البحث في مصداقية التقارير وموضوعيتها

انعقدت مؤخرا بالرباط، ندوة حول « أساليب تقييم الحريات العامة « نظمها مركز البحث العلمي لجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء، افتتحها الأستاذ عبد الله أونير (أستاذ بكلية الحقوق بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة)، حيث قدم مدخلا أبرز فيه أهمية اللقاء وإشكاليته المتمثلة في تسليط الضوء على مناهج وكيفيات إعداد التقارير المتعلقة بأوضاع الحريات وحقوق الإنسان من طرف المنظمات والهيآت الحقوقية الدولية والوطنية، سواء كانت تقارير عامة أو موضوعاتية.
  الأستاذ طارق النشناش رئيس المركز، تناول التجارب السابقة التي أشرف عليها ومنها المساهمة في النقاش العام من خلال موقع أنشأه أثناء إعداد الدستور. وثانيا مبادرة participe.ma والتي انصبت على مسودة القانون الجنائي، حيث وضع الموقع أسئلة لإبداء الراي بشأن الجرائم والعقوبات التي وردت في هذه المسودة.  وتوقف عند تعدد أساليب إعداد التقارير المتعلقة بالحريات العامة ومنهجياتها . وشدد على ضرورة اعتماد التكنولوجيا الحديثة لرصد الانتهاكات وتحليلها.
وأبرز النشناش سياق الندوة التي تأتي في سياق المشروع الجديد الذي اتخذ له المركز موقعا يحمل إسم www.FreedomReporter.org   ويغطي خمس دول هي بالإضافة إلى المغرب كلا من تونس ولبنان والأردن والكويت. حيث يهدف إلى إشراك المواطن في رصد وتقييم الحريات العامة. ويستند على نقاش علمي وليس سياسي. موضوعي محايد وليس منحاز.   
  وفي تطرقه للتقارير التي تصدرها المنظمات الدولية وحتى بعض الدول، خلص النشناش إلى أن هناك العشرات من المناهج والمؤشرات تتباين أحيانا في خلاصاتها وتصنيفاتها.
‏   Luis Fernado Medina الأستاذ بجامعة كارلوس 3 بمدريد،   استعرض    بعض التجارب الدولية حول تقييم الحريات العامة «. وقد انطلق في عرضه من حالة كولومبيا   التي تعيش منذ أكثر من ثلاثين سنة على إيقاع عدم استقرار توسعت خلالها   انتهاكات حقوق الانسان من طرف الأطراف المتحاربة ومنها القوات النظامية للدولة المركزية.
وأبرز المتحدث بأن ضمانات إقرار الحريات وحقوق الإنسان واحترامها بكولومبيا ضعيفة في الممارسة وحتى في اللجوء إلى المؤسسات الدستورية. وضرب ذ. فرنادو مدينا مثلا بالمحكمة الدستورية التي تشتغل بالإضافة إلى مقتضيات الدستور على تقاليد دستورية رتيبة وبطيئة. وتناول قضية المشروعية التي اعتبرها حجر الزاوية في تقييم أوضاع الحريات العامة، إذ من شأنها أن تضفي بعضا من المصداقية في مجالي المؤشرات والرصد والتتبع.
  وباسم أمنيستى، قدم مديرها بفرع المغرب الأستاذ محمد السكتاوي عرضا حول « منهجية صياغة تقارير منظمة العفو الدولية «، أوضح في بدايته أنها تهتم بأوضاع حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم دون استثناء. وتدعم جميع الدول لكي تتخذ الإجراءات اللازمة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان والوفاء بالتزاماتها». وأن التقارير التي تصدرها   « تستحضر وتضع الانتهاكات وقراءتها لها على ضوء البنية السياسية للدولة والبنية الاجتماعية    والإطار القانوني ونظام العدالة: هل هناك ضمانات دستورية وتشريعية لحماية الحقوق والحريات؟ وهل هناك قضاء يتمتع بالاستقلالية؟
 وفيما يتعلق بصياغة التقرير، أوضح ذ. السكتاوي على أن معدوه ينطلقون أولا من معرفة مدى التحولات التي يشهدها حقل الحريات وحقوق الانسان، وثانيا تحليل وتوثيق الحالات المتمثلة في الانتهاكات. وثالثا الاستناد على مصادر موثوقة وذات مصداقية.
العرض الرابع كان موضوعه «الوسائل المثلى لتقييم الحريات العامة « قدمه إدريس بلماحي (عضو مركز دراسات حقوق الانسان والديمقراطية)، تناول فيه أربع قضايا:
  أولا؛ هيئة الإنصاف والمصالحة، حيث قامت بتقييم للسياسات العمومية في مجال حقوق الانسان والحريات. وشكلت نتائجها برنامج عمل وشبكة مؤشرات، لكن بعد عشر سنوات من نشر تقريرها هي نتائجها تتفكك، بسبب أن الدولة تقترح إجراءات كبيرة جدا لكنها لا تتوفر على استراتيجية في المجال شأنها شأن الفاعل السياسي.
  ثانيا؛ اختلاف زاوية التقييم تجاه التقارير المتعلقة بحقوق الانسان والحريات. فمن جهة هناك النظرة الحقوقية التي تتعلق بتقارير منظمة العفو الدولية ومنظمة HRW. ومن جهة ثانية هناك النظرة السياسية لتقارير وزارة الخارجية الامريكية. وهناك القراءة المؤسساتية المتعلقة باللجان التعاهدية المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليه المغرب وعددها 9.
  ثالثا؛ غياب سياسة عمومية واضحة المعالم»، وبالتالي فالإجراءات المتخذة لا يبقى لها اثر بعدما يذهب الأثر الإعلامي.
  العرض الخامس بالندوة قدمه   رئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير محمد العوني، الذي استهل مداخلته بتقديم المبادئ التي تتأسس عليها المنظمة التي يرأسها، ومن بينها الدفاع عن حرية التعبير والإعلام وجعلها ليس فقط من انشغالات الصحفيين والحقوقيين بل كذلك هاجس المجتمع. وقد انعكس ذلك على تركيبة الأجهزة المسيرة لمنظمة حاتم التي تضم أعضاء من مشارب مختلفة وانشغالات متعددة.
   وتناول عرض ذ.العوني تجربة مرصد الحريات الذي أنجزته المنظمة ووضعت له موقعا الكترونيا يحمل اسم marsadhouriyat.org هو ثمرة مسار من عمل «حاتم» وشرعت في استخدامه منذ سنة 2014. وهو مخصص ل «تجميع ومعالجة ونشر انتهاكات حرية الإعلام بالمغرب».
  وتميزت الندوة بتقديم طارق النشناش للموقع الذي يشرف عليه مركز البحث العلمي التابع لجامعة مونديابوليس: www.freedomreporter.org. وأبرز الفيديو التوضيحي كيفية اشتغاله وقنوات التبليغ عن الانتهاكات والتحقق من مصداقيتها وتحليل الوقائع من طرف فريق قانوني في أفق نشر تقرير على الموقع يجرد ويصنف هذه الانتهاكات.

بيان24

Related posts

Top