تقرير سلبي
لا زال المغاربة أوفياء للحمامات التقليدية، بالرغم من التطور الحاصل في هذا الشأن، حيث توجد الحمامات العصرية بمختلف البيوت، سواء بالعالمين الحضري أو القروي، وباستمرار هذه الحمامات التقليدية التي يقدر عددها بأكثر من 12 ألف حمام تقليدي، والمنتشرة عبر مجموع التراب المغربي، يستمر التهديد المباشر للمنظومة البيئية للمغرب.
وتعتمد هذه الحمامات التقليدية، بشكل أساسي على الماء أو ما يمكن أن نسميه بـ»الذهب الأزرق»، ثم أيضا، على الحطب، من تم فالاستمرار في استنزاف هذين العنصرين، سيطرح في المستقبل مجموعة من التحديات البيئية.
وفي هذا الإطار، تنظم العديد من الندوات واللقاءات، يحضرها المتدخلون والمهتمون بالقطاع، بالإضافة إلى صدور مجموعة من التقارير والأبحاث، يمكن القول إن أغلبها سلبي، ومتشائم من استمرار الوضع كما هو عليه، على اعتبار الاستمرار في استهلاك الأشجار، ثم الماء يشكل خطرا على المنظومة الإيكولوجية للمغرب.
وآخر تقرير تحدث في الموضوع، وعالج إشكالية استنزاف الحمامات التقليدية للموارد الطبيعية، هو ما نشرته الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، أواخر شهر يناير الماضي التي حذرت من الاستمرار في هذا النهج التقليدي، داعية إلى استغلال ما يزخر به المغرب من مؤهلات في مجال الكتلة الحيوية، والتي من شأنها تغطية احتياجات قطاع الحمامات التقليدية العمومية.
من هنا، توجد مجموعة من التوصيات تقدم البدائل المطروحة في هذا الشأن، غير أن الذي ينقص، هو تطبيقها على أرض الواقع، من قبيل، استثمار المخلفات الفلاحية، وبقايا الصناعة الزراعية، ناهيك، عن إدخال بعض التعديلات على مستوى الأجهزة المتهالكة، والاشتغال بتقنيات حديثة تعتمد على الطاقات البديلة، كالطاقة الشمسية مثلا.
وشددت الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، في تقريرها الذي اطلعت عليه جريدة بيان اليوم، على ضرورة التفكير في جعل موقد الكتلة الحيوية حلا تقنيا، يساهم في اقتصاد الطاقة والحفاظ على الموارد والتسخين، استنادا إلى ملاءمته مع كافة أنظمة التسخين الموجودة بالحمامات التقليدية العمومية، وذلك، لتوفير مردودية مهمة بالمقارنة مع السخانات التقليدية التي تعتمد على الحطب.
ومن أجل الحفاظ على هذا التراث اللامادي الذي لعب دورا مهما خلال فترة تاريخية ما، على مستوى ربط الاتصال بين الأهل والجيران والأقارب، حيث كان يستغل في نقل الأخبار، ومعالجة وتحليل الظواهر الاجتماعية، وكل ما جد في الشأن الاجتماعي، والاقتصادي، وحتى السياسي منه، توصي الوكالة المغربية بإطلاق دراسة حول تطوير وتمكين الاستغلال الأمثل لنظام التسخين القائم على الموقد.
وبما أن الاستحمام في الحمامات التقليدية، مرتبط بالراحة، والاسترخاء، والنظافة، والعلاج، من خلال استعمال وصفات طبية تقليدية بالأعشاب وبعض المواد، فإن الوكالة تشدد على ضرورة تقديم خدمة طاقية مستدامة، بهدف الاستجابة لمتطلبات مالكي الحمامات التقليدية، علاوة على ضمان الجودة واستدامة التجهيزات وسلامة الاستخدام.
وفي هذا الصدد، اعتبر المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، سعيد ملين، تشجيع استخدام السخانات المحسنة وبقايا الكتلة الحيوية على مستوى أنظمة تسخين الحمامات التقليدية العمومية، يشكل نموذجا اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا حقيقيا.
وعزز سعيد ملين طرحه، بالتأكيد على أن توظيف السخانات المحسنة الخاصة بالحمامات التقليدية من خلال توظيف المخلفات التي يتم تطويرها في إطار مخطط المغرب الأخضر، من قبيل؛ قشور أركان وتفل الزيتون وقشور اللوز، تمثل حلولا بديلة، من شأنها أن تمكن الحمامات التقليدية من استهلاك أقل واحترام البيئة، إلى جانب، خفض الفاتورة الطاقية.
