السلطات الجزائرية تحتجز الصحافيين المغاربة وتجردهم من معداتهم بمطار هواري بومدين

عاد طاقما بعثة قناة “الأولى” و”ودوزيم” أدراجهما إلى المغرب دون تغطية قمة الجامعة العربية بالجزائر، على خلفية احتجازهما في المطار وسوء المعاملة وتجريدهما من معداتهما وعدم إعطائهما التصاريح اللازمة.
وجاء في تدوينة لمبعوث القناة محسن قيس، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن “التهميش والإقصاء وسوء المعاملة لم يطل المسؤولين المغاربة فقط بل كذلك الوفد الإعلامي المغربي الذي كان حاضرا من بينهم للمشاركة في أشغال الجامعة العربية”، موضحا أنه تم تركهم في المطار لساعات طوال بعد سفر تطلب منهم التوجه لباريس ثم بعدها الجزائر نظرا لقرار دولة العسكر قطع الحدود الجوية مع المغرب.
وأضاف قيس في تدوينته، أنهم تعرضوا لكل أشكال اللامبالاة والتحقيقات غير الرسمية من أجهزة ادعت أنها تريد المساعدة لحل مشكلة الولوج إلى بلد “لا تؤمن بحسن الجوار”، لكن دون جدوى، مستطردا: “استغرق الأمر أكثر من ست ساعات داخل المطار ليأتي بعدها الفرج الملغوم مفاده إمكانية ولوجنا الأراضي الجزائرية كأفراد، وليس كصحفيين، أي بمعنى آخر جردنا من كل آليات اشتغالنا من معدات وتجهيزات ودائما لأسباب واهية اعتدنا أن تختلقها الجزائر في ملف وحدتنا الترابية فما بالك في هكذا قمة فشلت قبل انطلاقها”.
وأورد قيس في تدوينته، أنهم بعد ذلك توصلوا بخبر مفاده أن الإعلام المغربي لا مكان له بالقمة وبالتالي ليس لهم الحق في الاعتمادات، مردفا: “هنا تساءلنا مرة أخرى عن سبب تواجدنا فوق أرض تكره المغرب وأبناءه، أكيد فتفوقنا واضح من الوهلة الأولى، بنية تحتية وعقلية ودبلوماسية هشة وتحتاج الكثير من التأهيل وفكر يطغى عليه الحقد إزاء التطور الكبير الذي تعيشه المملكة، الحمد لله على بلدنا وملكنا فحتى التجول بالجزائر محكوم بتوقيت محدد بالنسبة للمواطنين كما الأجانب، طرق تقفل ومحلات تغلق فعلا دولة عسكر لا زالت تشتغل بمبدأ حظر التجوال”.
في سياق متصل، وجه المجلس الوطني للصحافة رسالة إلى أحمد أبو الغيط، أمين عام الجامعة العربية، للتنديد بما حصل للوفد المغربي الذي توجه للجزائر قصد تغطية أشغال القمة العربية 2022، والتدخل العاجل لمطالبة سلطات هذا البلد السماح للوفد بتأدية واجبه المهني، كما بعث رسالة مماثلة لسفراء الدول العربية، بالمغرب، بنفس المضمون.
وأعرب المجلس في رسالته عن أسفه لتعرض الصحفيين المغاربة للمنع والتنكيل من طرف سلطات الدولة التي تحتضن هذه القمة، في تعارض تام مع الأعراف الديبلوماسية ومع الالتزامات تجاه الجامعة العربية، التي من المفترض أن تحترمها الدولة المضيفة.
وأكد المجلس أن الوفد الصحافي المغربي، الذي توجه للجزائر قصد القيام بواجبه المهني، تعرض إلى شتى أنواع التنكيل والمضايقات، رغم قيامه بكل الترتيبات الإدارية التي وضعتها سلطات هذا البلد، غير أنه ووجه بالقمع الممنهج، منذ وصوله إلى مطار العاصمة الجزائرية.
وسجل المجلس الوطني للصحافة، أن هذه الممارسات القمعية والترهيبية، أصبحت ممنهجة، من طرف السلطات الجزائرية، تجاه الصحافيين المغاربة، حيث سبق لدولة الجزائر أن طردت الصحافيين المغاربة، الذين توجهوا لتغطية فعاليات الألعاب المتوسطية المنظمة بوهران، بحجة أنهم جواسيس ومخابرات.
