السياسة الأخلاقية عند الفارابي

عرف العالم، ظهور الحضارة الإسلامية، التي تعد من بين الحضارات الهامة في العالم والتي كان لها الفضل في إنجاب العديد من الفلاسفة والمفكرين الذين وضعوا بصمتهم في العالم، كما انبثق عن هذه الحضارات ظهور مدارس فكرية، منها المدرسة المشائية والكلامية التي تولد عنها ظهور فلاسفة كبار أمثال المعلم الثاني الفارابي، لقد تشبع هذا الأخير بالعديد من المسائل المرتبطة بفلاسفة الفكر اليوناني، خاصة الفيلسوف أفلاطون، وأرسطو بالإضافة إلى المدرسة الأفلاطونية الجديدة، فهذا يزيد من شخصيته الفكرية والعلمية.
ما يثير الغرابة هو أن هناك تضاربا حول فلسفة الفارابي، وتأثرها بالفلسفة اليونانية. ولعل هذا التضارب يحيلنا على الإشكالية الكبرى التي يتمحور حولها موضوعنا وهو: ما هي حقيقة العلاقة بين فكر الفارابي والفكر اليوناني؟
ولمحاولة الإجابة عن هذه الإشكالية الكبرى ارتأينا طرح إشكاليات فرعية والتي يمكن حصرها فيما يلي:
– من هو الفارابي؟
– أين تكمن أهمية الجانب الأخلاقي والسياسي في فلسفة الفارابي؟
– ما نوع العلاقة التي يمكن أن تجمع بين اهتماماته السياسية والأخلاقية في فلسفته؟
– إلى أي حد يمكن القول إن مقاربته السياسية لتلك المدينة الفاضلة يمكن اتخاذها كنموذج واقعي يحتذى به؟
للإجابة عن هذه الإشكالات عمدنا إلى تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة فصول.
الفصل الأول: وخصصناه لحياة الفارابي وبيئته ومؤلفاته واهتماماته بشكل عام.
الفصل الثاني: استحضرنا فيه الجانب الأخلاقي والسياسي والعلاقة بينهما في فلسفة الفارابي.
الفصل الثالث: الفارابي مؤسسا للخطاب المدني في العالم الإسلامي.

الفصل الأول:

أكيد لا يمكننا دراسة أي شخصية فلسفية كالفارابي، مادام موضوع بحثنا، دون أن نعرفه، لذلك يستحسن تعريفه لكم حتى نكون على علم بالظروف التي نشأ فيها.
المعلم الثاني الفارابي، (ولد سنة 339 هجرية- 950 ميلادية، وتوفي سنة 257 هجرية – 870 ميلادية)، هو أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ من مدينة فاراب.
دخل العراق واستوطن بغداد، وقرأ بها ما تيسر من العلم على يد يوحنا بن حيلان، واستفاد منه، واشتهرت تصانيفه وكثر تلاميذه، وشرح الكتب المنطقية وأظهر غامضها وكشف سرها وقرب متناولها، وجمع ما يحتاج إليه منها في كتب صحيحة العبارة لطيفة الإشارة، منبها على ما أغفله الكندي وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعاليم.
في سنة 330 هجرية/ 941 ميلادية، انتقل إلى دمشق، ثم اتصل بسيف الدولة الحمداني صاحب حلب، فضمه إلى علماء بلاطه واصطحبه في حملته على دمشق حين توفي الفارابي، وله من العمر ثمانون سنة.

مكانته:

يقول ابن خلكان، “الفارابي أكبر الفلاسفة المسلمين على الإطلاق وقد أنشأ مذهبا فلسفيا كاملا، وقام في العالم العربي بالدور الذي قام به أفلوطين في العالم الغربي، وهو الذي أخذ عنه ابن سينا وعده أستاذا له، كما أخذ عنه ابن رشد وغيره من فلاسفة العرب، وقد لقب بحق المعلم الثاني على اعتبار أن أرسطو هو المعلم الأول.

مؤلفاته:

يذكر القفطي قائمة بمؤلفات الفارابي، يتضمن القسم الأكبر منها شروحا وتعليقات على فلسفة أرسطو وأفلاطون وجالينوس، تناول فيها الفارابي كتب المنطق والطبيعيات والنواميس والأخلاق وما بعد الطبيعة.
اشتهر الفارابي كشارح لأرسطو، وقد ذكر ابن سينا أنه طالع كتاب “ما بعد الطبيعة لأرسطو” أكثر من أربعين مرة ولم يفهمه حتى وقع أخيرا على كتاب الفارابي في “أغراض ما بعد الطبيعة”، فلما قرأه فتح له ما كان مغلقا منه واتضح ما كان غامضا، ومع ذلك فإن قيمة الفارابي الحقة تقوم على ما صنف من كتب وأشهر كتبه المصنفة هي:
– كتاب “الجمع بين رأيي الحكيمين، أفلاطون الإلهي وأرسطو طاليس”
– كتاب “تحصيل السعادة”
– كتاب “آراء أهل المدينة الفاضلة”
– كتاب “السياسات المدنية”
– كتاب “الموسيقى الكبير”
– إحصاء العلوم
– رسالة في العقل
– رسالة فيما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة
– عيون المسائل
– ما يصح وما لا يصح من أحكام النجوم…إلخ (1)