ومصطلح الحمامات التقليدية رديف للحطب، على اعتبار تسخين الماء يعتمد بالدرجة الأولى على هذه المادة التي يتم نقلها من الغابات، بعد اجتثاث الآلاف من الأشجار، هذه الأخيرة التي تستغرق زمنا طويلا في النمو قبل أن يتم إعدامها إما بشكل قانوني أو سري على يد أباطرة قطع الأشجار بالغابات، من تم «أصبحت الحاجة ملحة إلى استعمال وقود بديلة، بالاعتماد على كتل حيوية في المجال الفلاحي»، بحسب ملين.
تحرك..
ومباشرة بعد تقديم الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية لتقريرها بداية السنة الجارية، الخاص بالحمامات التقليدية المغربية، راسلت جمعية التضامن لأرباب الحمامات التقليدية والرشاشات، المدير العام للوكالة، بتاريخ 30 يناير 2019، تحتج على ما أسمته بـ»إقصاء الجمعية من إعداد المشاريع الخاصة بالقطاع (الدراسات)، ثم كذلك، على عدم حضورها إلى بعض الأنشطة التي تنظمها الوكالة، والخاصة بمجال الحمامات».
وبعد خمسة عشرة يوما، راسل المدير العام رئيس الجمعية، يخبره بالترحيب في رسالة له، بجميع جمعيات أرباب الحمامات على الصعيد الوطني، داعيا رئيس الجمعية إلى موافاة الوكالة، بعدد المنخرطين المنضوين تحت لوائها، وكذلك ورقة تعريفية للجمعية، من أجل التنسيق المشترك في المستقبل، على مستوى جميع الأنشطة التي تخص قطاع الحمامات.
وتفاعلا منه مع تقرير الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، اجتمع عزيز الرباح وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، بتاريخ 1 مارس الفارط، مع رئيسة تعاونية الحمامات «الاستجمام والراحة» خديجة القادري وأحمد النوحي الكاتب العام للجمعية، وذلك، لمناقشة موضوع الحمامات المستدامة، حيث الحاجة إلى اعتماد أنظمة التسخين المتحسنة أو طاقات بديلة كالطاقة الشمسية، ثم توظيف تقنيات الإنارة الطبيعية ومخلفات الكتلة الحيوية الفلاحية (Biomasse) والتي يتم تتمينها واستعمالها كوقود في الحمامات التقليدية.
واعتبرت الوزارة في بلاغ لها، أن هذه التقنيات ستساهم في الرفع من المردودية الطاقية الإجمالية لنظام التسخين بحوالي 40 في المائة، علاوة على مساهمتها في الحد من إنتاج الرماد داخل السخانات التقليدية، بالإضافة إلى تسهيل ظروف العمل الصحية لعمال أنظمة التسخين للحمامات «الفرناطشي» عبر تحسين الفعالية الطاقية للسخانات التقليدية، والحد من إنتاج الدخان داخل الغرفة التقنية، وكذلك الاستعمال العقلاني لحطب الوقود واستخدام المواد الحيوية العضوية لتقليص الضغط على الموارد الغابوية.
استهلاك مفرط
وفي سياق متصل، كان قد دعا مجموعة من المهنيين والخبراء خلال المعرض الدولي الأول حول «الحمامات المستدامة إيكسبو» الذي نظم بمدينة مراكش، خلال سنة 2018، بإشراف من وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة إلى أهمية تحسيس أرباب الحمامات التقليدية بأهمية وحيوية هذه الحمامات، وذلك، من أجل تطوير وإنعاش هذا القطاع، لاسيما، وأنه رمز وإرث ثقافي بالنسبة للذاكرة التاريخية للمغرب.
وحث الخبراء الدوليون والمحليون على حد سواء، بضرورة تجديد هذه الحمامات بشكل تدريجي لجعل هذا القطاع أكثر مردودية، والدفاع عنه، استنادا إلى جعله في صلب اهتمام الشباب المغربي، هذا الأخير الذي بالفعل يقبل على الحمامات التقليدية، وهو ما وقفت عليه بيان اليوم أثناء إعدادها للموضوع، وذلك على مستوى مدينة الدار البيضاء على الخصوص.
وبمناسبة تنظيم المعرض الدولي السالف الذكر، دعت مديرته فوزية بلمراح، أرباب الحمامات التقليدية إلى إعادة النظر في التجهيزات القديمة والمهملة، من خلال اللجوء إلى سخانات تعتمد على الطاقة الحيوية ومواد اشتعال جديدة تقتصد في الماء والطاقة، والتي من شأنها تحديث النظام التقليدي وتحقيق النجاعة الطاقية.