وندد المجلس بهذه الممارسات الممنهجة، التي تتم عن سبق إصرار، من طرف دولة الجزائر، مؤكدا على أنه بالإضافة إلى تعارضها مع الالتزامات المفروض على هذه الدولة احترامها كعضو في الجامعة العربية، تنظم قمة 2022، فإنها تتنافى كذلك مع أبسط مبادئ حرية الصحافة والإعلام، المتعارف عليها دوليا.
وجاء في الرسالة ذاتها “إننا في المجلس الوطني للصحافة، الذي ينظم الولوج للمهنة، بالمغرب، ويسهر على احترام أخلاقياتها وحماية الصحافة والصحافيين، ننتظر من معاليكم، التحرك العاجل قصد اتخاذ موقف واضح تجاه هذه الممارسات المشينة، والتدخل الفعال، بهدف السماح للوفد الصحافي المغربي، القيام بواجبه المهني”.
من جانبها، عبرت الفيدرالية المـغربية لناشري الصحف عن غضبها واستنكارها لما تعرض له الوفد الإعلامي المغربي، الذي سافر إلى الجزائر لتغطية القمة العربية، والتعامل غير القانوني من طرف السلطات الجزائرية في حقه.
وأوضحت في بلغ صحافي لها، أن ما حدث هذه المرة مع أطقم القناتين التلفزيونيتين المغربيتين “الأولى” و”دوزيم”، لم يكن السلوك الأول من نوعه من لدن السلطات الجزائرية تجاه الصحفيين المغاربة، ولكنه تكرر أكثر من مرة أثناء تغطية أي حدث يقام بالجزائر.
وطالبت الفيدرالية جامعة الدول العربية، باعتبارها الجهة المنظمة رسميا للقمة العربية، بتحمل مسؤوليتها وإبداء موقفها مما اقترفته سلطات البلد المحتضن.
ودعت المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية المعنية بحرية الصحافة إلى استنكار ما تعرض له الإعلاميون المغاربة في الجزائر. ونادت المنظمات المهنية والقوى الحية في الجزائر إلى إبداء موقفها مما حدث، وإدانة رعونة السلطات الجزائرية.
وشددت الفيدرالية المـغربية لناشري الصحف على أنها تساند المبادرة التي يعتزم القيام بها فرع جهة الشرق في الحدود ولدى السلطات القنصلية هناك، “وتضع نفسها رهن إشارة كل مبادرة مهنية مغربية تروم متابعة ما وقع، والقيام بأي إجراء قانوني أو استنكاري بهذا الشأن”.
من جهتها، عبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، عن إدانتها استفزازات السلطات الجزائرية تجاه الإعلاميين المغاربة، مؤكدة أن هذا السلوك تجاه الصحافيين المغاربة ليس غريبا على سلطات أمنية متخلفة، وذكرت النقابة بما تعرض له الوفد الصحافي المغربي بمطار هواري بومدين خلال شهر يونيو الماضي حين منع من تغطية ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي نظمت بالجزائر، وتم ترحيله قسرا نحو تونس.
وأكدت النقابة تضامنها المطلق مع الزملاء الصحافيين ضحايا هذه التصرفات المشينة، داعية المسؤولين في جامعة الدول العربية إلى تحمل مسؤوليتهم الكاملة فيما تعرض له الوفد الصحافي المغربي، باعتبار القمة العربية من مسؤولية جامعة الدول العربية، والجزائر مجرد محتضنة، ولا حق لها في منع وفد صحافي من القيام بواجبه المهني، خصوصا إذا كان الوفد ينتمي إلى دولة معنية بانعقاد القمة العربية، ومشاركة فيها بوفد رسمي.
واعتبرت النقابة أن هذا الفعل المشين يحرم المغاربة من حقهم في الحصول على معلومات تخص القمة والمشاركة المغربية، مشددة على أن السلطات الجزائرية لم تعد مخاطبا جديرا بالثقة، وبالتالي فإنها تحمل المسؤولية لهذه السلطات عن أي شكل من أشكال الاعتداء يمكن أن يتعرض له أي صحفي/ة مغربي/ة، كما تحمل الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المسؤولية المشتركة عن حرمان الوفد الإعلامي المغربي من تغطية أشغال القمة العربية في ظروف لائقة وآمنة.

< عبدالصمد ادنيدن

Related posts

Top