التجربة الإيطالية

 تتخذ السينما من الصوت والصورة في حالة الثبات والحركة، أدوات لمخاطبة المشاعر الإنسانية، عبر تحويل للنص المكتوب، من وجود على الورق إلى وجود بالفعل، وتمنحه القدرة على الولوج إلى مخيلة المتلقي بشكل أكثر يسرا وسلاسة، ومن تم إحداث  أعمق التأثير، وفقا للأهداف التي يقصدها العمل.. وقد غدت السينما على رأس أدوات الثقافة والرصد المعرفي في عصرنا، لما وفرته من تلخيص وإيجاز للأفكار، ومرونة في التواصل، بهامشها الواسع من التطور التقني، وسبل تمرير الأفكار، ومنح المتلقي قدرة على التخييل والتقاط الرموز.. والمتتبع لتاريخ السينما في العالم، حسب المدارس أو دول المنشأ، لا شك سيعبر ركاما من الأشرطة ليلتقط في الأخير لحظات إبداعية، هي عبارة عن محطات استثنائية لمخرجين كبار واستثنائيين.
 والمتابع الشغوف بالفن السابع على الخصوص، لا شك ستستوقفه جاذبية وسحر السينما الإيطالية وستبهره قدرتها على خلق وتطوير لغة سينمائية جادة عكست واقع المجتمع الإيطالي وما يعتمل فيه من قضايا كالسياسة، الجريمة الفساد وكفاح الناس البسطاء في الحياة اليومية وغيرها من الأمور، جلبت الإشادة والتنويهات من نقاد الفن السابع في العالم.
 ورغم أن السينما الايطالية الجديدة لم تشكل اتجاها أو مدرسة بالمعنى المتعارف عليه – كما حدث مع السينمائيين القدامى رواد المدرسة الواقعية الجديدة: من أمثال روسلليني، فيسكونتي، دي سيكا، فلليني وانتونيوني وغيرهم من رواد العصر الذهبي-  فإنها ظلت تعطي الانطباع الدائم بالقدرة على الحياة، حيث شهد العالم  في ثمانينات القرن الماضي، نهضتها القوية من خلال مجموعة من المخرجين المستقلين الذين تأثروا بتيارات الواقعية الجديدة، وحققت أفلامهم رواجاً ونالت نجاحات كبيرة داخل وخارج إيطاليا، وتم الاحتفاء بهم في مهرجانات السينما وتظاهراتها الكبرى من أمثال: بيرتولوشي، موريتي، بوبي أفاتي، فرانسيكو روسي، تورناتوري والمخرجة روبيرتا تاتوري.
 وجدير بالذكر أن من بين العلامات الكبرى في تاريخ السينما الايطالية المخرج والسينارست الإيطالي إيتوري سكولا  الذي خلف إرثا يقدر بعشرات الأفلام، بينها41 حملت توقيعه كمخرج، وأكثر من 90 ككاتب سيناريو، وتضم عناوين كثيرة، بينها «ليلة في فارين» (1982)، و«كم الوقت الآن؟» (1989)، و«رحلة القائد فراكاسا» (1990)، ومن بين أبرز أفلامه «قبيح، قذر وسيء» الذي حاز جائزة أفضل مخرج في مهرجان كان السينمائي الدولي سنة 1976،  و«يوم خاص» الذي كتبه وأخرجه وحاز به جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي خلال السنة الموالية، كما أنجز ايتوري سكولا العديد من الأشرطة الواقعية للحزب الشيوعي الايطالي الذي كان أحد أعضائه البارزين.

سعيد الحبشي

Related posts

Top