وأكدت فوزية بلمالح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على ضرورة العمل سويا من أجل الانتقال نحو الحمامات المستدامة، وذلك بتدخل السلطات العمومية لعصرنة الحمامات التقليدية، باعتبارها موروثا ثقافيا ومعماريا، ثم أيضا، بهدف ترسيخ وظيفتها التي اكتسبتها عبر التاريخ، كفضاءات للاسترخاء والنظافة وتقديم فوائد علاجية.
واستنادا إلى بعض الأرقام غير الرسمية، فإن معدل استهلاك الخشب في مختلف حمامات المغرب يتراوح بين 500 كلغ وطنين من الخشب يوميا، على أن معدل استهلاك الماء يتراوح بين 15 و60 متر مكعب خلال كل يوم عمل، ويكلف هذا الاستهلاك الكبير المغرب بشكل سنوي ما بين 15 و20 مليار درهم، أي ما بين 3 و5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
من هنا، فإن البحث عن اعتماد تقنيات جديدة تمكن أرباب الحمامات من ترشيد المصادر الطاقية، أصبح أمرا ضروريا، وليس من باب ترف النقاش العمومي، والخطابات الإعلامية حول البيئية والتنمية المستدامة، وهو ما أكد عليه بعض أرباب الحمامات التقليدية الذين تحدثت معهم الجريدة.
وأكد المشتغلون في القطاع، على أن الحمامات التقليدية تشغل حوالي 200 ألف منصب شغل بشكل مباشر وغير مباشر، وذلك، نتيجة التردد اليومي للمواطنين المغاربة عليه، بمعدل 95 في المائة (من الساكنة)، من تم يصعب حذو أصحاب الرأي الراديكالي الذين يروجون لأطروحة «إغلاق الحمامات التقليدية»، إذ الهدف الذي يجب الاشتغال عليه حاليا، بحسب المهنيين، هو تزويد المشتغلين في القطاع بأجهزة تقنية متطورة وصديقة للبيئة، ومن تم تدشين مرحلة «الحمامات المستدامة».
بيد أن التحديات المطروحة اليوم في المغرب، بخصوص هذا الموضوع وفق المهنيين، لا تتعلق فقط، بمشكل البنيات التحتية للحمامات التي تستهلك الطاقة، كمنشآت التسخين المتهالكة، بل إن المواطن هو الآخر، يتحمل مسؤولية الحفاظ على البيئة، من خلال نقص معدل الاستهلاك بداخل هذه الفضاءات الشعبية المشتركة بين عموم الناس.
والمقصود في هذا الصدد، هو الاستهلاك المفرط للمياه بشكل عشوائي أثناء الاستحمام بهذه الحمامات التقليدية، حيث سيادة بعض الأفكار والمظاهر السلبية المبنية على الاستهلاك العشوائي، وهو ما يمكن مواجهته ببعض الحملات التوعوية للتحسيس بأهمية تقنين الاستهلاك أثناء الإقبال على هذه الفضاءات، على اعتبار هذه الممارسة تؤدي إلى استنزاف الماء والحطب أيضا.
ونتيجة لهذه الممارسات أكد مهنيو القطاع أن مجموعة من الحمامات أغلقت أبوابها في وجه العموم، نظرا للارتفاع الكبير في مصاريف إنتاج الماء الساخن، خصوصا وأن أسعار الحطب والماء والكهرباء، تحلق عاليا في بعض الأوقات، حيث لا سبيل لدفعها إلا بإغلاق الحمام، وتسريح العاملين به.
ومن بين الأضرار التي تلحقها الحمامات التقليدية أيضا، والتي تشتغل بتقنيات قديمة، نجد الأدخنة التي تنبعث من حرق الحطب، حيث تلحق أضرارا بالمحيط البيئي، من جهة، وتؤثر على صحة وسلامة الساكنة المجاورة للحمامات من جهة ثانية.
كما أن هذه الأدخنة، لها انعكاسات صحية على العمال الذين يسهرون على تسخين الماء أو ما يطلق عليهم بالـ»فرناطشة»، وهو ما أكده تقرير لجمعية «طاقة، تضامن وبيئة»، الذي أضاف أن هؤلاء العمال المتأثرين من هذه الأضرار يتقلص متوسط أعمارهم بفعل الهواء الداخلي الملوث.