الفصل الثاني:

الفلسفة الفيضية:

إن حركة الترجمة التي نشطت في القرن الثالث الهجري، لا سيما في عهد الخليفة المأمون، جعلت المفكرين المسلمين يلمون بمختلف أوجه الفكر اليوناني. وأعجب هؤلاء المفكرون خصوصا بمنطق أرسطو القوي، وبالعلوم والمعارف التي توصلت إليها اليونان.. ومن هنا أدرك المفكر الإسلامي إنه في استطاعة العقل البشري إدراك الحقيقة، ولما كان العقل المرشد هاديا للحق فلا بد من أن يكون من مصدر إلهي، ومن أقر العقل بحق الهداية والإرشاد فقد عظمه ورفع من شأنه، فإذا أنبأ الوحي عن الحقيقة فإنه لا يعارض العقل معارضة جوهرية، وهذا مبدأ عام يقول به فلاسفة الاسلام.
من بين المؤلفات اليونانية العديدة التي نقلت إلى العربية، يوجد كتاب “أثولوجيا أرسطو”، وله أهمية خاصة، إذ أنه فتح آفاقا جديدة للفكر الإسلامي.
هذا الكتاب المنسوب خطأ إلى أرسطو هو في الواقع مجموعة لبعض تساعيات أفلوطين المدافع الأكبر عن الفلسفة الفيضية، والمعروف أنه كانت لأرسطو مكانة خاصة لدى مفكري الاسلام الذين اعتبروه بحق المعلم الأول للبشرية، أعني أفضل من يمثل مقدرة العقل على الوصول إلى الحقيقة، فمن يتبع نظام أرسطو في التفكير يسير في الطريق القويم.
وكتاب أثولوجيا أرسطو، يتحدث عن فيض العالم عن كائن أول (الواحد)، ويجعل سلسلة من الوسطاء بين هذا الكائن الأول والإنسان.
وجد الفارابي في هذا النظام الفيضي حلا منطقيا لجميع المسائل التي يثيرها الوحي، ويتأمل فيها المفكر وأهمها مسألة: مصدر العالم، طبيعة الله، مصدر النفس البشرية ومصيرها، والنبوة… والأسس التي يجب أن تشيد عليها المدينة الفاضلة.
لجأ الفارابي أولا إلى هذا الكتاب “أثولوجيا أرسطو” ليقوم بمحاولة التوفيق بين أفلاطون وأرسطو، وليثبت أن الفلسفة اليونانية تتميز بوحدتها المتماسكة الأجزاء المنسقة المبادئ، لا فجوة فيها ولا تناقض، ولكن فات الفارابي، وهو يقوم بمحاولته هذه، أنه كان في الواقع يوفق بين آراء أفلاطون وأفلوطين. (2)
وبعد هذه المحاولة الأولى، قام الفارابي بمحاولته الثانية التي عرضها في كتابه، “آراء أهل المدينة الفاضلة”، وهذا الكتاب على صغر حجمه يعتبر مجموعة لأهم المسائل الفلسفية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية. (3)
إن لهذه الفلسفة الفيضية جانبا تطبيقيا، وهو تكوين مجتمع بشري على أسس من العدالة والفضيلة، ولما كان النبي أو الفيلسوف يدركان هذه الحقائق فيحق لهما فقط أن يؤسسا المدينة الفاضلة، التي تقوم على دعائم موحى بها من الله.
حتى نشرح هذه العلاقة عن النبي والفيلسوف، يرى الفارابي أن العقل الفعال يشرق دائما وباستمرار الحقائق على العالم ولكن الأنفس ذات المخيلة الصافية تتلقى هذه الحقائق وتعبر عنها بلغة بشرية تجعلها في متناول حواس الآخرين ومخيلتهم حيث يوجد صدى ضئيل لهذه الحقائق، أما الحقائق في ذاتها تخضع لرئيس واحد هو القلب، كذلك يجب أن يكون الحال في المدينة، وكما أن القلب هو أول ما يتكون في الجسم ومن تم تتكون باقي الأعضاء فيديرها القلب، كذلك رئيس المدينة، يجب أن يكون أتم أعضائها وأن يوجد هو أولا لينظم المدينة ويدبرها، والرئيس هو إنسان تحققت فيه الإنسانية على أكملها اكتسب عقله جميع المعقولات وأصبح عقلا بالفعل، (عقلا مستفادا) (4)
ومثل هذا الرجل يكون رئيس المدينة والأمة والمعمورة الفاضلة، ويكون متميزا بخصال معينة من بينها أن يكون جيد الفهم والحفظ، ذكيا، محبا للتعليم…إلخ.
ويكون الرئيس الثاني الذي يخلف الأول من اجتمعت فيه شروط معينة مثل أن يكون جيد الفهم والحفظ، ذكيا، محبا للتعليم، وأن يكون حافظا للشرائع…إلخ.
فالرئيس الأول على الإطلاق هو الذي لا يحتاج ولا في شيء أصلا أن يرأسه إنسان، بل يكون قد حصلت له العلوم والمعارف بالفعل ولا تكون له به حاجة في شيء إلى إنسان يرشده، وتكون له قدرة على جودة إدراك شيء، وقدرة على تقدير الأعمال وتحديدها وتسديدها نحو السعادة.
وهو الفارابي هنا يبدأ بمناقشة صفات الرئيس الأول بتأكيد الوظيفة المشتركة للرئيس الفيلسوف والرئيس النبي، باعتبارهما صلة الوصل بين الموجودات الإلهية العليا وبين المواطنين الذين لا يعرفون هذه الموجودات بطريقة مباشرة، فالرئيس الأول هو المعلم والمرشد الذي يجعل المواطنين يعلمون ما هي السعادة، والذي ينهضهم على القيام بما يلزم لنيلها، والذي لا يحتاج وفي شيء أصلا أن يرأسه إنسان ويجب عليه أن يمتلك المعرفة وفهما كاملا لكل ما يجب عمله وأن يكون لديه قوة على جودة الإرشاد لكل من سواه، وقدرة على جعل الآخرين يقومون بالوظائف التي أعدوا لها وعلى تقدير الأعمال، وتحديدها نحو السعادة، ومن الواضح أن هذه الصفات تتطلب النمو الأكمل للملكة العقلية وفقا لعلم النفس الأرسطي الذي يعرضه الفارابي في مصنفاته المدنية، فإن اكتمال الملكة العقلية يكون من خلال الاتصال بالعقل الفعال.
