بيان24:> محمد بن امحمد العلوي
كشف كريستوفر روس، أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي عن جملة من العراقيل التي حالت دون نجاحه في مهمته لحل قضية الصحراء المغربية، ومن بين العوائق اعتماد الجزائر التي هي طرف رئيسي في الأزمة سياسة الهروب إلى الأمام بزعمها أن النزاع لا يعنيها وهو محصور بين المغرب والبوليساريو.
قدم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، كريستوفر روس، الثلاثاء الماضي ، إحاطته السنوية داخل مجلس الأمن بخصوص تطورات قضية الصحراء المغربية، مبرزا أن الجزائر لم تستجب لاقتراح مغربي لإجراء مفاوضات مباشرة معه حول ملف الصحراء، مؤكدا أن المغرب رفض بشكل حاسم الاستمرار في الحوار دون فائدة مع البوليساريو.
وأضاف كريستوفر روس داخل اجتماع مجلس الأمن الذي عقد في جلسة مغلقة، أن المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم عبدالعزيز بوتفليقة أصروا على موقفهم بأن النزاع القائم هو بين المغرب والبوليساريو. واعترف بفشل جولاته الثلاث خلال الشهورالثلاثة الماضية في التوصل إلى صيغة لاستئناف المفاوضات المباشرة.
واعتبر مراقبون أن كريستوفر روس كان يلعب آخر ورقته لتحقيق اختراق دبلوماسي في آخر وقت مهمته، موضحين أن المبعوث الأممي فشل في الضغط على المغرب لأجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات دون مقترحات واقعية ومبتكرة.
ولم يخف المبعوث الشخصي لبان كي مون في تقريره أن المغرب قدم فكرة جديدة مؤخرا تقوم على ضرورة تقديم الجزائر وجبهة البوليساريو الأساس القانوني لموقفيهما المتعلق بتقرير المصير.
وتعتبر قضية الصحراء المغربية، من الأولويات بالنسبة إلى الرباط، ويقول أستاذ العلاقات الدولية القاضي عياض بأن مشروع الحكم الذاتي في الصحراء هو أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب الذي يرى بأن سيادته خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
وفي إحاطته أوضح كريستوفر روس أن المغرب يرفض أيّ حوار خارج مبادرة «الحكم الذاتي» الذي سبق وتقدم بها للمنتظم الدولي.
وأكد شرقي خطري الباحث في العلوم السياسية، بجامعة محمد الخامس، في تصريح أن المبعوث الأممي كريستوفر روس حاول إيجاد حل للنزاع المفتعل حول الصحراء بطريقة لا يراها المغرب تحفظ حقوقه التاريخية والقانونية.
واعتبر شرقي خطري أن شكل تعاطي كريستوفر روس مع مسلسل التفاوض منذ سنتين ونصف السنة لم يصل إلى ملامسة جوهر مقترح الحل الذي قدمه المغرب والمتمثل في مبادرة الحكم الذاتي، والأكيد حسب ذات المتحدث، أن روس كان يساير مصالح الطرف الآخر المتمثل في البوليساريو بإيعاز من الجزائر وبشكل يخدم مصالحها .
ويرى مراقبون في تصريحات متفرقة أن المغرب قدم مبادرة الحكم الذاتي كأحد الحلول التي يراها تواكب التحولات الجيواستراتيجية في المنطقة، والمخاطر التي تهدد منطقة الساحل والصحراء في ظل وجود العديد من التنظيمات الإرهابية بشكل لا يضمن الاستقرار والأمن.
ولفت الباحث في العلوم السياسية والمهتم بالشأن الصحراوي، شوقي خطري، إلى أن روس حاول في كثير من المناسبات بتحوير أساس المفاوضات بشكل يتجاوز صلاحيات الأمم المتحدة، بحيث أن النقاط التي طرحها لم يوافق عليها أيّ من طرفي المفاوضات المغرب وجبهة البوليساريو.
واعتبر مراقبون أن الثقة فقدت بين كريستوفر روس والمغرب بشكل أساسي كون روس لم يتعامل مع الملف بحياد وأصبح جزءا من المشكل عوض أن يكون محاورا للجميع ومصدر مقترحات بناءة.
وهناك من المراقبين من يؤكد أن زيارة بان كي مون للمنطقة ألغتها الإحاطة الأخيرة التي قدمها مبعوثه للمنطقة، وحتى إن تمت فلن تكون لها أيّ إضافات في ملف الصحراء بسبب أن كلا من روس وبان كي مون في آخر عمرهما الدبلوماسي بانتهاء ولايتيهما.
وأكد خطري “للعرب”، أن فشل المبعوث الأممي في مهمته تمثل في رفض الأطراف الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأشار الباحث المغربي، إلى أن وزير خارجية المغرب لم يخطئ التقدير عندما قال بأن المبعوث الأممي روس لا يمكنه زيارة الأقاليم الجنوبية، بقدر ما أراد توضيح نقطة في غاية الأهمية، وهي أن المغرب هو من يملك الحق في السماح له بزيارة الأقاليم الجنوبية وليس أيّ طرف آخر.
وطرح المغرب مبادرة الحكم الذاتي كسقف لا يمكن تجاوزه، وأكد مراقبون أنه إذا كان هناك مجال للمفاوضات فلا بد من أخذ هذه المبادرة في الحسبان.
وشدد الباحث المغربي في تصريح على أن كريستوفر روس حاول حلحلة المفاوضات بشكل يحفظ ماء وجه الأمم المتحدة أمام التحولات الدولية الخطيرة، مضيفا أنه ما دام هذا النوع من الصراعات موجودا ويزداد توسعا فإن على الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها.
وقد قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي ويدافع عنها ويضع مؤشرات حقيقية وواقعية للنهوض بالأقاليم الجنوبية على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتأكيده على انخراط كافة القوى المحلية وخاصة النخب سواء على مستوى فعاليات المجتمع المدني أو الجهات المنتخبة أو الساكنة المحلية في تبني هذه المشاريع. وشدد شرقي خطري في تصريحاته على أن المغرب عليه الاستمرار في تطبيق خياراته الاستثمارية من خلال المشروع التنموي للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس في نوفمبر الماضي في العيون.
وأشار شرقي خطري إلى أن المغرب يتمتع باستتباب الأمن مقارنة بعدة دول مجاورة تفتقده، ما يجعله في وضعية مريحة يدافع من خلالها عن وحدته الترابية، وذلك لكون الدول الأوروبية والصين وأميركا تعرف أن المساس بوضعية الصحراء بما لا يخدم مصلحة المغرب ليس في صالح أمنها القومي.
وأكد الباحث في العلوم السياسية، أن المغرب يرحب بالمفاوضات لكن داخل إطار مبادرة الحكم الذاتي، وأضاف أن كريستوفر روس حاول أن يوهم الأطراف الأخرى أنه قادر على أن يفرض على المغرب وجهة نظره.
> عن «العرب»