يتعرض الجسم البشري لكثير من المواد الضارة، والسموم التي قد تتراكم في أنسجته، وأغلب هذه المواد تأتي للجسم عبر الغذاء الذي يتناوله بكثرة، وجميع الأطعمة تقريبا في هذه الأيام تحتوي على نسبة من المواد السامة، وهذه المواد تضاف للطعام أثناء إعداده، أو حفظه كالنكهات، والألوان، ومضادات الأكسدة، والمواد الحافظة، أو الإضافات الكيميائية للنبات أو الحيوان، كمنشطات النمو، والمضادات الحيوية، والمخصبات، أو مشتقاتها. وتحتوي بعض النباتات في تركيبها على بعض المواد الضارة، كما أن عددا كبيرا من الأطعمة يحتوي على نسبة من الكائنات الدقيقة، التي تفرز سمومها فيها وتعرضها للتلوث، هذا بالإضافة إلى السموم التي نستنشقها مع الهواء، من عوادم السيارات، وغازات المصانع، وسموم الأدوية التي يتناولها الناس بغير ضابط… إلى غير ذلك من سموم الكائنات الدقيقة، التي تقطن في أجسامنا بأعداد تفوق الوصف والحصر… وأخيرا مخلفات الاحتراق الداخلي للخلايا، والتي تسبح في الدم كغاز ثاني أكسيد الكربون، واليوريا، والكرياتينين، والأمونيا، والكبريتات، وحمض اليوريك… الخ، ومخلفات الغذاء المهضوم والغازات السامة التي تنتج من تخمره وتعفنه، مثل الأندول والسكاتول والفينول.
كل هذه السموم جعل الله سبحانه وتعالى، للجسم منها فرجا ومخرجا؛ فيقوم الكبد -وهو الجهاز الرئيسي في تنظيم الجسم من السموم- بإبطال مفعول كثير من هذه المواد السامة، بل قد يحولها إلى مواد نافعة، مثل: اليوريا، والكرياتين، وأملاح الأمونيا، غير أن للكبد جهدا وطاقة محدودين، وقد يعتري خلاياه بعض الخلل لأسباب مرضية، أو لأسباب طبيعية كتقدم السن فيترسب جزء من هذه المواد السامة في أنسجة الجسم، وخصوصا في المخازن الدهنية.
ومن المعروف أن الكبد يقوم بتحويل مجموعة واسعة من الجزئيات السمية -والتي غالبا ما تقبل الذوبان في الشحوم- إلى جزيئات غير سامة تذوب في الماء ، يمكن أن يفرزها الكبد عن طريق الجهاز الهضمي، أو تخرج عن طريق الكلى.
وفي الصيام تتحول كميات هائلة من الشحوم المختزنة في الجسم إلى الكبد حتى تؤكسد، وينتفع بها، وتستخرج منها السموم الذائبة فيها، وتزال سميتها ويتخلص منها مع نفايات الجسد.
كما أن هذه الدهون المتجمعة أثناء الصيام في الكبد، والقادمة من مخازنها المختلفة، يساعد ما فيها من كوليسترول على زيادة إنتاج مركبات الصفراء في الكبد، والتي بدورها تقوم بإذابة مثل هذه المواد السامة، والتخلص منها مع البراز.
ويؤدي الصيام خدمة جليلة للخلايا الكبدية بأكسدته للأحماض الدهنية فتتخلص هذه الخلايا من مخزونها من الدهون، وبالتالي تنشط هذه الخلايا وتقوم بدورها خير قيام، فتعادل كثيرا من المواد السامة، بإضافة حمض الكبريت أو حمض الجلوكونيك، حتى تصبح غير فعالة ويتخلص منها الجسم كما يقوم الكبد بالتهام أية مواد دقيقة، كدقائق الكربون التي تصل إلى الدم بواسطة خلايا خاصة، والتي تبطن الجيوب الكبدية ويتم إفرازها مع الصفراء. وفي أثناء الصيام يكون نشاط هذه الخلايا في أعلى معدل كفاءتها للقيام بوظائفها؛ فتقوم بالتهام البكتيريا، بعد أن تهاجمها الأجسام المضادة المتراصة.
