الدخول المدرسي شبح يلاحق الأسر المغربية ويثقل كاهلها

يشكل الدخول المدرسي عند فئة كبيرة من المغاربة “قلقا” حقيقيا بسبب ما يتبعه من إجراءات وصعوبات مالية واجتماعية ونفسية خاصة لدى ذوي الدخل المحدود.
ويتزامن الدخول المدرسي مع مناسبات تفرض مصاريف استثنائية كهذه السنة، حيث مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان المعروف بما يكلفه من عبئ مالي للأسر، والعطلة الصيفية التي لا تخرج عن نفس المنطق، حل الدخول المدرسي حاملا معه انشغالات الآباء في التمكن من تسجيل أبنائهم الذين سيلجون المدرسة لأول مرة، وانشغالاتهم بشأن مواجهة تكاليف الكتب والمستلزمات المدرسية بالنسبة لأبنائهم في المستويات الأخرى.
في ظل هذا الوضع، ليس من السهل الإجابة بشكل مبسط عن السؤال المتعلق بالظروف التي تعيشها  الأسر ، خاصة من ذوي الدخل المحدود في مواجهة مختلف الاكراهات التي تطال ترتيباتها سواء على مستوى هيكلة إمكاناتها المادية المحدودة ، حيث يتجاوز حجم الإنفاق من الميزانية الشهرية أثناء الدخول المدرسي 1750 درهم، وقد يصل معدل الإنفاق على كل طفل أكثر من 800 درهم، (حسب آخر إحصائيات للمندوبية السامية للتخطيط  في هذا الباب)، لكن هذه الإكراهات تشمل أيضا مواجهة الثقل الاجتماعي لما بات يمثله ليس فقط تسجيل الأبناء بل اختيار المدرسة لهم.
ففي خضم هذا الوضع، لا يسلم التلاميذ من نوع من القلق، فأغلبهم وبمختلف مستوياتهم الدراسية  الابتدائية والثانوية  ، في المدن أو القرى، تبدأ بوادر الانشغال والمعاناة مع حلول كل دخول مدرسي، وإن كان الأمر يختلف بين التعليم في القطاع العام، والقطاع الخاص، ففي التعليم العمومي يرتبط الانشغال بالثوق إلى التسجيل بمدارس لها سمعة جيدة بين مؤسسات أخرى، كما يرتبط بالتفكير في كيفية التخلص من ثقل المحفظة وكثافة المقررات و الاهتمام بالكم ، أما في  القطاع الخاص فهناك مشاكل من نوعآخر تتجلى في صعوبة التسجيل أحيانا في البعض منها، خاصة إذا كانت من ذوات الصيت، هذا مع ارتفاع مستحقات التسجيل، والمستحقات الشهرية التي قد تفوق 2500 درهم للشهر إضافة إلى  الطلبات الأخرى و المتزايدة التي تطالب بها المدرسة وتفرض على الآباء توفريها لأبنائهم، والتي تثقل ميزانية الأسرة، فضلا عن أن الكتب المعتمدة أغلبها- إن لم يكن- جلها مستوردة وأسعارها باهظة.

الآباء واﻷمهات وفترة الدخول المدرسي

ليس من السهل على الكثير من الأمهات والآباء العودة الى الروتين المعتاد بالنسبة للفترة الدراسية، وذلك بعد مدة طويلة امتدت الى ما يناهز الشهرين، بل العديد منهم فضل تمديد العطلة للتخفيف من العبء المالي بالنظر لحلول الموسم الدراسي بعد فترة من انتهاء شهر رمضان والعطلة الصيفية وتعاقب عيد اﻷضحى.
حنان أم لطفلتين “إيناس 10 سنوات وريم 14″ يدرسان في مدرسة خصوصية بالرباط، رغم حالتها الميسورة نسبيا إﻻ أنها مع ذلك تصف المصاريف المخصصة للدخول المدرسي لطفلتيها بالباهظة، حيث تقول” إنها تضطر للتخلي عن بعض اﻷشياء من أجل اقتناء الكتب وأداء واجبات التسجيل بالمدرسة والتي تتراوح ما بين 1300 و1800 درهم، هذا مع تسديد واجبات التمدرس بالفصل المدرسي أي لثلاثة أشهر عند كل دخول.  
ونفس الحال، تقول السيدة نادية أم لطفل وطفلة، أنها تعاني منه كثيرا، فبالنسبة لها تخلت عن الكثير والكثير من أجل الدخول المدرسي ومن أجل تأمين حاجيات ومتطلبات أبنائها التي تفوق في بعض الأحيان قدرتها الشرائية.
وفيما يتعلق بقرار بعض الآباء تمديد عطلة أطفالهم المتمدرسين الى ما بعد عيد اﻷضحى ، يأتي كإجراء يهدفون من ورائه التخفيف نسبيا من التكاليف المادية، لكون الفترة غالبا ما يتبعها تسديد القروض ، وحتى تكون الفترة متنفسا لهم ولو ظرفيا من أجل مواصلة المسير واﻹستمرار في مواجهة ما يصفونه  ب”الطوارئ” بالرغم من القيمة والدﻻلة السوسيوثقافية و الدينية لكل هده المناسبات.
وهذا الواقع أكدته مديرة إحدى مؤسسات التعليم الخصوصي بمدينة سيدي بنور، والتي أبرزت أن نسبة التسجيل باﻻبتدائي  وصل خلال فترة ما قبل العيد إلى  50% باستثناء اﻷولى  التي سجلت90% ، فيما مرحلة الروض لم تشهد أي تسجيل بنسبة 0% ،عكس السنة الماضية التي سجلت في نفس الفترة 100%.
التلاميذ والموسم الدراسي الجديد