هذا الرئيس الأول هو مصدر كل قوة ومعرفة في النظام، ومن خلاله يتعلم المواطنون ما ينبغي عليهم معرفته، وما ينبغي عليهم فعله، وكما أن الله أو السبب الأول للعالم يوجه كل شيء آخر، وبما أن كل شيء آخر يتوجه نحوه، كذلك ينبغي أن تكون المدينة الفاضلة، فإن أجزاءها كلها ينبغي أن تحتوي بأفعالها حذو مقصد رئيسها الأول على الترتيب. (5)
وإلى هذا الحد يعتبر الفارابي أن الرئيس النبي هو نفسه الرئيس الفيلسوف؛ فكلاهما رئيس أول بشكل مطلق، ولكليهما سلطة مطلقة فيما يخص تشريع المعتقدات والأفعال، وكلاهما يكتسب هذه السلطة بفضل اكتمال ملكتهما العقلية، وكلاهما يتلقى الوحي من الله بواسطة العقل الفعال: (الشريعة والحكمة)، مما يجعلنا نؤكد أن الحكمة أو الفلسفة شرط ضروري لتأسيس المدينة الفاضلة وبقائها.. ومن جهة أخرى فإن النبوة ضرورية لتأسيس مدينة فاضلة، ولكنها غير ضرورية لبقائها، وهو الفارابي هنا يشترط تطابق الملكة العقلية التامة وملكة النبوة، وهذا المطلب تفرضه تركيبة المدينة الفاضلة كاجتماع مدني أي كواقعة، فرئيس المدينة الفاضلة هو سيد الشريعة وليس خادما لها، والمسألة ليس في عدم خضوعه لحكم إنسان، بل عدم خضوعه للشريعة، فهو سبب الشريعة وهو الذي خلقها ويبطلها ويغيرها عندما يرى ذلك مناسبا، وهو يمتلك هذه السلطة بسبب حكمته وقدرته على أن يقرر في ظروف معينة، ما هو الأفضل للخير العام، عندما يصب تغيير الشريعة أمرا ضروريا لبقاء النظام الفاضل، وليس فقط أمرا مفيدا، لأن دور الرئيس أين يكمن؟
هو عندما يرى أن تغيير الشريعة أمر ضروري وعندها يتخذ كل الاحتياطات اللازمة، لا تعود حيث لا تعود سلطته التي تخوله تغيير القانون موضع تساؤل، لذلك ما دام الرئيس حيا يكون الحكم الأول للملكة العقلية والحفاظ على نفس الشرائع أو تغييرها على ضوء حكمه كفيلسوف. (6)
والناس الذين يدبرون برئاسة هذا الرئيس هم الناس الفاضلون والأخيار والسعداء، فإن كانوا أمة فتلك هي الأمة الفاضلة، وإن كانوا أناسا مجتمعين في مسكن واحد كان ذلك المسكن الذي يجمع جميع من تحت هذه الرئاسة هو المدينة الفاضلة. (7)
إن موضوع العلم المدني المركزي هو ما يسميه الفارابي “بالرئاسة الفاضلة” أو المهنة الملكية الفاضلة، أي صناعة الملك الذي يؤسس ويدبر ويحفظ المدينة أو الأمة الفاضلة، وغايته هي السعادة الحقيقية التي يحصلها الإنسان بالأعمال الحسنة والنبيلة والفاضلة.
وتختلف تلك الصناعة عن أصناف الرئاسة الجاهلة التي تنشأ مدنا وأمما جاهلة تكون فيها غايات مثل (الثروة والكرامة)، مفترضة فقط على أنها سعادة.
لاشك أن الموضوع المركزي لكتابات الفارابي المدنية هو السياسة الفاضلة أي النظام السياسي الذي يوجهه مبدأ تحقيق الكمال الإنساني أو الفضيلة وفي تحقيق السعادة في حد ذاتها، يقول الفارابي: “السعادة هي الخير المطلوب لذاته، وليست تطلب أصلا ولا في وقت من الأوقات لينال بها شيء آخر وليس وراءها شيء آخر يمكن أن يناله الإنسان أعظم منها”.(8)
يمكن تعريف المدينة الفاضلة بأنها المدينة التي يجتمع فيها البشر ويتعاونون من أجل أن يصبحوا فضلاء، ولكي يقوموا بالأفعال الجميلة وينالوا السعادة.
وتتميز هذه المدينة بمعرفة كمال الإنسان الأقصى وبالتمييز بين الجميل والخسيس وبين الفضائل والرذائل وبالجهد المدبر للرؤساء والمواطنين ولكي يطوروا الهيئات والملكات التي تنشأ عنها الأفعال الجميلة، المفيدة في نيل السعادة.
ويعني تحصيل السعادة هو استكمال تلك القوة في النفس الإنسانية الكامنة في عقله والذي يتطلب تهذيب الرغبات الدنيا لكي تتعاون مع العقل وتساعده على القيام بفعله الخاص وعلى اكتساب الصناعات والعلوم الأسمى أيضا. (9)
وما إن يتم توضيح الخصائص الأساسية للمدينة الفاضلة حيث يصبح فهم الخصائص السياسية لباقي المدن وتصنيفها أمرا سهلا نسبيا: والفارابي يقسم هذه المدن إلى أربعة أقسام كبرى:
– المدينة الجاهلة: التي لم يعرف أهلها السعادة الحقيقية واعتقدوا أن غاية الحياة في سلامة البدن، والتمتع بالذات والانقياد إلى الشهوات، وأن يكون الإنسان مكرما معظما.
– المدينة الفاسقة: التي عرف أهلها السعادة والله، ولكن، جاءت أفعالهم، أفعال أهل المدن الجاهلة.
– المدينة المبدلة: هي التي كانت آراء أهلها آراء المدينة الفاضلة، ولكن تبدلت فيها وأصبحت آراء فاسدة.
– المدينة الضالة: هي التي يعتقد أهلها آراء فاسدة في الله والعقل الفعال ويكون رئيسها ممن أوهم إنه يوحي إليه، وهو ليس كذلك. (10)
“فمصير أهل المدن الجاهلة إلى الزوال، وأنفس أهل المدن الفاسقة تخلد في الشقاء، وأنفس أهل المدن المبدلة تزول، غير أن من بدل عليهم الأمر وكان يعلم الحقيقة، فنفسه تخلد في الشقاء، فكذلك نفس من أوهم أنه ممن أوحى إليه، أما أهل المدن الضالة فمصيرها الزوال”.(11)
إذن كل هذه الأنواع من المدن مضادة للمدينة الفاضلة لأنها تفتقر إلى المبدأ الموجه الذي هو المعرفة الحقة والفضيلة أو إلى الملكة التي تقود الإنسان إلى الأفعال المؤدية إلى السعادة الحقيقية، بدلا من ذلك يتم تشكيل أطباع أهل المدن على أساس أن الهدف هو تحصيل واحدة أو أكثر من الغايات الدنيا.(الكمال النظري للفلسفة).

