الحسين الشعبي: المسرح بالنسبة لي التزام وحمال للمعنى

خلال تقديم مسرحيته “الساروت” في حفل ثقافي رمضاني نظمه فرع الرباط للنقابة المغربية لمحترفي المسرح ليلة الثلاثاء الماضي بالمسرح الوطني محمد الخامس، قال الكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي إن المسرح بالنسبة له التزام وحمال للمعنى، فالمسرح يجب أن يحمل في طياته مدلولا وغاية، وأن العرض المسرحي الذي لا يترك أثرا في نفوس الجماهير، لا يمكن أن يسمى مسرحا، وأضاف الشعبي في كلمته أن المسرح يجب أن يستمر في أداء دوره المتجلي في خلق فرجة يصاحبها معنى بعيدا عن الأسلوب التجاري المبتذل الذي يفتقد للمعنى والهدف ويتسم بالتهادن والتسطيح.
وعن مسرحية “الساروت” التي تعد من أهم كتاباته إلى جانب مجموعة من الكتابات الأخرى التي ألفها والتي أغنت مساره المسرحي، قال الحسين الشعبي، خلال ذات اللقاء الذي نشطه وأداره بمهنية عالية الناقد المسرحي والناشط القيسبوكي محسن زروال، إن مسرحية “الساروت” تشكل هاجسا شخصيا بالنسبة له، لأنها نابعة من تجربة شخصية عايشها، خلال فترة اشتغاله، كمدير فني لإحدى وكالات التواصل، إلى جانب الراحل إدريس بنزكري رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، إبان الإعداد التقني والإعلامي لجلسات الاستماع الشهيرة التي بثت مباشرة على الهواء.. حيث كان الكاتب المسرحي فيه حاضرا أكثر من المسؤول الإعلامي، وبفضل تمكنه من الولوجية إلى فضاءات القاعة وكواليسها، تمكن من حسن الإنصات والاستماع الممعن والجيد لشهادات المعتقلين وأهاليهم حول الظروف اللاإنسانية التي عاشوها إبان فترات سنوات الرصاص.. وبناء على جلسات الاستماع هذه، انبثقت فكرة مسرحية “الساروت” التي تتناول الموضوع ذاته بطريقة مختلفة، وأشار الشعبي أنه ومن خلال هذا العمل الذي أنجزه منذ سنوات يطمح من موقعه كمثقف وكفنان أن يساهم في تبني شعار “حتى لا يتكرر ما جرى” الذي كان شعارا لمرحلة الإنصاف والمصالحة، وذلك من أجل مغرب جميل، مغرب يحترم الحقوق، مؤكدا على أنه تأثر كثيرا بشهادات المسنين من أمهات وآباء وأسر المعتقلين، شهادات كانت أكثر بلاغة من شهادات المعنيين المباشرين.. ومن ثمة، يقول المتحدث، فإن على المبدع الفنان أن يؤدي دوره الاجتماعي والتحسيسي والتنوبري، عبر اتخاذ موقف من العالم ومن محيطه وفلكه المجتمعي، وعبر إبلاغ ونشر رسالة نبيلة تولي الأهمية للقضايا المجتمعية الحيوية، وهي كثيرة.. مشيرا أيضا في معرض جوابه عن دواعي الخروج للطبع والنشر، إلى أن قرار طبع هذا النص المسرحي الذي سبق وأن تم عرضه على خشبة المسرح من قبل فرقة نادي المرآة من فاس، بقيادة المخرج مولاي حسن علوي مراني، جاء تماشيا مع الرغبة في نشر الرسالة وتوثيق التجربة، خصوصا وأن المسرحية قدمت كعرض حي في مجموعة من المدن داخل المغرب وخارجه، وفي عدد من المهرجانات، منها مهرجان طنجة الدولي للمسرح الاحترافي، ومهرجان طنجة المشهدية، ومهرجان فاس الدولي للمسرح حيث نال نص “الساروت” جائزة أحس تأليف، والمهرجان الوطني للمسرح بمكناس، الشيء الذي شجعه أكثر على الطبع.
وعن اختيار “الساروت” كعنوان للمسرحية قال الشعبي، إن ذلك جاء بشكل سريالي، إذ أن الموضوع العام للمسرحية يعالج قضية الاعتقال السياسي من خلال شخصيتين رئيسيتين “الساروت” و”الطبيب النفسي” أو “الجلاد”، في قالب من العبث والسخرية السوداء وربما في نفس سريالي، لكنه ينطوي على جانب كبير من الإنسانية، مضيفا أنه تعمد أن يخلخل أفق انتظار المتفرج إلى الدرجة التي يضطر فيها لطرح العديد من التساؤلات من قبيل هل الساروت مريض نفسي أم سجين؟ وهل الآخر طبيب نفسي أم جلاد؟ وعن طبيعة المكان الملتبس، هل هو غرفة ما في مستشفى ما؟ أم أنها زنزانة داخل غياهب المعتقل؟؟  
وأوضح الكاتب أن شخصية “الساروت”  في المسرحية هو اسم المعتقل الذي يؤتى به فاقدا للوعي، وعندما يصحو من غيبوبته، ينتبه للعبة، ويدعي أنه فاقد للذاكرة إلى الحد الذي لا يتذكر معه اسمه.. ليقرر الطبيب النفسي أن يسمي هذا المريض أو السجين بالساروت بعدما لم يجد أي وثائق تثبت هويته باستثناء مفتاح صغير في جيبه، وهنا تخطر بباله أن يسميه الساروت من أجل أن يثبت جدارته ومهنيته لمرؤوسيه الذين وعدوه بالترقية والحصول على شهادة الدكتوراه شريطة أن يثبت علميا وطبيا أن  “الساروت” رجل مجنون، والحال أن الساروت في كامل قواه العقلية.
يشار إلى أن الكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي ألف مجموعة من النصوص المسرحية التي تم تجسيدها على الركح، منها مسرحيته الشهيرة “لوزيعة” التي ألفها انطلاقا من فكرة بقصة قصيرة للكاتب التركي الساخر عزيز نسين، وأخرجها الفنان يوسف الساسي لفرقة الفضاء المسرحي من القنيطرة، ونصوص أخرى قيد الكتابة، منها نص مسرحي ينتصر لمناهضة عقوبة الإعدام في المغرب وفي العالم..  ودراسات نقدية ومتابعات لعروض وتظاهرات مسرحية نشرت في عدد من المجلات والصحف المغربية والعربية..

محمد توفيق امزيان

Related posts

Top