“ديتوكس” الصيام لتطهير الجسد من السموم -الحلقة 11

رمضان هو شهر جوع وعطش ولكنه يعتبر في نفس الوقت بلسما وشفاء للأجساد والأرواح. وللصيام فوائد عديدة، تتوزع على العديد من الجوانب، منها الجانب الروحي والديني، الأخلاقي الاجتماعي، وكذا بالنسبة إلى الصحة البدنية للصائمين. ويوجد اليوم إجماع من قبل العلماء والأطباء على فوائد الجوع لفترات قصيرة للجسم، فأثناء الجوع يبدأ الجسم في تنظيف الأمعاء والكبد والدم من السموم، وتتقلص أمراض الأوعية الدموية، كما أن الجوع لفترات قصيرة ينشط المناعة. في هذه الزاوية، نسلط الضوء على بعض الجوانب الصحية التي يجب استحضارها من أجل صيام يجسد القول المأثور “صوموا تصحوا”.

خلال السنوات الماضية باتت حمية الـ”ديتوكس”، القائمة على فكرة تنقية الجسد من السموم، أشبه بهوس عالمي جماعي. الكل يريد أن يتخلص من السموم التي تتراكم في جسده والمقاربات المعتمدة تتنوع بين المقبولة والمتطرفة.

ونظام “ديتوكس” (Detox) هو حمية غذائية للتخلص من السموم، وهي بشكل عام تدخلات غذائية قصيرة المدى مصممة لإزالة السموم من الجسم. ويتضمن ديتوكس التخلص من السموم النموذجية فترة من الصيام يتبعها نظام غذائي صارم من الفاكهة والخضروات وعصائر الفاكهة والماء. ويشمل التخلص من السموم أحيانا أيضا الأعشاب والشاي والمكملات وتطهير القولون أو الحقن الشرجية. 

في الحياة العصرية التي نعيشها، لا مجال للهرب من السموم فهي موجودة في كل مكان سواء في الهواء الذي نتنفسه أو الطعام الذي نتناوله، وحتى بسبب العمليات والتفاعلات التي تحدث داخل جسمنا. الهواء ملوث في الغالبية الساحقة من دول العالم وكل المواد الضارة فيه نقوم بتنشقها وإدخالها إلى أجسامنا.

أما الأطعمة النباتية أو الحيوانية التي نتناولها فهي ملوثة لكون المواد الكيميائية جزءا أساسي من الزراعة، ومن العلف الذي يقدم للحيوانات. وطبعا هناك المواد الكيميائية والحافظة التي تضاف إلى الأطعمة المعلبة والمثلجة. 

في المقابل، الفيروسات التي تدخل أجسامنا تترك آثارها السامة يضاف إلى ذلك واقع أن جسمنا يقوم بتفاعلاته الكيميائية يخلف الكثير من “النفايات السامة”.  

ثم يأتي شهر رمضان ويوفر المساحة والوقت للجسم؛ كي يقوم بعملية «تنظيف» شاملة وكاملة. 

ويمكن القول إن الصوم هو وسيلة طبيعية وسريعة للتخلص من سموم البدن. هل لاحظت أن أجسادنا خلال شهر رمضان تشعر براحة أكبر؟ ذلك لأن الصيام يمنح الجهاز الهضمي قسطا من الراحة، وهذا يمكن أن ينشط عملية الأيض لديك لحرق السعرات الحرارية بكفاءة أكبر. إذا كان هضمك سيئا، فقد يؤثر ذلك على قدرتك على استقلاب الطعام وحرق الدهون.

فعدم تناول الطعام والشراب لفترات طويلة يعني أنه لا يتم إدخال مواد إضافية تحتوي على السموم، كما أنه يمنح الجسم والوقت والمساحة لتنظيف السموم في الجسم عوض الانشغال بهضم الطعام. 

ويتعامل جسم الإنسان عادة مع السموم بثلاث طرق، الأولى هي المحايدة، الثانية هي التحويل والثالثة هي التخلص. فتقوم مضادات الأكسدة بمحايدة الجزئيات الطليقة أي الشوارد الحرة، ثم يقوم الكبد بتحول السموم إلى ما هو غير ضار. الدم يقوم بحمل هذه السموم وإخراجها إما عن الطريق التعرق أو من خلال الفضلات. 

خلال الصوم تتحول كميات كبيرة من الشحوم المخزنة في الجسم إلى الكبد الذي يقوم بأكسدتها وبالتالي يستفيد منها. 

الاستفادة هذه تتكرر مع الكوليسترول الموجود في الدهون المتجمعة؛ ما يؤدي إلى زيادة إنتاج مركبات الصفراء في الكبد. وهذه المركبات تقوم بإذابة المواد السامة ثم التخلص منها. 

خلال الصيام أيضا تتم أكسدة الأحماض الدهنية وذلك بسبب الانقطاع عن الطعام والشراب ما يسهل على خلايا الكبد التخلص من مخزونها من الدهون، وعليه تصبح أكثر نشاطا لتقوم بدروها. الكبد أيضا خلال هذه الفترة يقوم بالتخلص من المواد الدقيقة التالفة التي تصل إلى الدم.  

وبما أن الإنسان لا يتناول الطعام والشراب لساعات طويلة خلال رمضان فإن عمليات الهدم هي أكثر بأشواط من عمليات البناء ما يعني أن التخلص من السموم المتراكمة في كل الخلايا يزداد وبشكل كبير جداً. الصيام يوقف أيضا عملية امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء ويتخلص منها حتى قبل أن تتحول إلى نفايات سامة. وبفضل الصيام تستعيد الأجهزة التي تتعامل مع السموم في الجسم نشاطها وقوتها، وبالتالي يتحسن الأداء الوظيفي لها. 

الصيام يمكنه إذن أن يعيد الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة ويضمن الحفاظ على الطاقة، ويحسن وظائف الهضم ويحسن عملية الامتصاص ويزيد من صفاء الذهن وتقوية الإدراك.

> إعداد: سميرة الشناوي

Related posts

Top