هل يعتبر السكر من المواد التي يمكن الإدمان عليها مثل المواد المخدرة، سؤال تثيره العديد من البحوث التي تضع فرضيات مخيفة حول الرغبة الدائمة في تناول السكريات والمحليات.
يعتبر الباحث المختص في الإدمان أحمد سيرج أن الإقبال على استهلاك السكر يعد شبيها بالإدمان، ويؤكد أن السكر لا يستهلك صافيا أي أنه يخضع لعمليات تكرير وتصنيع كما يدمج مع العديد من المكونات والمواد الغذائية، وهو ما يجعل إثبات الإدمان عليه أمرا معقدا وصعبا، ويشبه الباحث السكر هنا بالكحول التي نادرا ما تستهلك صافية والتي يضاف إليها في الكثير من الأحيان كميات متفاوتة من السكر.
نفس الشيء بالنسبة لمادة النيكوتين وهو ما يدفع الباحثين إلى اعتماد المعطيات البيولوجية التي يمكن الحصول عليها بعد القيام بالتجارب على الحيوانات المخبرية، حيث يتم تجريب هذه المنتجات منفصلة ومعزولة عن بقية المواد.
وأظهرت التجارب المخبرية، بحسب سيرج مدير مركز “سي.أن.آر.أس” في بوردو بفرنسا، أن كل الحيوانات ما عدا تلك التي ليست لديها مستقبلات السكريات مثل القطط، تستهلك بشراهة كميات السكر التي تقدم إليها وترغب أكثر في تناول السكر الصافي. وتصل هذه الحيوانات إلى مرحلة تطلب فيها زيادة في الاستهلاك تفوق قابليتها الطبيعية وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تغييرات سلوكية ونفسية وأخرى في الدماغ.
وتطرقت البحوث إلى ردة فعل الحيوانات المخبرية عندما يتم فطمها عن السكر، وتبين وفق ما نشره موقع “بسيكولوجي” نقلا عن سيرج أن الحيوانات المخبرية التي تعودت على الاستهلاك الزائد للسكر عند حرمانها منه أصبحت متوترة وأظهرت جميع سلوكيات الحيوانات التي تشكو نقصا ما علامات مثل العلامات التي تظهر عندما يفطم الإنسان عن مواد مخدرة مثل المورفين أو الهيروين.
ويضيف سيرج “على مستوى الدماغ لاحظ فريق البحث نفس التغييرات التي تظهر عند الحرمان من الهيروين والكوكايين ومن بينها التغير في مستويات الدوبامين، التي تعد الناقلات العصبية المرتبطة بآثار إدمان المخدرات.
وتنخفض مستويات الدوبامين بصفة ملحوظة ما يدفع الحيوان إلى البحث وبكل السبل عن المادة التي يفتقدها وهي السكر من أجل استعادة التوازن في مستوى الدوبامين”. ولاحظ الباحثون زيادة في مستويات التوتر والضغط العصبي في الدماغ والتي تظهر في حالات الهلع والخوف والقلق الشديد.
لكن ظهور هذه الحالة من الشعور بالنقص هل يؤكد إمكانية الإدمان على السكر؟ ويقول سيرج إنه للإجابة على هذا السؤال يجب التعريف بمفهوم الإدمان، وهو قبل كل شيء اضطراب عقلي ونفسي يميز بالعديد من الأعراض وخاصة فقدان القدرة على التحكم في سلوك الاستهلاك.
ولتشخيص فقدان القدرة على التحكم من الضروري أن يشعر المستهلك ويعبر عن أنه يرغب في وقف استهلاك مادة بعينها أو الحد منها لأنه أدرك أن استهلاكه لها مفرط وأنها تؤثر سلبيا على صحته، لكن عدم الإحساس بالرغبة في التوقف لا ينفي وقوع الإدمان.
وفي ما يخص استهلاك السكر فإن العديد من الأشخاص يريدون التوقف عن ذلك لكنهم لا يستطيعون، يؤكد الباحث في الإدمان “في كل حالات الإدمان تعد المراهقة المرحلة الأكثر دقة وخطورة، فالمراهقون حساسون أكثر من غيرهم في ما يخص الإحساس بالمتعة والإثارة والاندفاع والعجز عن الأخذ في الاعتبار بالعواقب والنتائج المستقبلية لسلوكياتهم، بالإضافة إلى ذلك فمؤهلاتهم في التحكم في سلوكياتهم غير ناضجة وغير مكتملة في هذه الفترة كونها تكتمل في مرحلة الكهولة”.
وفي مواجهة محفز للمتعة مثل المخدرات أو السكر فإن المراهقين على الأخص يصبحون أكثر حساسية وتأثرا. وكشفت دراسة حديثة أجريت عبر الإنترنت على عينة من حوالي مئة شخص مصاب بالسمنة أن كل أعراض الإدمان ظهرت بوضوح من خلال إجاباتهم على الأسئلة التي تخص علاقتهم بالتغذية وبالمواد المحلاة أو السكريات. وتواترت إجابات من قبيل “أستهلك السكر لأنني لست بخير، لكنني لست بخير بسبب هذا الاستهلاك المفرط للسكر، إنه أشبه بالمخدر”.
وينصح الباحثون باعتماد استراتيجيات صحية عامة للتنبيه إلى مخاطر استهلاك السكر على الصحة، وباعتماد طرق التنبيه والتحذير والتوعية بمخاطر استهلاكه على الصحة ولفت أنظار المستهلكين إلى أن الإدمان على السكر مثل الإدمان على أي من المواد المخدرة.
التخلص من الإدمان على السكر أصعب على المراهقين
الوسوم