أعلن الدكتور عز الدين بونيت، الأستاذ الباحث بجامعة ابن زهرـ أكادير أن الانكباب على تحليل المهن الثقافية وفهم خصوصيتها هو الخطوة الأولى نحو تثمين كل سلسلة من السلاسل الثقافية، فضلا عن كونه يشكل منطلقا لتخطيط سياسي يستجيب لحاجيات كل قطاع، وفق برنامج عمل مرقم ومحدد العمليات والأهداف والمؤشرات ومصادر التمويل وأشكاله.
وأوضح الأستاذ بونيت، الخبير في مجال السياسات الثقافية في محاضرة افتتح بها أشغال “الملتقى الجهوي الثالث للسياسات الثقافية المحلية” الذي اختتم أمس بمدينة تيزنيت، أن الاهتمام انكب خلال هذا الملتقى على تنزيل هذا التصور إزاء أربع سلاسل ثقافية في جهة سوس ماسة، وذلك قصد الوصول إلى بلورة رؤية متقاسمة بين كل الأطراف لتوحيد صيغ التدخل وانسجامها وضمان فعاليتها وإمكانية تقويمها.
وتهم هذه السلاسل “المقاولة الثقافية والمشروع الثقافي”، و” تحديات صناعة الكتاب بالمغرب”، و”النشاط التشكيلي بالمغرب تحديات التثمين”، و”الفنون الحية والإنتاج السمعي البصري بالمغرب: المؤهلات والتحديات”.
ولاحظ الأستاذ بونيت أنه “بالرغم من خطاب النوايا الحسنة الذي يعبر عنه المسؤولون في كل المناسبات، فما زلنا نلمس أن الثقافة تعتبر عندنا غير متلائمة مع الاقتصاد والمال ومفاهيمهما. كما أنه ما زلنا نظن أن الفعل الثقافي هو شأن المثقفين والمهووسين بالفن والأدب، وأنه بهذه الصفة منذور فقط للممارسة الذاتية والنمو التلقائي بلا حاجة إلى التخطيط والعناية والتعهد”.
وسجل أن الحديث عن مفهوم السلاسل الثقافية الذي يعكس طبيعة الممارسة الثقافية المنتجة، باعتبارها ممارسة مهنية، في حاجة إلى الهيكلة والمواكبة والتدخل في كل حلقة من حلقاتها، مبرزا أن هذا التصور هو المقصود بمفهوم التخطيط الشمولي والمندمج.
وأضاف في السياق نفسه، أن السياسة الثقافية “هي التدخل الناجع وفق تخطيط ناجع من أجل بلوغ أهداف محددة بدقة. واليوم نعتبر أن هذا التخطيط لا يمكن أن يحقق النجاعة المرجوة دون تحليل معمق لكل مراحل الإنتاج الثقافي وحلقاته”.
وأكد من جهة أخرى أن الحاجات الثقافية هي جزء من الحاجات الأساسية للجماعات والأفراد، ولا وجه للمفاضلة بينها وبين بقية الحاجات الأخرى. وعلاوة عن ذلك فمن غير الملائم تجزئتها أو إسناد الاهتمام بها إلى المبادرات الفردية أو الذاتية وحدها. كما أنها غير قابلة للتأجيل أو الإلغاء والتجاهل، بدعوى وجود أسبقيات تنموية أخرى.
وخلص الأستاذ بونيت إلى القول بأن السياسة الثقافية موضوعها هو تلبية هذه الحاجات، والوفاء بالالتزامات التي يرتبها الدستور على الدولة والجماعات الترابية، فيما يخص ضمان الحقوق الثقافية للمواطنين، وتمكين المواطنين من ممارسة هذه الحقوق، وضمان استدامة الإبداع الثقافي وتجدده، فضلا عن الحفاظ على القيم والخبرات المشتركة لكل أفراد المجتمع، وثروته الرمزية.
للإشارة، فإن “الملتقى الجهوي الثالث للسياسات الثقافية المحلية ” الذي نظم من طرف كل من مجلس جهة سوس ماسة، و مركز سوس ماسة للتنمية الثقافية، ومجلس الجماعة الحضرية لتيزنيت، والمجلس الإقليمي لتيزنيت، والمديرية الجهوية للثقافة لسوس ماسة، وجامعة ابن زهر ـ أكادير، يهدف إلى تحقيق مجموعة من الغايات يمكن اختزالها في بلورة رؤية موضوعية وشمولية لإدماج الاقتصاد الثقافي في مسلسل التنمية المستدامة، وتثمين المؤهلات الثقافية لجهة سوس ماسة.
الباحث عز الدين بونيت يحاضر حول المهن الثقافية
الوسوم