ما يهمنا من كتاب السياسة المدنية للفارابي هو منهجه في البحث عن طبيعة الأمور والأشياء التي يبحث فيها، والطريقة التي اتبعها وما تفيدنا عن عرضه الفلسفي الأخير، ولا يخفى أهمية الكتاب على المترجمين والعلماء وأن للفارابي في العلم الإلهي وفي العلم المدني كتابين لا نظير لهما، أحدهما معروف بالسياسة المدنية والآخر معروف بالسيرة الفاضلة، عرف فيها بجمل عظيمة من العلم الإلهي على مذهب أرسطو طاليس في مبادئ السنن الروحانية وكيف تؤخذ عنها الجواهر الجسمانية، وفرق بين الوحي والفلسفة ووصف أصناف المدن الفاضلة وغير الفاضلة… (12)
أول ما يسترعي نظرنا في معظم مؤلفات الفارابي السياسية وفي السياسة المدنية بالأخص، أي أنها تصانيف في العلم المدني كما في الوقت نفسه رسائل تبحث في العلم الإلهي، (الميتافيزيقا)، والسؤال هنا هو لماذا اختار المعلم الثاني أن يعرف بتعاليمه في الإلهيات ضمن إطار سياسي؟
لا شك أن غاية أبي نصر الفارابي في استعمال هذه الطريقة له مبرر ويمكن الاستدلال على قصد الفارابي بتفحص شروحه لفلسفة أفلاطون حيث يتكلم عن الطريق الذي استعمله سقراط وهو طريق ما اصطلح عليه بالفحص العلمي، تصلح للخواص وليس للجماهير مما أدى إلى استشهاد صاحبها، وهكذا اختار أفلاطون أن يستعمل طريق المحاورة أولا لينجو من مصير مشابه لمصير معلمه سقراط، وثانيا لاعتقاده أن الفلسفة وقف على الخواص والذين يكدون في تحصيلها.
لقد أدرك الفارابي أن الفلسفة خطر على المجتمع كما أن المجتمع خطر على الفلسفة، فكيف السبيل للتوفيق بين الضرورتين؟
ss أدرك الفارابي هذه المشكلة كما أدركها أفلاطون من قبله، فكمسلم كان عليه أن يعيش بحسب التقاليد التي حددتها أحكام الشرع، ولكنه كفيلسوف التمس أن يوقف أهل ملته وغيرهم على ما هم عليه من الخطأ دون أن يصير إلى ما صار إليه سقراط ودون تخسيس الفلسفة بجعلها في متناول الجميع، وقد رأى الفارابي في فلسفة أفلاطون السياسية نموذجا يقلده، فلجأ إلى تغليف آرائه في الإلهيات ضمن إطار مدني، فشبه الفيلسوف بالإمام والنواميس بالشريعة، بهذه الطريقة أدخل الفارابي الفلسفة إلى المجتمع الإسلامي، فالعلم المدني يتخذ لنفسه أهمية كبرى في فلسفة الفارابي، لأنه يشكل المدخل إليها ويدلنا إلى الغاية الأخيرة وهي أن السعادة القصوى لا تتم إلا بالكمال النظري الفلسفي. (13)
لا شك أن الإنسان يحتاج إلى الاجتماع والتعاون، وكل واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه أن يبلغ أفضل كمالاته، إلى أشياء كثيرة لا يمكنه أن يقوم بها كلها هو وحده، بل تحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه، فلذلك لا يمكن أن يكون الإنسان ينال الكمال، الذي لأجله جعلت الفطرة الطبيعية، إلا باجتماعات جماعة كثيرة متعاونين، يقوم كل واحد لكل واحد ببعض ما يحتاج إليه في قوامه…إلخ (14)
وطبعا حاجة هذا الاجتماع هو تحصيل السعادة، يقول الفارابي: “فالمدينة التي يقصد بالاجتماع فيها التعاون على الأشياء التي تنال بها السعادة في الحقيقة هي المدينة الفاضلة، والاجتماع الذي به يتعاون على نيل السعادة هو الاجتماع الفاضل، والأمة التي تتعاون مدنها كلها على ما تناول به السعادة هي الأمة الفاضلة وكذلك المعمورة الفاضلة إنما تكون، إذا كانت الأمم التي فيها تعاون على بلوغ السعادة.
