يتجه العالم تدريجيا إلى مرحلة التعايش مع فيروس كورونا، بعد مرور أكثر من عامين على بدء الجائحة التي أربكت العالم بأسره وأثرت بشكل عميق على الأفراد والمجتمعات والبلدان؛ حيث بدأ العديد من الدول الأوروبية والعربية في الإلغاء التدريجي للإجراءات الاحترازية والوقائية للفيروس، ليصبح الشعار الثابت خلال الفترة القادمة هو احتواء الفيروس وكبحه بالتعايش، واعتباره مثل أدوار البرد.
وجاء هذا القرار بعد أن وجدت العديد من الدول نفسها أمام طريق مسدود، كلفها ثمنا باهظا في المجالات الاقتصادية، خاصة بعد أن تسبب أوميكرون في أكبر موجة تفش للفيروس منذ بدء الجائحة، لذا قررت بعض الدول مثل بريطانيا وإسبانيا وبعض الولايات الأمريكية والسعودية والإمارات، رفع قيود كورونا.
ومازال الأمر مع ذلك يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل فيروس كورونا في العالم، وهل قرار التعايش هو استسلام للفيروس، وكيف سيتم التعايش معه، وما هي السيناريوهات المتوقعة للفيروس خلال الفترة القادمة؟
ويعد التعايش المرحلة الأخيرة في مسار مواجهة الأوبئة، ويحدث التعايش في حالتين إما في حالة حدوث تواؤم لمعدلات الإصابات والوفيات ودخول المستشفى، أو في حالة تقليل حدة المرض.
متى تصبح كورونا مثل الأنفلونزا؟
الإنفلونزا هي مرض تنفسي يشبه كورونا في العديد من الأعراض، وقد كشفت التقارير الحديثة لمنظمة الصحة العالمية عن ارتفاع عدد الوفيات بالإنفلونزا في العالم إلى 650 ألف حالة كل عام. وهناك لقاحات سنوية للمساعدة في الوقاية من الإنفلونزا لعمر 6 أشهر وما فوق. ورغم الوفيات إلا أننا نتعايش مع الأنفلونزا بشكل طبيعي.
ولكن فيروس كورونا مميت أكثر بثلاثة أضعاف من الأنفلونزا الموسمية. وهناك توقعات لظهور تحورات أضعف من أوميكرون، وبهذا على نهاية العام قد نصل أن يكون معدل الوفيات بكورونا يعادل معدل الوفيات بالإنفلونزا، الفرق بين كورونا والإنفلونزا يتمثل في ثبوت وجود موسمين اثنين لفيروس كورونا وليس موسم واحد في العام كما هو الحال بالنسبة للانفلونزا، فعند ظهور الموسم نرتدي الكمامات ونخلعها بعد الانتهاء، ولكن ستكون هناك فئات ملزمة بارتداء الكمامة دائما للوقاية، وسيتم توفير اللقاحات سنويا مثل الإنفلونزا، ولكن قد تكون هناك لقاحات تنشيطية إجبارية لبعض الفئات.
كيف سيتم التعايش مع كورونا؟
يكون التعايش مع الفيروس عن طريق إلغاء القيود الوقائية، وفتح الدول بابها للجميع واعتباره مثل أي مرض مستوطن وليس وباء، وهذا ما تقوم به بعض الدول الآن، ولكن التعايش مازال يتم بحذر. فرغم الانفتاح إلا أن هناك التزاما بالكمامة والحصول على اللقاحات بالكامل، لتصبح أساليب الوقاية أمر معتادا عليه للمواطنين لكي لا تزيد الإصابات أو الوفيات.
ولاشك في أن العالم بكل مكوناته قد اكتسب تجربة في التعامل مع هذا الفيروس، وتجاوز طور الارتباك والرعب، وأصبحت هناك جاهزية للمقاومة، إضافة إلى أن التلقيح قد قطعت فيه بلدان عدة أشواطا كبيرة مما يسمح بضمان الحد الأدنى من المناعة العالمية.
مستقبل كورونا في العالم
هناك صور محتملة لفيروس كورونا المستجد خلال الفترة القادمة ما بعد التعايش، ونوضح فيما يلي السيناريوهات المتوقعة:
• السيناريو الأول: لمستقبل فيروس كورونا المستجد، هو أن يصبح موسميا كحال فيروسات الجهاز التنفسي، والتي تنتشر في أوقات من العام، وتصل ذروة الإصابات فيها خلال وقت معين من العام، والذي يرجحه الأطباء، في حالة «كوفيد – 19». بأن يكون في فصلي الشتاء أو الخريف، وسيسهم الحصول على التطعيم، إضافة إلى انتشار العلاجات الأكثر فعالية المكتشفة مؤخراً، في جميع الدول التي تساعد على منع إصابة الجهاز التنفسي، في الحد من الأعراض الخطيرة عند الإصابة.
ويستوجب تحور فيروس كورونا المستجد ليكون وباء موسميا بعض الإجراءات الضرورية الواجب اتخاذها بشكل دائم، خاصة في موسم ذروة الإصابات، كارتداء الكمامة بشكل دائم، فإذا أصبح الفيروس موسميا، فإن ارتداء قناع داخل وسائل النقل العام وفي الداخل خلال موسم انتشار الوباء يمكن أن يصبح هو القاعدة، وربما حتى في المكاتب.
• أما السيناريو الثاني: فهو الاستهتار نهائيا وخلع القناعات والعودة إلى ما قبل كورونا وهذا أمر غير مستحب قد يزيد من قوة الفيروس، لذا يعتبر التعايش بحذر هو الحل الأمثل، فحتى إن أصبح المرض موسميا فإنه يظهر بشكل جديد كل فترة ليغير حساباتنا مرة أخرى، ولازال هناك وقت على اكتشاف علاجات فعالة أساسية لفيروس كورونا.
هل تنتهي كورونا في 2022؟
على مر التاريخ الخاص بالأوبئة، نجد أن أي جائحة ظهرت بسبب فيروس تستمر من عامين إلى ثلاثة أعوام على الأكثر، وتحورات الفيروس تكون للأضعف وليس للأقوى، ويؤكد العلماء حاليا أن متحور “أوميكرون” رغم سرعة انتشاره إلا أنه لا يشكل خطرا ولا يسبب الوفاة بنسبة كبيرة؛ لذا من المتوقع نهاية قوة الفيروس هذا العام، ليصبح موسميا اعتبارا من العام الجديد.