الشبيبة الاشتراكية تدعو إلى إيقاف المقرر الساعي إلى اتهام السلطات المغربية باستعمال القاصرين غير المصاحبين في ملف الهجرة

قامت منظمة الشبيبة الاشتراكية بمراسلة مجموعة من التنظيمات الشبابية الاشتراكية خصوصا التي تنتمي لأحزاب ممثلة بالبرلمان الأوربي، على خلفية المقرر الذي يتم مناقشته بالبرلمان الأوربي والذي يسعى إلى اتهام السلطات المغربية باستعمال القاصرين غير المصاحبين في ملف الهجرة بهدف تصفية حسابات سياسية مع إسبانيا.
وقالت منظمة الشبيبة الاشتراكية في بيانها أن البرلمان الأوربي، بضغط خاص من النواب الأسبان، يستعد لمناقشة والتصويت على قرار بشأن انتهاك محتمل لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل واستخدام المغرب للقصر في أزمة الهجرة لمدينة سبتة السليبة.
وأردفت منظمة الشبيبة الاشتراكية، في مراسلتها، أن المغرب يولي أهمية كبيرة لمسألة هجرة القصر غير المصحوبين بذويهم. فلقد عمل دائما بشكل وثيق مع شركائه، خاصة الأوروبيين منهم، في إطار تعاون قائم على الوقاية والحماية والعودة المنسقة للقصر، وفقا لالتزاماتها الدولية. ولقد أكد جلالة الملك، في 1 يونيو 2021، التزام المغرب الواضح والحازم بقبول عودة القصر غير المصحوبين الذين تم تحديدهم حسب القواعد والمعايير المتعارف عليها. كما وضع المغرب آليات تعاون لهذا الغرض مع بعض البلدان الأوربية، لا سيما فرنسا وإسبانيا، مما أدى إلى عودة عشرات القصر إلى المغرب.
وتابعت المنظمة، في مراسلتها، بالقول إن المغرب دائم الالتزام بالمعاهدات الدولية التي صادق عليها وانخرط فيها بشكل جدي ومسؤول طيلة عقود من الزمن. فلقد كان المغرب من الدول السباقة للتوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ‏ ديسمبر1990 ‏؛ والتي أودع المغرب وثائق المصادقة عليها بتاريخ 21 يونيو 1993. كما أن المغرب استمر في بذل مختلف الجهود والتنسيق مع مختلف الأطراف من أجل ضمان حماية حقوق المهاجرين ومكافحة شبكات الاتجار بالبشر خصوصا منهم المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء. هذه الجهود التي تكللت بتنظيم المغرب للمؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الاتفاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ونظامية بمراكش سنة 2018. وشددت المراسلة على كون إذا كان المغرب قد اضطلع بدور مهم في حماية الحدود الجنوبية للدول الأوربية، فإن ذلك لا يعني أبدا أنه قد تحول إلى دركي حدود دائم لدى الاتحاد الأوربي. فالمغرب بحكم التزامه بالشراكة مع دول الاتحاد على صعيد كل المجالات، ساهم من الناحية الأمنية في التعاون مع دول الاتحاد من أجل إيقاف المخاطر المرتبطة بالهجرة غير النظامية والسرية، والتي قد تؤدي إلى مقتل العديد من الأبرياء الذين يريدون العبور نحو الضفة الشمالية. بل إن الدولة المغربية سعت إلى التأسيس لسياسة جديدة للهجرة واللجوء، من أجل ضمان حقوق أكثر وأكبر للمهاجرين المتقاطرين على المغرب، رغم كون أن المغرب لا زال يعتبر بلد عبور للعديد من المهاجرين من الأفارقة جنوب الصحراء. إلا أن الشراكة بمفهومها الصحيح لا يمكن أن تكون انتقائية، وأن تكون لفائدة طرف واحد دون الطرف الأخر. فالشراكة بين المغرب والاتحاد الأوربي لطالما بنيت على أسس متينة قوامها الاحترام المتبادل والثقة ومراعاة المصالح الخاصة لكل طرف.