والمدينة الفاضلة تشبه البدن التام الصحيح، الذي تتعاون أعضاؤه كلها على تتميم حياة الحيوان، وعلى حفظها عليه، وكما أن البدن أعضاؤه مختلفة متفاضلة الفطرة والقوى، وفيها عضو واحد رئيس وهو القلب، وأعضاؤه تقرب مراتبها من ذلك الرئيس، وكل واحد منها جعلت فيه بالطبع قوة يفعل بما فعله، ابتغاء لما هو بالطبع غرض ذلك العضو الرئيس، وأعضاء أخرى فيها قوى تفعل أفعالها على حسب أغراض هذه التي ليس بينها وبين الرئيس واسطة، فهذه هي الرتبة الثانية، وأعضاء أخرى تفعل الأفعال على حسب غرض هؤلاء الذين في هذه المرتبة الثانية، ثم هكذا إلى أن تنتهي إلى أعضاء تخدم ولا ترأس أصلا، وكذلك المدينة أجزاؤها مختلفة الفطرة، متفاضلة الهيئات وفيها إنسان هو رئيس، وآخر يقرب مراتبها من الرئيس وفي كل واحد منها هيئة وملكة يفعل بها فعلا.
يقتضي به ما هو مقصود، ذلك الرئيس وهؤلاء هم أولوا المراتب الأولى… ثم هكذا تترتب أجزاء المدينة إلى أن تنتهي إلى آخر يفعلون أفعالهم على حسب أغراضهم…إلخ.
وما سبق طرحه يعكس أن فكرة تشبيه البدن بجسم المدينة الفاضلة هي فكرة أفلاطون في الأصل، يقول “المدينة الفاضلة تشبه البدن التام الصحيح الذي تتعاون أعضاؤه كلها من تتميم حياة الحيوان وعلى حفظها عليه، وكما أن البدن أعضاؤه مختلفة متفاضلة الفطرة والقوى”. (15) ومن خلال هذا النص نفهم أن أفلاطون قد ربط البدن بالمدينة من ناحية ارتباط هياكل المدينة، وأن أي هيكل أو عضو في البدن والمدينة يؤدي إلى خلل في سائر الهياكل الأخرى.
كما أخذ الفارابي عن أفلاطون في قوله، “إن الاجتماع يقوم بتوزيع الأعمال والمهام على أساس القدرة والكفاءة”. (16)
ونعني من خلال إدراجنا لهذا النص، بأن عند الاجتماع، لابد خلاله من توزيع الأدوار على الأفراد في العمل، لأن الناس جميعهم يختلفون في قواهم العقلية مما يشكل تفاوتا بين أفراد المجتمع الواحد، وهذا التفاوت في نظر كل من الفارابي وأفلاطون ليس قائما على أساس سلبي، بل ناتج على أساس إيجابي.
وعموما وما يمكن قوله، إن الظروف العامة التي عاش فيها الفارابي عصره والتي تعكس صراعات سياسية كبرى تمثلت بالأساس في فساد الخلافة العباسية، مما دفع بالفارابي إلى الهجرة، باحثا عن العدالة التي لم يجدها في بلده، ناهيك عن العنف والفساد الذي كان سائدا.
فسياسيا، عاش الفارابي في ظل دولة إسلامية واجهت الخوف والفوضى وظهور الفساد وتسلط الحكام على الشعوب، مما نتج عن هذه الصراعات حركات ثورية وهي الصراعات التي واجهها عصر الفارابي، مما سيضطر إلى البحث عن الأمن في بغداد.
أما اجتماعيا: فلقد عرف عصر الفارابي بالترف والتبذير…إلخ. من ذلك البذخ الذي كان يتمتع به الخلفاء وحواشيهم من البيت العباسي ومن العلماء والمثقفين، أما الشعب الآخر عليه أن يتجرح البؤس والشقاء وأن يتحمل من أعباء الحياة ما يطاق وما لا يطاق، ومرد ذلك كله إلى طغيان الخلفاء العباسيين الذين حرموا الشعب حقوقه وطوقوه بالاستعباد والعنف الشديد.. وعلى إثر هذه الصراعات ظهرت الانقسامات في البلد حيث انقسم إلى طبقتين: طبقة تنعم بالحياة إلى غير حد، أما الطبقة الأخرى، فهي تشقى إلى غير حد. (17)
فكريا: لا يخفى على قارئ الفارابي أن مسار علمه هو مزيج بين الفكر الفلسفي اليوناني والعقيدة الإسلامية، كما اعتبر ابن خلدون بأن الفارابي من أكبر الفلاسفة في الملة الإسلامية. (18)
ويظهر أن الفارابي قد كانت له مكانة كبيرة في وسط بيئته الاسلامية، حيث عرف بأنه كان مطلعا على العلوم وعلى مختلف ثقافات عصره وغيره، مما ساعده على تأليفه العديد من الكتب، وما يدعم هذا الرأي هو تأثره الكبير بالفكر اليوناني، وهذا ما نجده بشكل واضح في مختلف أعماله، لهذا تم اختيار الفيلسوفين اللذين اعتمد عليهما، في كتاباته الفلسفية وأولهما أفلاطون وهذا ما نشهده في دراسة الفارابي للمدينة الفاضلة وكدا النفس والعديد من الأمور الأخرى، ناهيك عن تأثره بالفكر الأرسطي في مجمل أفكاره.