وبما أن عمليات الهدم في الكبد أثناء الصيام تغلب عمليات البناء في التمثيل الغذائي، فإن فرصة طرح السموم المتراكمة في خلايا الجسم تزداد خلال هذه الفترة، ويزداد أيضا نشاط الخلايا الكبدية في إزالة سمية كثير من المواد السامة، وهكذا يُعتبر الصيام شهادة صحية لأجهزة الجسم بالسلامة.
يقول الدكتور “ماك فادون” -وهو من الأطباء العالميين، الذين اهتموا بدراسة الصوم وأثره “إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم، وإن لم يكن مريضا؛ لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم، فتجعله كالمريض وتثقله؛ فيقل نشاطه.. فإذا صام الإنسان تخلص من أعباء هذه السموم، وشعر بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل”.
“ديتوكس” وكفاءة
> الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي: أثناء الصوم يخف عمل الجهاز الهضمي ما يعطيه فرصة لينظم إفراز عصارات الهضم وتنظيف الأمعاء من البقايا المضرة. كما يساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم.
> الصوم يخفف الالتهابات: الصوم عن الأكل ولو لبضعة أيام يعالج الالتهاب، لا سيما التهاب المفاصل والروماتيزم والالتهابات الجلدية مثل الصدفية وحتى التهاب القولون والمعدة.
> اخفض السكر في الدم: الصوم يحفز استعمال الغلوكوز في الجسم كمصدر للطاقة، ما يخفض مستوى السكر في الدم. ذلك يقلل أيضا من إفراز الأنسولين ما يريح البانكرياس.
> الصوم يحرق الدهون: في غياب الطعام يبحث الجسم عن مصدر بديل للطاقة فيقوم بتكسير الدهون المخزنة في الجسم للحصول على الطاقة. تسمى هذه العملية بحرق الدهون. هذا يساعد في خسارة الوزن بمعدل بضعة كيلوغرامات.
> تشجيع الخيارات الصحية: وجدت الدراسات أن الصائم عند الإفطار يميل الى الأطعمة الطبيعية وقليلة التصنيع مثل الماء والفواكه والأطعمة المحضرة في البيت.
> علاج ارتفاع ضغط الدم: مع الصوم تنخفض هرمونات مثل الأدرينالين والنورادرينالين التي ترفع الضغط وتزيد دقات القلب.
> تقوية جهاز المناعة: يعمل الصوم على زيادة معدل إفراز الهرمونات التي تقوم بتعزيز كفاءة عملية التمثيل الغذائي وزيادة القدرة على امتصاص المغذيات والمعادن والفيتامينات الموجودة بالأطعمة بشكل أفضل، مما يعمل على تقوية الجهاز المناعي للجسم وتنشيط الدورة الدموية.
> علاج حبوب البشرة: السموم الموجود بالجسم مسؤولة بشكل كبير عن ظهور البثور وحبوب الشباب والدمامل. وإذا كان الصوم يخلص جسمك من هذه السموم، فهذا سوف يعود بالإيجاب على صحة البشرة ومظهرها النقي. لا تغفل عن تناول كمية كبيرة من الخضروات في وجبة الإفطار وشرب الماء بكثرة للحفاظ على رطوبة ونظارة البشرة.
> تنشيط المخ: أشارت بعض الأبحاث العلمية أن الكفاءة العقلية للمخ تزداد وتنشط بشكل كبير خلال رمضان. وأنه كلما زاد معدل تركيزك خلال فترات الصوم، فإن هذا يعمل على تنشيط الخلايا العصبية ويساعد على إنتاج خلايا جديدة للمخ ومن ثم تحسين وظائفه. إضافة لذلك، فإن الصوم يعمل على خفض معدل إفراز هرمون الكورتيزول بشكل ملحوظ مما يخفض من التوتر العصبي خلال وبعد رمضان.
إعداد: قسم المجتمع