الجزائر تائهة وسط عقلية الحرب

عدوانية النظام العسكري الجزائري تجاه بلادنا باتت هذه الأيام تتجلى، بشكل متزامن ومتلازم، في منطقة الكركرات، وأيضا من خلال الإشارات والرسائل الصادرة من داخل الجار الشرقي للمملكة، وكذلك عبر مواقف وحملات ماكينته الديبلوماسية والإعلامية، خصوصا في المحافل الإفريقية.
كل هذا يبرز أن من يحرك كل هذه الهيستيريا المناهضة للحقوق المغربية المشروعة هم بالفعل جنرالات الجزائر، أما الانفصاليون في تندوف فهم مجرد أدوات تنفيذ تأتمر بأوامر الجنرالات وتطبق تعليماتهم.
عندما يلتقي العسكريون الجزائريون قادة صنيعتهم الانفصالية، وعندما يمنحونهم السلاح والعتاد، ويجري التقاط الصور لإظهار ذلك للعالم برمته، ومن أجل بعث إشارات تهديد للمملكة وشعبها، فهذا ليس له سوى معنى واحد، وهو أن الجزائر مستمرة في تهديد الوحدة الترابية للمغرب، وتحرض على استقراره وأمنه، وهي تمعن في افتعال توتر في منطقة حساسة أمنيا وجغرافيا واستراتيجيا.
صحيح أن الطغمة العسكرية المتحكمة في الجزائر تلفها اليوم كثير التباسات داخلية مرتبطة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وأيضا بمرض رئيس البلاد ومشكلة خلافته، وهي محاطة اليوم بكثير مظاهر إفلاس وهشاشة على المستوى الداخلي، وكل هذا يجعل مستقبل البلاد مجهولا وباعثا على القلق، ولكن المغرب لن يقبل أن يكون وجهة تنفيس الانسداد الداخلي الجزائري.
لقد تفاعل المغرب إيجابا مع طلب الأمين العام للأمم المتحدة وأقدم على انسحاب أحادي في الكركرات، ولكن الطرف الآخر واصل رفضه لنداء غوتيريس، ويستمر في تعنته وتوالي استفزازاته للمملكة، وهذا يفرض اليوم على الأمم المتحدة وأمينها العام تقوية الضغط على نظام الجزائر الذي يقف وراء كامل ما يجري في المنطقة، وأن يجري التصريح وضوحا وبلا لبس حول مسؤولية النظام العسكري في البلد الجار في السعي لإشعال توتر في المنطقة على حدود بلادنا ويستهدف وحدتها الترابية واستقرارها.
النظام العسكري الجزائري لم يستطع عرقلة استعادة المغرب لمقعده في الاتحاد الإفريقي، ولم ينجح في منع توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية وتنموية كبيرة بين المملكة وعشرات البلدان الإفريقية، وهو أيضا لم يتحمل النجاحات المتتالية التي تحققها الزيارات الملكية لدول القارة، ولهذا هو اليوم يتوهم قدرته على إفشال كل هذا الآن من خلال افتعال توتر في الكركرات أو اختراق الوضعية الجديدة التي كرسها التوجه المغربي الاستراتيجي نحو عمقه الإفريقي، لكن كل هذا، وأيضا التهديدات الانفصالية الجوفاء بحمل السلاح، لن يغير في الأمر شيئا، ولن يحدث الهلع والرعب وسط المغاربة جميعهم، ولن يستطيع إعادة عقارب الزمن السياسي والاستراتيجي الإقليمي والعالمي إلى الخلف، وإلى… العقلية العتيقة التي انتهت.
المغرب في صحرائه، والمغرب يمتلك رؤية واضحة لطريقه الإفريقي، والمغرب ينتصر للسلم والوحدة والأمن والاستقرار، وهو يقود “ثورة” لتنمية القارة وتقدم شعوبها…
المغرب أيضا يمسك بقوة بجبهته الوطنية الداخلية الملتفة حول عدالة مطالبه الوطنية، وينكب على بنائه الديمقراطي المؤسساتي ومساره التنموي ضمن دينامية مجتمعية عامة تصر على تفعيل الإصلاحات، وتعزيز الاستقرار داخل البلاد، وإشعاع الانفتاح والتعددية، وترسيخ التحديث وقيم التقدم.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top