يرتقب أن يقوم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء، ستيفان دي ميستورا، بزيارته الأولى للمنطقة في غضون الشهر الجاري، وذلك للقاء الأطراف، والشروع في مهامه بشكل فعلي.
وتزامنا مع ذلك، عادت الماكينة الديبلوماسية والدعائية الجزائرية، ومعها صنيعتها الجبهة الانفصالية، لتجديد الحديث عن مواقفها المألوفة، والرامية إلى إفشال الزيارة، وعرقلة كل مبادرة سياسية بهذا الخصوص.
الجبهة الانفصالية عادت لخطابها المثير للسخرية حول وجود «حرب ميدانية في الصحراء»، وتشترط على المبعوث الأممي «الاطلاع على الأوضاع المتوترة»، بحسب خطابها، وذلك لكي يستطيع النجاح في بداية مهمته.
هذا الكلام كررته الطغمة المتحكمة في تيندوف منذ مدة، وتروج له البروباغاندا الجزائرية، لكنهما لم ينجحا في إقناع العالم بوجود حرب هم وحدهم من يتخيلها.
وتكرار هذه الأسطوانة المشروخة اليوم له غاية وحيدة، وهي إفشال زيارة دي ميستورا، وعرقلة بداية مهمته التي يؤطرها قرار مجلس الأمن الدولي.
النظام العسكري الجزائري صار اليوم عاريا أمام المجتمع الدولي، وعبر عن رفضه المشاركة في الموائد المستديرة التي تجسد المسلسل السياسي، الذي تشدد الأمم المتحدة عليه كوسيلة لحل النزاع المفتعل، كما أن قرار مجلس الأمن اعتبر الجزائر طرفا، وأشار إلى ذلك في أكثر من فقرة، وهو ما يورط نظامها ويفضحه، كما أنه يفسر هذه «الدوخة» التي تميز مواقف وتصريحات ومناورات الحاكمين هناك في قصر المرادية.
كل المراقبين اليوم يسجلون استقرار الوضع الأمني في المنطقة، وانسيابية الحركة عبر معبر الكركرات، كما أن المواقف الدولية والإقليمية المعبر عنها من طرف عدد من الدول في العام المنصرم، تجسد مؤشرات سياسية وميدانية وقانونية واضحة في التعاطي مع هذا النزاع المفتعل، وتؤسس لمسار هو على النقيض تماما من التخيلات والمواقف المتكلسة التي تعبر عنها الجبهة الانفصالية وأسيادها في الجزائر.
المبعوث الأممي، الذي يعتزم الوصول إلى المنطقة هذا الشهر، تؤطر مهمته قرارات مجلس الأمن، ويسعى لاستئناف المسلسل السياسي، وبالتالي نجاح مهمته مرتبط بتفعيل كل هذا وأجرأته، وواهم، تبعا لذلك، من يعتقد أن نجاح دي ميستورا متوقف على دعمه للانفصال أو انتصاره لمناورات النظام العسكري الجزائري.
يعرف الجميع أن جنرالات الجزائر غارقون في فضائحهم الداخلية، ومكبلون بعجزهم عن تقديم أجوبة مقنعة لشعبهم بشأن الأزمات الداخلية المتعددة، وكل ما اقترفوه من مناورات ضد المغرب، بما في ذلك العبثية منها، لم تستطع توفير ثقة الشعب فيهم أو وقف الغضب والاحتجاج، وككل المعتوهين والمجانين، هم يستمرون في ذات الجنون من دون أي إدراك للمتغيرات أو للحقائق.
النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء دخل مسارا جديدا فرضته المواقف المغربية الواضحة والديبلوماسية الهجومية، وأيضا الحقائق المقنعة، ومن المؤكد أن كل هذا سيحضر ضمن تفاعلات وتطورات العام الجديد، وما على عسكر الجزائر سوى إدراك ذلك، واستيعاب معنى اليد المغربية الممدودة، والخروج من متاهات الجنون.
محتات الرقاص