 

الفصل الثالث:

صارت الكتابة في الشأن السياسي، والعلم المدني، وتقديم نموذج عن الحياة المثلى داخل المدينة أو الدولة بوصفيهما ضربين من ضروب الاجتماع البشري، تقليدا فلسفيا، ابتدأ مع أفلاطون في محاوراته، متبوعا بأرسطو في كتابه السياسات، ثم لاحقا مع الكلبيين والرواقيين والأبيقوريين في مشروعهم حول الدولة الكونية… وصولا إلى القديس أوغسطينوس في العصر الوسيط ممثلا للفكر المسيحي الكنسي بامتياز ثم الفارابي في العالم الإسلامي… وهكذا دواليك.
يعتبر أبو النصر الفارابي استثناء، ومنعطفا في تاريخ الفكر الإسلامي، المدني بالخصوص، وذلك لكونه الأكثر اهتماما وإحاطة بالإرث الأفلاطوني الأكاديمي والأفلاطوني المحدث، وهو الأمر عينه الذي سمح له أن يسبح في فلك الفلسفة المدنية اليونانية بكل أريحية ليقدم لنا في الأخير نظرية في المجتمع المدني مؤسسة، في كنهها، على أسس فلسفة كلاسيكية، معرفيا وسياسيا.
وبالتالي، فإن الغاية من هذه الورقة محصورة في محاولة استجلاء ملامح هذه النظرية من جهة والكشف عن كيفية موائمته – أي الفارابي – لفكر فلسفي يوناني مدني مع أرضية إسلامية.
بدءا من العنوان ومن التمعن في تقاسيمه نجده يحاول لملمة محنة الفارابي وهي عينها الدافعية التي دفعته إلى صياغة نظرية تعنى بالنموذج الأمثل للمدينة التي تتصف بالفضيلة. لكن ما الذي جعله يمتنع عن استخدام لفظة الدولة الإسلامية وعوضها بالمدينة؟ 
السبب في ذلك أن الرجل كما لا يخفى على أي شخص اطلع على متنه، يتجلى في كون الرجل ذا مرجعية يونانية وبالتالي الدولة الإسلامية لم تكن ضمن أفق تفكيره، وأول ما يمكن ملاحظته في هذا الكتاب أنه مكون من ثلاث أجزاء وهي كالتالي:
الجزء الأول: من الفصل الأول إلى الفصل العشرين حديث كله يصب في علم الكون أو الكسمولوجيا.
الجزء الثاني: من الفصل العشرين إلى السادس والعشرين مخصص للحديث عن النفس وأجزائها.
الجزء الثالث: من الفصل السادس والعشرين إلى آخر الكتاب مخصص للحديث عن علم مدني ومتغير.
وهذان النصان يؤكدان قولي:
النص الأول “ووجود ما يوجد عنه – أي الموجود الأول – إنما هو على جهة فيض وجوده لوجود شيء آخر وعلى أن وجوده غير فائض من وجوده هو”(19)
النص الثاني “الموجودات كثيرة وهي مع كثرتها متفاضلة، وجوهره جوهر يفيض منه كل وجود كان كاملا أو ناقصا”.(20)
إذن، نلحظ، أن هذه النصوص تتناول أصل الموجودات وكيفية وجودها عن الموجود الأول بوضوح تام، وتتعدد النصوص بهذا الصدد كثيرا. وقد يحق لمعترض ما أن يعترض ويحتج لما كتاب مخصص للعلم المدني كما هو بين من عنوانه يدرج فيه الفارابي علم الكون وعلم النفس؟ ما هذا الخلط؟ هل الأمر مقصود أم اختلطت على الفارابي الأمور حتى ما عاد يفرق بين ما هو ما ورائي وبين ما هو مادي ومتغير؟
والجواب هو أن الأمر كان مقصودا وتلك كانت غاية الرجل وذلك لسببين:
الأول: أن بنية الكون مسقطة على بنية النفس التي نجدها بدورها مسقطة على بنية المدينة من حيث هي الصورة الأكثر وسعا للنفس.
الثاني: أن الإنسان يفضل هذه المقاربة التي تكشف له عن بنية الكون ثم بنية النفس بعدها، وبمصيرها عندما يتصرف الفرد بطريقته المثلى داخل المدينة.
إذن، مادامت المدينة مشكلة على شاكلة النفس، المشكلة بدورها على الكون… فإن المدينة بهذا المعنى هي من وحي يمر من العقل الإلهي الفعال إلى العقل المستفاد المنفعل بكل المعقولات، وهذا العقل هو الرئيس الحكيم أو الفيلسوف أو الرئيس الأول أو النبي كما جاء في الكتاب. فهذا الرئيس هو “الإنسان الذي يوحى إليه، فيكون الله عز وجل يوحي إليه، بالتوسط بالعقل الفعال، فيكون ما يفيض من الله تبارك وتعالى، إلى العقل الفعال يفيضه العقل الفعال إلى العقل المنفعل يتوسط العقل المستفاد ثم إلى قوته المتخيلة فيكون بما يفيض منه إلى عقله المنفعل حكيما وفيلسوفا ومتعقلا على التمام، وبما يفيض منه إلى قوته المتخيلة نبيل منذرا”(21)
