شرعت السلطات المحلية على مستوى عدة مدن مغربية في تنزيل قرارات وزارة الداخلية، القاضية بضرورة ترشيد استهلاك الماء، بعد ست سنوات من الجفاف الذي أدى إلى تراجع نسبة حقينة السدود الوطنية.
وقررت السلطات المحلية على مستوى مدينة طنجة، بني ملال وأكادير، إغلاق الحمامات التقليدية والرشاشات العصرية أيام الاثنين، الثلاثاء والأربعاء، ومن المنتظر أن يعمم هذا الإجراء على مستوى مجموعة من المدن الأخرى، في ظل الخصاص الكبير في تدفق المياه السطحية.
بيد أن اتخاذ القرارات، بهكذا شكل، أثار حفيظة المهنيين، الذين يدعون إلى التشاور معهم، بهدف تقديم تصورات عملية كفيلة بالمحافظة على الماء، عوض فرض قرارات لا يتم إشراك أرباب الحمامات وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام فيها، للرفع من مستوى التحسيس والوعي بخطورة تبذير الماء.
وعبر محمد الذهبي الكاتب العام لاتحاد المقاولات والمهن، عن دعم المهنيين اللامشروط لمبادرة الحفاظ على الماء، لكن مقابل إشراكهم وسماع تصوراتهم قبل اتخاذ أي قرار لاسيما وأن نتائج إغلاق الحمامات طيلة الأيام الثلاثة، سيقابله اكتضاض الزبناء خلال الأيام الأربعة التي تليها؛ الخميس، الجمعة، السبت والأحد، كما أن الحمامات إذا كانت ستغلق على العاشرة ليلا ستؤخر الإغلاق إلى منتصف الليل، وإذا كان سيفتح الحمام على الساعة السادسة صباحا، سيفتح على الساعة الرابعة فجرا.
ونبه محمد الذهبي في تصريح لجريدة بيان اليوم، إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الحمامات على مستوى كل مدينة، مقدما مثال الدار البيضاء التي تشتغل بمياه الآبار، هذه الأخيرة التي تتوفر على المياه الكافية، يضطر أرباب الحمامات وساكنة العمارات إلى تصريفها بفعل ارتفاع منسوبها.
وأوضح الذهبي أن المهنيين لهم دراية بالأوقات التي يستهلك فيها الماء كثيرا بالمقارنة مع العدد القليل من الزبناء، لهذا يقترحون الاشتغال جميع الأيام، لكن خلال الفترة المسائية التي يكون فيها الإقبال كبيرا، أي ابتداء من الساعة السادسة مساء إلى غاية العاشرة ليلا، علما أن عمال الحمامات لا بد من أن يواصلوا عملهم في جميع أيام الأسبوع، للإشراف على البنية التحتية والتجهيزات التي ستتأثر بفعل الإغلاق.
إلى جانب ذلك، يبحث أرباب الحمامات، بحسب المتحدث ذاته، عن إعادة إحياء بعض التقاليد التي كانت سائدة في الحمامات، من قبيل استعمال «البرمة» بدل الصنابير التي تساهم في تبذير المياه، مشددا على أن المنع والإقفال لا يساهم إلا في الإقبال على كل ما هو ممنوع، إلى جانب أن الزيادة في ثمن فاتورة الماء لن تحد هي الأخرى من المشكل، بل ستنعكس على جيوب المغاربة الذين يرتادون الحمامات.
وكشف محمد الذهبي، أن المهنيين تلقوا دعوة لحضور اجتماع بالعاصمة الاقتصادية لمناقشة الموضوع مع السلطات المحلية والمنتخبة، مؤكدا على ضرورة التواصل مع المهنيين وإشراكهم في اتخاذ القرارات، «وهذا هو المطلوب والمحبذ والعقلاني في مثل هذه المواضيع التي تهم الشؤون الوطنية» على حد تعبيره.
>يوسف الخيدر