عادل غرباوي
أكد متدخلون سياسيون في لقاء عقد بقاعة محمد العربي المساري، في إطار فعاليات الدورة الثانية والعشرين من المعرض الدولي للنشر والكتاب، على أن فعل الكتابة هو فعل إنساني غرضه حفظ وصون ذاكرة وحقبة معينة من تاريخ شعب ما.
وأوضح المقاوم محمد بنسعيد آيت يدر، أن في فترات سابقة كانت حرية الكتابة عند الباحثين في المجال التاريخي محدودة، حيث أن الكتابة الحقيقية كانت تتطلب الجرأة والنضال في مجتمع كانت تسود فيه مظاهر القمع والنبذ والاضطهاد.
وأشار آيت يدر، أنه في الفترة الأخيرة وبفضل نضال الباحثين والفاعلين والمناضلين في المجال السياسين شهدت المرحلة الأخيرة تطورا ملحوظا في الكتابة، الشيء الذي ساهم في تدوين عديد الأحداث التاريخية التي طبعت مسار المغرب، مستفسرا عن دور وزارة التربية الوطنية في عدم مجاراة هذا النسق التاريخي السياسي في الكتب المدرسية.
وأضاف قائلا في نفس اللقاء، الذاكرة تعجز عن التكلم عن 40 سنة من الأحداث التاريخية، الشيء الذي عجل بخلق مركز للدراسات والبحث والذي يعنى بمعالجة قضايا الذاكرة، مؤكدا، أن الكتابة السياسية التاريخية تساهم في تقدم المجتمعات وتطورها.
ومن جانبه، قال الأنطروبولوجي محمد الطوزي، إن الإحالة على سلطة الكلمة وكلمة السلطة يشيرعلى تطور التصور للعلامة أو الباحث، لأنه لا يمكن أن نضع نفس المعاينة من خلال مرجعية تؤسس للمثقف العضوي الذي له دور ريادي داخل المجتمع عبر المزاوجة بين العمل السياسي والبحث العلمي وبين المثقف كحرفي يؤسس يوميا للمعاينة الموضوعية المنهجي والابستيمي.
وأضاف الطوزي في معرض حديثه، أن موضوع الندوة يمكن أن ندرج فيه ثلاث عينات، في مقدمتها الكتابات النضالية التي تؤسس على الالتزام السياسي، وثانيها النظريات التي تخضع لضوابط أكاديمية، وآخرها الشهادات والأطوبيوغرافيات أي يمكن اعتبار أن النقد الذاتي بدوره يعتبر من الشهادات.
وأكد نفس المتحدث، على أن التاريخ هي وثيقة تسائل الذاكرة حسب مقاربات ومنهجيات يحكمها المسار المنهجي لعلم الاجتماع، الذي يعتبر محاولة معرفية تحترم فيه قواعد تمكن القارئ من إعادة بناء المسلسل المنهجي الفعلي العلمي.
وختم حديثه بالقول، أن طموحنا كبير لبناء مدرسة تاريخية مغربية، لا يمكن أن يتحقق إن لم تكون موضوعية ولم تقبل بداخلها بتعدد المقاربات التقنيات وجدل يومي يصاحب هذا المجهود الذي يقوم به الكتاب.
وبدوره، أشار الدكتور عبد الغني أبو العزم، أن التاريخ ليس من المواضيع البسيطة بل هو موضوع شائك لكونه يطرح جدلية السلطة وسلطة الكلمة، حيث أن الكتابة السياسية عند أغلب السياسيين المغاربة تطرح هاجسا.
وشاطر أبو العزم رأي المقام محمد بنسعيد آيت بن يدر، حيث أكد أيضا أن هذا الجيل لا يعرف عن التاريخ الكثير، ومتسائلا في ذات السياق عن الأسباب الكامنة وراء هذا، هل هو لعدم اهتمام الزعماء السياسيين أو المنظمات أو المفكرين أو الكتاب.
وفسر أن هذا الغياب، راجع لعوامل موضوعية وذاتية ونفسية ولغوية، مضيفا أن الأجانب هم اللذين يقومون بالاهتمام بالجانب التاريخي، عبر اعتمادهم للوثيقة والمقابلات الشفوية مع الزعماء السياسيين، مختتما تدخله عبر تأكيده على أن هذا الشق التاريخي بات مهملا لدى الكثير من الفاعلين السياسيين المغاربة.