بوقوفنا عند هذا النص، نفهم أن الرئيس ليس مجرد حاكم وإنما فيلسوف ونبي يشكل صلة وصل بين الموجودات الإلهية العليا وبين المواطنين في المدينة كالحاكم الفيلسوف في مدينة أفلاطون الذي يصل بين عالم المثل وعالم الظواهر ويقود الناس إلى التدرج في سلم المعرفة، قصد معرفة الأشياء في صورتها الحقيقية لا المشوهة، الفرق بينه وبين الفارابي أن هذا الأخير غالى ورفعه – الكلام هنا عن الرئيس- إلى منزلة النبي وهو الأمر الذي لا يمكن استساغته، يعني أن الحاكم الفيلسوف أو النبي قد يكون منفصلا عن الواقع العيني نتيجة استغراقه وقتا أطول في الفلسفة والحكمة والفقه.
ما الضامن في هذه الحالة؟ والحقيقة أنه لا ضامن ولا وجود لضمانة بل الأكثر من هذا هناك دولا أسست بدون نبوة، فالنبوة ليست شرطا لتأسيس حكومة كما أكد ابن خلدون بحيث “لابد أن يكون متميزا عنهم بما يودع الله فيه في خواص هدايته ليقع التسليم له والوجود وحياة البشر قد تتم من دون ذلك بما يفرضه الحاكم لنفسه أو بالعصبية التي يقتدر بها على قهرهم وحملهم، مع ذلك فقد كانت لهم الدول والآثار فضلا عن الحياة… وبهذا نتبين غلطهم في وجوب نبوات وأنه ليس بعقلي وإنما مدركه الشرع كما هو مذهب السلف من الأمة”(22)
إن مثالية الفارابي وسعيه إلى صياغة النموذج الأفضل للمدينة الفاضلة جعلته أسير الفلك الأفلاطوني ولو أنه تخلى عن نظرية أفلاطون في المدينة والتي هي نظرية فاسدة تماما، ومستحيلة التطبيق على الواقع صالحة لتبقى حبرا على ورق فقط، لو تخلى عنها لكان أفق فكره أوسع وأكثر واقعية، لكن حدث العكس بقيت فلسفته محصورة ضمن نطاقها النظري الطوباوي، وعليه بقي فكره السياسي ضعيفا عمليا لا يفي للواقعية في الدولة حقها، وبما أنه فيلسوف وصوفي يهوى العزلة كانت آراؤه معزولة عن المجتمع مثله، عكس ابن خلدون الذي كان المثال الأبرز للواقعية واهتم بشكل أساسي بالنمو الطبيعي للسلطة السياسية ورأى فيها محرك التطور التاريخي، قاده إلى وصف مظاهر حياة الإنسان كما أفاد الأستاذ عبد الله العروي، في كتابه مفهوم الدولة.
عموما كانت هذه هي الخطوط العريضة التي يمكن أن نسلط الضوء عليها في مقاربتنا هذه، باعتبار أن الفارابي كان له الدور الكبير في فتح باب كان مستغلقا في الفكر الإسلامي وأخص بذلك باب علم مدني.
يمكن تلمس عدد من الاستنتاجات من خلال البحث عن الفكر السياسي عند الفارابي من خلال ما تناولناه.
– إن الفكر السياسي الفلسفي عند الفارابي ليس كله من ابتكار الفارابي، وإنما كان نتيجة لتظافر عدة عناصر، منها التأثير الأفلاطوني الذي يبدو واضحا على فكر الفارابي، فضلا عن تأثير العقيدة الإسلامية، غير أن هذا التأثير لا يلغي الأصالة والطابع الخاص الذي أطر النظام الفلسفي وجعله قائما بذاته.
– اشترط الفارابي في رئيس المدينة الفاضلة أن يكون فيلسوفا ونبيا على اتصال بالعقل الفعال ويطلب من رئيسه أن يصعد نحو العالم الروحي ويندمج به ليقود أهل المدينة نحو السعادة المطلقة التي لا تستمر إلا باستمرار الاتصال بالعقل الفعال، حيث جمع الفارابي بين النبوة والفلسفة في شخص رئيس مدينته بقصد التوفيق بين النبوة والفلسفة.
– إقرار الفارابي بتعدد السلطة الرئاسة من خلال طرحه نظرية مجلس الرئاسة، وذلك عند تعذر وجود شخص واحد حائز على جميع الشروط المطلوبة، وهذا يدل على أن المدينة الفاضلة عند الفارابي بالضرورة تكون غير محلية تتسع لتشمل كل الأمم والدول.
– إن فلسفة الفارابي الاجتماعية والسياسية، إنما تقوم على أسس روحية وتستمد عناصرها من منابع نفسية وأخلاقية، ومعنى هذا أن المدينة الفاضلة التي هي عامة للإنسانية الكاملة كما صورها المعلم الثاني، والتي يرأسها حكيم أو نبي، قد كملت نفسه ونفس مواطنيه.

