«الشاهد» إسماعيل

بيان24: يوسف سعود

في حياة كل سياسي، تفاصيل تبدو للكثيرين بعيدة عن مركز الحدث، وهامشية في تاريخ المغرب المعاصر، لكنها مهمة في استكمال أجزاء الصورة، سياسيا وتاريخيا.
وتزخر حياة رموز الوطن، بأحداث مهمة، لا يمكن تصنيفها ضمن الذاكرة الفردية، بل تصبح جماعية لأنها تغدو جزء من تاريخ البلاد، وتحتاج “شاهدا” يحكيها كما وقعت، ويترك قراءتها لجيل يسمعها لأول مرة.
“الشاهد” برنامج، شرعت القناة الأولى في بث حلقات جديدة منه، يبحث في ذاكرة السياسي، وقبله الإنسان.. يتجول في تفاصيل مساره، ويرصد الطفولة والصبا والشباب والكبر حتى.
البداية، كانت بشخصية آمنت بمشروع مجتمعي، وعقيدة سياسية، تختلف عن البيئة المحافظة، التي نشأت فيها.
شخصية اختارت الانخراط في حزب شيوعي محظور في جزء من تاريخ المغرب المعاصر، رغم أن صاحبها ابن باشا في عهد الراحل محمد الخامس.
وعى ابن مدينة سلا، منذ صغره بأهمية مواجهة المستعمر، ولاحظ عنصرية معلمين درسوه في المدارس الفرنسية، التي دخلها وهو الذي نشأ في بيئة محافظة، وتمكن من التفوق رغم الصعاب المرتبطة بالاندماج واللغة.
يرصد “الشاهد” كيف غامر، مولاي إسماعيل العلوي، بالعمل في المحظور، والإيمان بمشروع مجتمعي، تقاسمه ومجموعة من المناضلين، متخليا عن حياة الثراء، وهو المنتمي لعائلة أرستقراطية.
يحكي العلوي كيف كان دخوله للدراسة في مرحلة الأمومة (الحضانة)، ثم الالتحاق بمقاعد القسم التحضيري، حيث يتذكر بعض “المستملحات” التي ظلت لصيقة في جزء دفين من ذاكرته.
واستعرض العلوي، وهو يتجول عبر كاميرا “الشاهد” في دروب وأزقة سلا، أهمها “حومة بابة حساين”، تفاصيل الأمكنة، وعلاقتها بأحداث تاريخية، ارتبطت بالكفاح ضد المستعمر.
تجول “الشاهد” في الشخوص التي عايشت العلوي، وربطها بأحداث دقيقة في تاريخ المغرب، أهمها نفي الراحل الملك محمد الخامس، ووفاته…
لم تخل ذاكرة سياسي كالعلوي من بعض المستملحات، وحتى في أحلك الظروف، كتلك المتعلقة بعزيز بلال، الذي كان يشغل المذياع، أو يطلق الصنبور للتشويش على أي عملية تجسس، خلال الاجتماعات السرية.
واستطاع “الشاهد” التجول بأريحية في ذاكرة مولاي إسماعيل، ولم يتعامل بمنطق كرونولوجي محض، لتمحيص الذاكرة عبر التواريخ، بل العفوية كانت سيدة الموقف، وهي من تحرك العلوي في حكيه عن طفولته، وبداية شبابه.
لم تكن الحلقة الأولى من “الشاهد” سياسية بامتياز، بل كانت أقرب إلى حكايات طفل، توثق لمرحلة من حياة شخصية تزعمت حزب التقدم والاشتراكية في ظرفية سياسية دقيقة من تاريخ المغرب.
وسيستمر “الشاهد” في النبش في ذاكرة العلوي لأزيد من أربع ساعات، تقسم على أربع حلقات تبث كل مساء يوم خميس، ليتم الانتقال إلى ذاكرة سياسيين آخرين، ارتبطوا هم كذلك بتاريخ المغرب المعاصر، وهم إبراهيم الدويهي، قيدوم البرلمانيين الصحراويين، والمناضل اليساري والمثقف التقدمي شمعون ليفي، وأحمد بوستة، الأمين العام الأسبق لحزب الاستقلال، وعبد الله الوكوتي، من قدماء المقاومين، وعبد الواحد معاش، الرئيس السابق لحزب الشورى والاستقلال، وأخيرا عبد الله القادري، ضابط سابق في الجيش الملكي.

Related posts

Top