مبادرة وفشل
وحصلت جريدة بيان اليوم، من خلال مصادرها، على مجموعة من الوثائق التي تبين سلسلة من المبادرات التي اتخذها أرباب الحمامات التقليدية بالمغرب، من أجل تحسين ظروف اشتغال هذه الحمامات وجعلها صديقة للبيئية، غير أنه لا يتم تفعيل ولو مبادرة منها، والتي من بينها التوقيع على المعاهدة الخاصة بـ «إنعاش ونشر السخانات المتطورة بالحمامات التقليدية والرشاشات»، بين مركز تنمية الطاقات المتجددة، والجامعة الوطنية لجمعيات أرباب ومستغلي الحمامات بالمغرب.
وكان الهدف من توقيع هذا الاتفاق الثنائي هو إنعاش ونشر التقنيات المقتصدة في حطب الوقود والمحترمة للتوازن البيئي، وبالتالي التقليص من اندثار الغطاء الغابوي، ومن انبعاث الغازات الناتجة عن احتراق الحطب وخاصة غاز ثاني أوكسيد الكاربون.
واستنادا إلى الاتفاقية التي حصلت الجريدة على نسخة منها، يلتزم مركز تنمية الطاقات المتجددة، في البند الثالث منها، بالوضع رهن إشارة الجامعة بعض السخانات الأسطوانية المتطورة (سخانتين من سعة 9 متر مكعب)، لإنجاز مشاريع نموذجية وفق إستراتيجية تمويلية متفق عليها من طرف المتعاقدين.
علاوة على الالتزام بتحديد ثمن السخانات المائية الموضوعة رهن إشارة الجامعة، بحيث يسمح المبلغ المتفق عليه بصنع سخانات مماثلة محليا، بالإضافة إلى منح موافقة لبعض الشركات ذات الكفاءة في صنع السخانات المتطورة، وذلك مقابل نسبة مئوية تحدد مسبقا في إطار معاهدة تبرم بين الطرفين، إلى جانب التأطير التقني لفائدة الشركات الخاصة بتصنيع السخانات.
كما التزم المركز بتقديم النصائح اللازمة عن السخانات المتطورة ومميزاتها، وكذا إنجاز ملصقات ودلائل لمساعدة التصنيع، فضلا عن المساهمة في تنشيط أيام دراسية وتحسيسية لفائدة أرباب الحمامات المنخرطين تحت لواء الجامعة، إلى جانب تقديم الدعم لإيجاد إستراتيجية مقبولة للنشر الواسع لهذه التقنيات، والبحث عن وسائل التمويل للتمكن من المتابعة والتقييم الخاص بعمليات النشر الواسع.
من جانبها، التزمت الجامعة الوطنية لجمعيات أرباب ومستغلي الحمامات التقليدية والرشاشات، في البند الرابع من الاتفاقية، بمشاركة المركز في كل الأنشطة المتعلقة بالنشر للسخانات المائية المتطورة، ثم استشارة المركز في اختيار الجمعيات المنخرطة تحت لوائها لتجهيز بعض الحمامات بالسخانات المتطورة عن طريق الصندوق المتداول المحدث، وذلك تبعا لإستراتيجية المركز لنشر وإنعاش هذه السخانات.
وتعهدت الجامعة كذلك، بفتح حساب بنكي باسمها خاص بمشروع نشر السخانات المتطورة وتزويده بالقدر المؤدي من طرف أصحاب الحمامات المستفيدين من المشاريع النموذجية من جهة، ومداخيل أخرى عن طريق الجامعة أو ممولين من جهة أخرى، حتى يكون الصندوق مداولا من أجل تسهيل تمويل صنع سخانات أخرى عن طريق منح أصحاب الحمامات قروض بدون فائدة (Fonds de roulement).
وفي السياق ذاته، التزمت بتقديم كشف حسابي للمركز حول حالة الصندوق وتسيير الحساب البنكي كلما دعت الضرورة لذلك، مع متابعة مرحلة الدراسة والقياس من أجل تقييم هذه السخانات المائية المتطورة، ثم تنظيم اجتماعات مع أرباب الحمامات من أجل تقييم هذه السخانات المائية المتطورة، علاوة على المساهمة في ورشات التحسيس، ناهيك، عن تقديم الدعم للبحث عن وسائل التمويل المحلية والخارجية، وأخيرا تسهيل الولوج إلى الحمامات لفرق المركز ومن يرافقهم، وكذا للمهتمين من أجل التحسيس أو الدراسة.
وأشار البند الخامس من الاتفاقية إلى أنه «لا يحق لأي أحد صنع السخانات المتطورة المصممة من طرف مركز تنمية الطاقات المتجددة سواء الملحمين أو الجامعة إلا بإذن من المركز واستشارته وذلك لكونها مسجلة من طرف المركز بالمكتب المغربي للملكية الصناعية».
