جدد مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، التأكيد على رفض إلغاء عقوبة الإعدام من المنظومة الجنائية بالمغرب، قائلا “إن الاختيار الذي اختاره المغرب بشأن هذا الموضوع هو اختيار وسط، حيث قلص من عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام.. فمثلا بالنسبة لقانون العدل العسكري، انتقل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام من 16 جريمة إلى 6 جرائم فقط ، فيما تقلص عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام في مشروع القانون الجنائي، من 36 جريمة إلى 12 جريمة.
واعتبر مصطفى الرميد، خلال اللقاء الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، والذي تمحور حول قراءة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، قام بها الوزير المكلف بحقوق الإنسان، “أن المغرب يشهد تطورات إيجابية جدا بالرغم من أنها لا تستجيب لطموحات الحقوقيين المعتدلين في هذا الموضوع، مشيرا إلى أن هذه العقوبة لا تطرح مشكلا في المغرب، لأنه منذ سنة 1999، لم ينفذ أي حكم بالإعدام، علما أن مشروع القانون الجنائي سالف الذكر تضمن مقتضيات تضع شروطا لإصدار هذه العقوبة، بحيث تمت تقوية ضمانات المحاكمة العادلة، كما تم اشتراط إجماع الهيئة القضائية.
وأكد الرميد الذي كان يرد على أسئلة الحضور، خلال هذا اللقاء الذي حضره النقيب عبد العزيز بنزاكور وسيط المملكة، أن هذا الاختيار الذي تبناه المغرب لا يصل إلى مستوى طموحات الحقوقيين ومن ضمنهم رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مضيفا أن “عبقرية المغرب تكمن في كونه يحقق المكاسب في تدرج دون حرق للمراحل، وهذا منهج محمود في هذا الموضوع وغيره، تقر به توصية هيئة الإنصاف والمصالحة نفسها التي تحدثت عن التدرج.
وأضاف المسؤول الحكومي أن الإلغاء يشكل إشكالا بالنسبة للدول التي اختارته، حيث أورد في هذا الصدد، مثال فرنسا التي ألغت الإعدام، و”باتت تشهد مأزقا حول كيفية التعامل مع مقترفي جرائم القتل المتسلسل، والذين بالرغم من قضائهم لعقوبات حبسية طويلة سرعان ما يعودون بعد خروجهم من السجن لاقتراف ذات الجرائم”.
وبالنسبة للقراءة التي قدمها مصطفى الرميد للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد وصفه بالإعلان التاريخي الذي يؤرخ لمرحلة جديدة في تاريخ الإنسانية، خاصة وأن مصدره عطاءات الإنسانية لكل الحضارات، سواء كانت الحضارة الغربية بكافة تفرعاتها أو الحضارة الإسلامية أو الحضارة الشرقية أو الصينية، أو غيرها.
وأبرز الرميد أن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، فضلا عما سلف، ينبني على مبدأ “الكرامة”، مشيرا، فيما يتعلق بوضعية حقوق الإنسان في المغرب، إلى أنه لا أحد يستطيع أن يزعم أن وضعية حقوق الإنسان في المغرب مثالية، مستطردا أن “المغرب قطع مع ذلك أشواطا في مجال ضمان حقوق الإنسان وما زالت أمامه أشواط أخرى”، مستدلا على ذلك بالقول “إن الوضع اليوم، ونحن في سنة 2018، ليس كما كان عليه الأمر في سنة 1998، أو سنتي 1988 و1968، فالمغرب يتطور، ليس بالسرعة المطلوبة، لكن أؤكد جازما أن حقوق الإنسان في المغرب متقدمة مقارنة بالوضعية في دول الجوار خاصة بالجنوب”.
وبشأن التحفظات التي تقدمها مجموعة من الدول على بعض المواد التي تتضمنها بعض الاتفاقيات الدولية، لفت المسؤول الحكومي أن التحفظات ليست بدعة بل هي نظام معترف به، وتتضمنه اتفاقية فيينا التي تعطي الحق للدول للتحفظ، علما أن هناك اتفاقيات تجيز التحفظ وأخرى تمنع القيام بذلك، مشيرا إلى أن التحفظات هي إجراء سياسي تراعي أوضاعا قد تتغير ويتم رفعها أو وضعها حسب الدواعي.
وأفاد في موضوع ذي صلة، أن المغرب صادق على اتفاقية السيداو، لكنه لم يصادق عليها كليا، حيث صادق مع تحفظ واحد وتفسيرين اثنين، وهذا يعني أن المغرب يستحضر إشكالات خاصة به تستند إلى نظامه العام القانوني.
فنن العفاني