* أستاذة باحثة

هوامش:

1 – أبو نصر الفارابي، “آراء أهل المدينة الفاضلة” تقديم وتعليق الدكتور ألبير نصري نادر، ط 2 ، دار المشرق، الطبعة الكاثوليكية، بيروت، لبنان 1968.
2 – نفسه، ص 17
3 – نفسه ص 18
4 – نفسه، ص 28
5 – محسن مهدي، الفارابي وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية، ترجمة وداد الحاج حسن، دار الفارابي-بيروت-لبنان، ط 1 2009
6 – نفسه، ص 191
7 – أبو نصر الفارابي، كتاب السياسة المدنية الملقب بمبادئ الموجودات، تقديم وتحقيق الدكتور فوزي متري نجار، ط 1 الكاثوليكية بيروت، لبنان سنة 1964 ص83
8 – أبو نصر الفارابي، مرجع سابق، آراء أهل المدينة الفاضلة ص 14/16/46/ ثم السياسة المدنية الملقب بمبادئ الموجودات، مرجع سابق ص 179
9 – نفسه، ص 180
10 – نفسه، ص29
11 – نفسه ص 29
12 – أبو نصر الفارابي، مرجع سابق، كتاب السياسة الملقب بمبادئ الموجودات، ص 19
13 – نفسه، ص 21
14 – أبو نصر الفارابي، آراء أهل المدينة الفاضلة، مرجع سابق، ص 17
15 – أبو نصر الفارابي، آراء أهل المدينة الفاضلة نقلا عن حنا الفاخوري وخليل الجر، تاريخ الفلسفة العربية ط 3 بيروت 1993 ص 146
16 – أبو نصر الفارابي، آراء أهل المدينة الفاضلة ص 202
17 – شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي دار المعارف القاهرة، 1996 تمت إضافته سنة 12/06/2014 ص 44/45
18 – جمال المرزوقي: الفلسفة الاسلامية بين الندية والتبعية ط 1 دار النشر: دار الهداية للطباعة والنشر والتوزيع 1422ه-2002م ص 27
19 – أبو نصر الفارابي، آراء أهل المدينة الفاضلة، مرجع سابق، ص 23
20 – نفسه، ص 24
21 – نفسه ص 73
22 – عبد الرحمن ابن خلدون “مقدمة ابن خلدون” ط1 دار احياء التراث العربي 2015 ص 18

< بقلم: جهان نجيب

Related posts

Top