غير أنه في الأخير لم يتحقق أي شيء من ما تم الاتفاق عليه أعلاه، حيث بقيت الاتفاقية حبرا على ورق، ومن هنا، يمكن القول، بأن الاتفاق فشل في تحقيق حلم أصحاب الحمامات الذين كانوا يراهنون على تحسين شروط العمل، وخفض تكاليف التسخين..بالرغم من أن تفاصيل توقيع هذه الاتفاقية، جاءت نتيجة الوعي بأهمية الاقتصاد في الطاقة، من خلال تحسين المردودية الطاقية للسخانات المائية التقليدية للحمامات، خصوصا بعد نجاح مشروع «تحسين المردودية الطاقية للحمامات التقليدية» لمركز تنمية الطاقات المتجددة وبمساهمة جمعية أرباب الحمامات بمراكش، حيث تم تقليص الاستهلاك بأكثر من 50 في المائة.
مشروع محدد الأجل
ومن بين المشاريع الجمعوية التطوعية التي كان قد تم إنجازها في الموضوع، نجد «مشروع الحمامات المستدامة» الذي اشتغلت عليه كلا من جمعية «طاقة، تضامن وبيئة»، ثم مجموعة الطاقات المتجددة والبيئة والتضامن «جيريس»، وهي منظمة غير حكومية فرنسية، والذي جاء من أجل مساعدة مستغلي الحمامات التقليدية، للتحول نحو نظام مستدام.
وأتاح هذا البرنامج لبعض أصحاب الحمامات التقليدية بتجديد تجهيزات حماماتهم، تمكنهم من جعلها أكثر اقتصادا وملاءمة للبيئة، بالإضافة إلى أنه تم تقديم الدعم والمساعدة التقنية والمالية مجانا للبعض الآخر.
وسمح برنامج جمعية «طاقة، تضامن وبيئة» الذي شمل الدراسة التقنية، والمساعدة على التمويل مرورا بالمساعدة على الإصلاح لمستغلي الحمامات بتحسين شروط عملهم، وجعل الحمامات أكثر احتراما للبيئة.
وامتدت مدة البرنامج على مدى 4 سنوات (2014-2018)، حيث شمل إنجاز 40 مشروعا نموذجيا كان موضوع مواكبة تقنية، عرف توفير مجموعة واسعة من الخدمات والتكنولوجيات الضرورية الخاصة بتحديث الحمامات.
واستنادا إلى خلاصات البرنامج، فإنه تم إنجاز هذه المشاريع النموذجية في مختلف أنحاء المملكة المغربية، مع إعطاء الأولوية لبعض المدن، مثل؛ الدار البيضاء والرباط وشفشاون، ومراكش ومكناس وطنجة.
وسيمكن هذا المشروع (تجهيز 40 حماما نموذجيا)، علاوة على 160 مشروعا آخر بتمويل ذاتي لأرباب الحمامات التقليدية، من السماح في المستقبل باقتصاد إجمالي من الخشب يقدر بـ 191.250 طن على امتداد 15 سنة، وهو ما سيساهم بحسب الورقة التقنية للبرنامج من تخفيف الضغط على الغابات المغربية.
وقدرت الجمعية تخفيض الكلفة الطاقية للحمامات بما يقارب 122 مليون درهم، ناهيك عن الاقتصاد في استهلاك المياه، وهو الاقتصاد الذي سيستفيد منه أرباب الحمامات، إلى جانب إدارات ووكالات الماء.
ومن جهة أخرى، سيتم تحسين الظروف الصحية والحياتية «للفرناطشية»، عن طريق تطوير المعدات التقنية الخاصة بالتسخين.
وسجلت الجمعية، في تقرير لها، التأخر في بروز سوق خاصة بالمعدات والخدمات الفعالة، الذي من شأنه أن يحفز الاقتصاد المرتبط بقطاع الحمامات، وخاصة المزودين بهذه المعدات ومركبيها ومكاتب الدراسات، خصوصا وأن هذه المركبات، ستكون لها إيجابيات على المستوى الصحي، من خلال المساهمة في الحد من تلوث الهواء، ناهيك عن تحسين الوسط البيئي للمنازل المحيطة بالحمامات الذي غالبا ما يتضرر بالأدخنة الملوثة المنبعثة منها.
غير أن الذي لاحظته جريدة بيان في الأخير، هو أن المشروع كان محدد المدة، كما أن خلاصاته العملية لم يتم جردها بشكل تقني، واتصلت الجريدة في هذا الصدد، بالمسؤولين على المشروع من أجل معلومات مفصلة في الموضوع، غير أن بعض المصادر، قالت لبيان اليوم إنه تم الانتهاء من المشروع ولا حاجة للحديث عنه.
انجاز: يوسف الخيدر