأن العجز التجاري ارتفع ب42.9 في المائة إلى 65.57 مليار درهم، مع زيادة الواردات ب34.1 في المائة إلى 165.55 مليار درهم، والصادرات ب29 في المائة إلى 99.98 مليار درهم.
كما أفادت النشرة ذاتها بأن الاقتصاد المغربي فقد 58.000 منصب شغل ما بين الفصل الأول من سنة 2021 ونفس الفترة من سنة 2022. وسجل معدل التغطية خسارة ب2,4 نقطة ليستقر عند 60.4 في المائة مقابل 62.8 في المائة.
ويعتمد المغرب بنسبة تفوق 50 في المائة من استهلاكه للطاقة على النفط، ولكونه دولة غير منتجة للنفط فإن واردات الوقود تشكل نسبة كبيرة من الواردات، وترتفع تلك النسبة بارتفاع أسعار النفط كما هو الحال في العام الحالي.
ولكون المغرب دولة مستوردة للمواد الغذائية، خاصة الحبوب، فإنه تأثر بارتفاع سعر القمح، وكذلك بارتفاع سعر طن الذرة والسكر، وهو ما زاد من فاتورة الواردات المواد الغذائية بنسبة 24.3 في المائة.
ورغم تضاعف صادرات الفوسفاط ومشتقاته والتي بلغت 24.54 مليار درهم حتى متم مارس 2022، مقابل 13,43 مليار درهم خلال الفترة نفسها من السنة الماضية إلا أن الوزن النسبي للفوسفاط من مجمل الصادرات ليس كبيرا، وبما يؤدي في المجمل إلى استمرار العجز في الميزان التجاري، وهو العجز التجاري السلعي المستمر بلا انقطاع منذ سنوات عديدة.
ورغم تحسن نسبة التغطية في العام الماضي، إلا أن ذلك ارتبط بتراجع الواردات نتيجة انخفاض أسعار النفط وتأثير فيروس كورونا على التجارة الدولية.
ورغم تحقيق المغرب فائضا مستمرا في ميزان تجارة الخدمات بفضل الإيرادات السياحية، إلا أن العجز التجاري السلعي عادة ما يكون أكبر من الفائض الخدماتي، كما أن تحقيق إيرادات من تحويلات العمال المغاربة بالخارج، لم يمنع من أن يصيب العجز ميزان المعاملات الجارية.
عامل آخر مؤثر في الاقتصاد المغربي وهو عدم استقرار التغيرات المناخية، حيث يعتمد القطاع الأولي على سقوط الأمطار، علما أنه يستوعب حوالي ثلث العمالة، وهكذا تؤثر فترات الجفاف كما يحدث باليوم ليس فقط على نقص إنتاج المحاصيل الزراعية الاساسية، بل أيضا على فرض العمل، إذ حيت فقد المغرب، حسب نشرة مندوبية التخطيط 148.000 منصب شغل بالوسط القروي، عقب فقدان 202.000 منصب في السنة ما قبلها.
ويحاول النشاط السياحي جاهدا الخروج من عنق الزجاجة بعد معاناة قاسية من تداعيات فيروس كورونا أدت إلى تراجع تلك الإيردات، مع انخفاض عدد السياح الواصلين.
وعموما، تأثر الاقتصاد المغربي بحالة الانكماش في العديد من الدول الأوروبية؛ وهو أمر لم يحدث خلال العشرين عاما الماضية، فرغم ظروف الجفاف في بعض السنوات والتي تؤثر عادة على انخفاض معدل النمو، إلا أنه ظل موجبا طوال تلك السنوات العشرين.
وتمثل أوروبا بحكم القرب الجغرافي والعلاقات التاريخية الشريك التجاري الأكبر، حيث يبلغ نصيبها من التجارة الخارجية في المتوسط 66 في المائة، ومتوسط نصيبها من السياحة الأجنبية الواصلة 78 في المائة، كما تستوعب الدول الأوروبية الكم الأكبر من الجالية المغربية بالخارج، وبالتالي النصيب الأكبر من تحويلات تلك العمالة.
ويتضح من كل هذه الأرقام والمعطيات السلبية أن الاقتصاد المغربي لا زال يشكو من معضلة اللا تمفصل والتبعية الهيكلية للعديد من العوامل نذكر منها أساسا الظروف المناخية، والنمو المتوقع في الدول الأوروبية، والهزات العالمية كما يحدث اليوم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، ما يدفع إلى زيادة الاقتراض الخارجي خاصة من صندوق النقد الدولي.

< مصطفى السالكي

Related posts

Top