التشكيلي التيجاني الشريكي: موسوعة الفن التشكيلي وأحد رواد التجريدية الصافية

هو أحد أبرز الفنانين التشكيليين المغاربة خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، متعدد التخصصات، يعتبر واحد من المجددين والمبتكرين في الفن الحديث، كونه كان موسوعة في تاريخ الفن التشكيلي العالمي، كفنان وباحث نظري لعب دوراً محورياً ومهماً جدا في تطوير الفن التجريدي و تلقينه لعدد من الفنانين، إلى جانب هذا فهو مخرج سينمائي وشاعر بلغة موليير، إنه ابن مدينة آزمور الفنان التشكيلي التيجاني الشريكي من مواليد سنة 1949، مقيم بسويسرا، درس بمدينة الجديدة في بداية الخمسينات بالبعثة الفرنسية مع أبناء الأعيان، لحرص جده الأستاذ أحمد الشريكي على تعليمه تعليما راقيا، ثم سافر إلى فرنسا سنة 1968، حيث انخرط في تكوين مساره الفني الذي شرع فيه سنة 1967 من خلال تكوينات فضاء المعمورة على يد الفرنسيين رفقة الفنان التشكيلي بوشعيب هبولي، بدأ في عرض أعماله الفنية منذ عام 1972 من خلال تنظيم معارض فردية و مشاركته في أخرى جماعية داخل المغرب و خارجه، كما يعد من المؤسسين لأول جمعية للتشكيليين المغاربة، إلى جانب تكوينه في المجال السينمائي الذي أحرز فيه رفقة المخرج أبو الوقار عدة جوائز حيث كان كمساعد مخرج إلى أن أخرج أول فيلم له ” ايمير” سنة 1991 ساعده في الإخراج الفنان التشكيلي بوشعيب هبولي، يقول عنه الكاتب بوشعيب الشوفاني ” الفنان التشكيلي والمخرج السينمائي التيجاني الشريكي، هو تحفة فنية كبرى قلما يجود الزمان بمثله، قليل الكلام، عندما تجالسه فأنت أمام رجل حكيم، وموسوعة فكرية عظيمة، رجل حاد الذكاء، صراحة، اهتم بالمسرح في أيام الشباب، كما شارك في تأسيس عدد من جمعيات المسرح، إلى جانب أنه كان وراء ظهور عدد كبير من الفنانين التشكيليين الأزموريين، شجعني في بداية حياتي على البحث والكتابة والتأليف، وفي مجال السينما له تجربة كبيرة في العمل السينمائي، انجز عدة أفلام، منها “ايمي ” سنة 1991 و”تسنط لعظامك” سنة 2013 كان صديقا لعدد من الفنانين الأزموريين كالمرحوم محمد الشهباني والفنان التشكيلي المرحوم عيسى الجد والفنان محمد رفقي المشرقي، والفنان محمد مجهد”.
امتازت أعماله بالرمزية المتفردة من خلال الأشكال المتداخلة ذات الشحنات اللونية الجذابة و الضوئية المنتقاة بدقة وعناية، وفق توليفات و بنيات تشكيلية معاصرة تحيل على رؤية بصرية مأثرة، تفصح عن كوامن داخلية متشبعة بالمفردات الوجدانية المنبثقة من المؤثرات الواقعية بصورة تجريدية جد متحررة ومتفاعلة مع كل ما هو ثقافي كونيا، مما جعله بهذا الأسلوب يسلك إبداعه و يخلد بصمته إلى جانب الفنانين التجريديين المعاصرين. أسلوب لم يعتمد فيه تصوير الأشياء كما هي عليه في الطبيعة بقدر ما يؤثثها بعناصر تشكيلية يتخذ فيها اللون والتوليف الشكلي الإيحائي عن طريق الترميز والخطوط منحى يضفي على العمل قيمة أكثر وأهم مما كانت عليه كشكل، ولعل هذا الأسلوب جاء نتيجة مخاض تكوينات ومشتركات تكونت لدى الفنان التشكيلي التيجاني الشريكي بين امتهانه للسينما والفن التشكيلي ومدى تمكنه من كل الاتجاهات والمدارس الفنية المستخدمة من السريالية والتعبيرية والواقعية والرمزية والتي ترتبط بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد، وقدرة الفنان على التعبير عما يروج في محيطه. يقول عنه الفنان التشكيلي محمد داكير “السي الشريكي اعتبره أستاذي الذي لا يمكن أن أنسى ما أسداه لي من نصح و توجيه في مجال الرسم، خاصة وأنا بالسنة الأخيرة بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء، بعد أن اقترحت عليه فكرة عمل لأقدمه أمام اللجنة المشرفة على الامتحان والتي كانت تتكون من الأساتذة الملياني ورحول وحافظ والصميلي عميد كلية بنمسيك، فلم يبخل علي بتوجيهاته مما جعلني أحضى بإعجاب كل أعضاء اللجنة، الشريكي رائد من رواد الفن التشكيلي بآزمور و أحد أعمدته عاصر عدد من الفنانين كهبولي و الأزهر والديباجي كانت معرفتي به أواخر الثمانينيات حين كان ينظم معارض بكل من البيضاء و الرباط حيث كان صيته ذائعا بهما، أكثر من مدينته آزمور، ملم بتاريخ الفن التشكيلي ورواده بحكم ثقافته الغربية، كونه عاش لسنوات طوال بأوروبا، إلى جانب هذا يعتبر أول فنان أخرج اللوحة من قاعة العرض ليعرضها بإحدى مقاه آزمور، مقربا إياها للمتلقي، وعن أعماله فقد تميزت بالتجريدية الصافية التي سبقت عصره، لما تحمله من رموز بسيطة لكن في عمقها عميقة الدلالات”.

> بقلم: محمد الصفى

Related posts

Top