كما أكدت الشبيبة الاشتراكية على أن التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي قد أسفر خلال السنوات الفارطة عن نتائج مهمة، لاسيما في إدارة تدفقات الهجرة غير النظامية. ورغم النتائج الإيجابية التي تصب معظمها في مصلحة دول الاتحاد الأوربي، فإن المغرب يتحمل عبئا ثقيلا من حيث جهود تعبئة الموارد البشرية وتكاليف المراقبة على السواحل الشمالية، والتي تصل إلى حوالي 350و400 مليون يورو سنويا. فالدعم المالي الذي يتلقاه المغرب من الاتحاد الأوروبي لو يغطي على مدى السنوات العشرين الماضية إلا نسبة 4٪ فقط من الجهود المغربية في مجال الهجرة.
وقالت الشبيبة إن ما أقدمت عليه الحكومة الاسبانية بتنسيق مع الحكومة الجزائرية من أجل تسهيل دخول المدعو إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو بهوية مزورة، شكل لحظة صدمة بالنسبة للمغرب دولة وشعبا، خصوصا وأن المدعو إبراهيم غالي كان قد سبق له الإعلان عن إنهاء التزام الجبهة ونقض اتفاقية وقف إطلاق النار المعمول به منذ 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة، وقام بإعلان الحرب على كامل التراب المغربي، وأتبعه بأعمال عدائية، تهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها.
إن الحكومة الاسبانية بعملها هذا، استساغت لنفسها القيام بعمل عدائي تجاه المغرب دون داع أو مبرر. ورمت وراء ظهرها عقودا عديدة من التبادل الاقتصادي والتعاون الأمني حول ملفات حساسة يوجد على رأسها ملف الإرهاب ومكافحة الجرائم العابرة للحدود. للأسف فإن الحكومة الاسبانية الحالية لطالما حرصت على أن تظل مشكلة الصحراء المغربية قائمة، لكي يبقى المغرب منشغلا بها، وتظل ورقة ضغط في يد إسبانيا تضغط بها على المغرب، لكيلا يفتح ملف المدينتين السليبتين سبتة ومليلية.
وفي معرض توضيحها للسياق الذي قدم فيه مشروع المقرر أمام البرلمان الأوربي، قالت الشبيبة إن محاولة الحكومة الاسبانية استغلال الأحداث العفوية، التي أسفرت عن دخول مئات الأشخاص إلى مدينة سبتة السليبة، خصوصا بعد إغلاق معبر تارخال بين مدينة الفنيدق ومدينة سبتة السليبة بسبب تفشي وباء كورنا المستجد، بهدف تصفية حسابات سياسية ضد المغرب لأمر مؤسف للغاية. إذ لا يمكن أن تكون هذه المأساة الإنسانية موضوع مساومة سياسية. لذا فإن المبادرة التي أطلقتها بعض الأطراف الأوربية لإصدار قرار طارئ بشأن ” احتمالية انتهاك المغرب لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل واستخدام السلطات المغربية للقصر في أزمة الهجرة في سبتة”، توجد في سياق من التوتر بين المغرب وإسبانيا، التي تسعى إلى “أوربة” أزمة سياسية ثنائية من خلال استغلال قضية الهجرة.
كما صرحت الشبيبة الاشتراكية أن قرارا بهذا الشكل ستكون له نتائج عكسية على الطرفين، لأنه سيكون بمثابة إنكار لتعاون دام سنوات و لكل المكاسب المشتركة التي حققتها العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. كما أنه يمكن أن يضر بالشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي ويقوض جميع الجهود الدبلوماسية وجهود الحوار التي يقوم بها الطرفان.
و في الأخير، دعت الشبيبة الاشتراكية المنظمات الشبابية الاشتراكية و اليسارية الأوربية إلى التدخل العاجل من أجل إيقاف هذا القرار والمساهمة في الحفاظ على العلاقات المتينة التي تجمع كلا من المغرب ودول الاتحاد الأوربي، بهدف الاستمرار في الشراكة الناجحة ومواجهة التحديات الكبيرة التي تهم المصير المشترك بين بلدان وشعوب المنطقة.

Related posts

Top