لا يرتبط الدخول المدرسي لدى التلاميذ بأي حال من الأحوال لدى أغلبهم بالجانب المادي، خاصة الصغار منهم، فيما بالنسبة للمراهقين يرتبط بالتفكير فيما قد يحمله من مستجدات على مستوى الأطر الدراسية الذين سيتلقون على أديهم مقررات هذه السنة، وكذا عبء التوفر على المستلزمات المدرسية.
ياسين 9 سنوات ، بعد انتهاء عطلته الصيفية و التحاقه بالمدرسة، يعتبر أن الدخول المدرسي صعب، لكون الأمر يتعلق بمرحلة جديدة أخرى، وبكثرة المتسلزمات المدرسية.

وزارة التربية الوطنية والتكوين في مقاربتها لمرحلة الدخول المدرسي

وكان بلاغ لوزارة التربية الوطنية قد أوضح أن الدخول المدرسي سينطلق فعليا يوم اﻻثنين 19 شتنبر، وستخصص الفترة الممتدة ما بين 1و10 شتنبر لمواصلة عملية تسجيل واعادة تسجيل التلميذات والتلاميذ  و قد حرصت من جهة اخرى على اتخاذ كافة التدابير و الإجراءات اللازمة من أجل توفير جميع الكتب و اللوازم المدرسية. كما دعت ايضا جميع الأطر التربوية و أطر الإدارة الى تكثيف الجهود من اجل انجاح هذا العام الدراسي الجديد .

علاقة التعليم بالصحة النفسية ومسؤولية الأسرة

ماهي الحالة السيكولوجية للآباء و اﻷمهات مع تزامن وتعاقب المناسبات بالدخول المدرسي و أثرها على الحالة النفسية للأطفال ؟
هل الحلول المقترحة  تكمن داخل اﻷسرة بهيكلة وتنظيم إمكاناتها المادية، أو في تيسير الحصول على القروض خلال هذه المناسبات من طرف المؤسسات البنكية أو مؤسسات القروض الصغرى ، واعتبرت سهام ،الإخصائية السكولوجية بإحدى مؤسسات الدولة ، في ردها على هاته التساؤلات أن جل العائلات المغربية  في هذه الفترة تعاني من ازمة مادية حادة ، والتي تعقب هاته المناسبات ، حيث يتوزع تفكير الآباء بين كيفية تأمين مصاريف شهر رمضان، ثم أعباء العطلة لأبنائهم، وتوفير مبلغ لاقتناء أضحية العيد، ثم بعد ذلك  توفير مصاريف لتسجيل الأبناء  في المدرسة، خاصة إلى كانت خصوصية والتي تتطلب توفير مبلغ معين، ثم مبالغ لشراء المستلزمات الدراسية،  و بالتالي فهذا الموضوع بالتأكيد تكون له تأثيرات سلبية على افراد الأسرة وخاصة على الأطفال.
وأكدت أنه من منظورها العملي والشخصي،” جل الحلول المقترحة “من قروض او غيرها ” ﻻ تكفي، فالحل المناسب يكمن في التسيير الجيد للميزانية ونهج الحوار خاصة مع الأطفال.
وأشارت إلى أن العائلة الناجحةَ ومنْ أجلِ ضمانِ بقائِهَا واستمرارِهَا قوية مؤثرة يجبُ أنْ لاَ تقف عند حدِّ التفكير المحدود في حل الأزمات على المدى القريب بل يجب تدبير الأمور على مداها البعيد مع الأخذ بعين الاعتبار احتمال الوقوع في المفاجآت الغير المتوقعة وأخذ الاحتياطات اللازمة، على الرغم من العوائق والصعوبات لكن في حدود الممكن ، مبرزة أن الحوار والصراحة داخل الأسرة خاصة الأطفال لشرح وتفهم الممكن من غير الممكن ،  بمعنَى أنْ تقتنعَ بالقيامِ بأعمالِهَا بطريقةٍ صحيحةٍ أوْ تؤدِّي وظيفتهَا الملقاة عَلَى عاتقِهَا بأمانةٍ وَإخلاصٍ، عَلَى الرغمِ منْ أهميةِ الوضع و إيجاد حلول مقابلة على حساب أشياء أخرى.

 كوثر دليل- سكينة لشهب (صحافيتان متدربتان)

Related posts

Top