شهد مركب الرباط أول أمس الأحد أحداث شغب عنيفة، بعد نهاية مباراة فريق الجيش الملكي ضد ضيفه المغرب الفاسي، برسم سدس عشر نهاية كأس العرش، والتي انتهت بفوز الفريق الزائر بهدفين لصفر.
أحداث تطورت بشكل دراماتيكي إلى درجة الخطورة، بعد اجتياح أرضية الملعب، والوصول إلى مختلف مرافقه، حيث تم تخريب التجهيزات الرياضية والوسائل التقنية، ومحتويات المكاتب وإتلاف الوثائق والسجلات، وغيرها من الخسائر الفادحة.
خسائر لم يسبق تسجيلها من قبل بهذا الحجم، وكل هذه الحدة والقوة في التخريب والإتلاف والعبث بكل المحتويات والتجهيزات، وهذا منحى خطير ، يجعل كل أجهزة الدولة أمام تجاوزات غير مسبوقة، مما يدق ناقوس الخطر .
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتسبب فيها جمهور محسوب على عشاق فريق الجيش الملكي، في أحداث شغب وعنف مصاحب للمباريات الرياضية، لكن لأول مرة تشهد الأحداث، إصرارا على التخريب بفظاعة وبكثير من البشاعة.
وهذا ما يستدعي المعالجة الحازمة والتشدد في اتخاذ إجراءات، حتى ولو اكتست طابع القاوة، إلا أنها تبقى أساسية بالنظر إلى التطور الخطير، الذي عادت به أعمال الشغب والعنف المرافق للمباريات الرياضية، خاصة في كرة القدم.
طبيعي أن هناك أسبابا مباشرة وأخرى غير مباشرة، من بينها عدم تطبيق واحترام كامل البنود التي نص عليها قانون الشغب، وهو المشكل الأساسي في استفحال الظاهرة، وما تفرزه من مشاهد مروعة تصدم الرأي العام الوطني.
ومن بين هذه التجاوزات استمرار دخول القاصرين غير المرفوقين بأولياء أمورهم، وضعف المراقبة أمام أبواب ومداخل الملاعب، وهذا ما يفسر كثرة الشهب الاصطناعية، واستعمال المشاغبين للسيوف والأسلحة البيضاء في مهاجمة رجال الأمن فوق أرضية الملعب.
هناك أيضا تمادي مسؤولي الأندية في البحث عن الاستفادة من العائدات المالية، بشتى الطرق، وعدم احترام الطاقة الاستعابية المناسبة، والتي تراعي واقع الملاعب الوطنية وطريقة تشييدها.
وما يشجع على تكرار التجاوزات، التعامل المناسباتي مع الظاهرة، إذ تعودنا إن يقل الاهتمام، وتخفت درجة الانتباه، ليفاجئ الجميع باندلاع أحداث هنا وهناك، وهذا سلوك غير مقبول تماما، تنعدم فيه روح المسؤولية.
فالمسؤولية تقتضي الحرص كل الحرص على التعامل الاستباقي، وعدم التسامح في اتخاذ الإجراءات، أو التراجع في تطبيق التدابير الاحتياطية اللازمة.
لابد أيضا من منع تدخل بعض مسؤولي الأندية لدى السلطات الأمنية، قصد إطلاق سراح بعض المشاغبين، واعتبار مثل هذا التدخل عملا بطوليا، يدخل في إطار الشعبوية الزائدة.
هناك أيضا حلولا أخرى عملية تسمح بالذهاب بعيدا في تطبيق الإجراءات الاحترازية، كمنع تنقل جماهير الأندية الزائرة إلى ملاعب خارج المدن التي تنتمي لها، مع فرض مراقبة صارمة على وسائل التنقل الجماعي للجمهور، هذه الظاهرة تعرف فوضى عارمة وغيابا كليا لتطبيق القانون.
هذه الأسباب وغيرها كثير، وراء شغب تحول إلى واقع مؤسف، يتطلب التأكيد مرة أخرى على تحمل المسؤولية الكاملة من طرف كل المتدخلين، مع استحضار حقيقة لا يمكن تجاوزنها، وتتمثل في الحرص على المعالجة الأمنية والتطبيق الصارم للقانون، بدون أدنى تردد أو تهاون.
>محمد الروحلي