> حاورتها فاطمة بوغنبور*
نبيهة برني أو جميلة الصحراء كما تلقب، بداياتها كانت مسرحية حيث كان المسرح الشكل الفني الوحيد الذي يقدم من خلاله الفن والثقافة الصحراوية الحسانية عروضه قبل أن تصبح أحد وجوه التلفزيون مع إطلاق المغرب قبل 11 سنة لقناة «العيون» الجهوية.
شاركت في أشهر الإنتاجات الدرامية المغربية الصحراوية وفي أول تجربة سينمائية حسانية فيلم «أراي الظلمة» للمخرج أحمد بيدوا وفي مسرحية «الصعلوك» عن نص مسرحي للكاتب المسرحي عبدالكريم برشيد وإخراج حسن بديدا، وهي المسرحية الصحراوية التي جالت المغرب من أقصاه إلى أقصاه وفاجأت الجمهور بوجود مسرح صحراوي حساني قائم.
حصلت على جوائز منها أفضل تشخيص نسائي في «مهرجان اكادير للمسرح الحساني» الأول. لكنها تحلم أكثر بالإنفتاح على جمهور المغرب الواسع في باقي المدن المغربية وهي في ذلك تستبشر خيرا بحزمة الإجراءات، التي أقرها المغرب بهدف الإعلاء من شأن الثقافة الصحراوية الحسانية.
■ كفنانة صحراوية كيف تصفين واقع الفن والإنتاج الدرامي الصحراوي الحساني في هذه المنطقة من المغرب؟
> ربما أربط المشهد الفني بتجربتي الشخصية. تدرجت من المسرح المدرسي في سن سبع سنوات مع المسرح الحساني، ثم التلفزيون مع مجيء قناة «العيون» الجهوية التي شكلت ثورة حقيقية لنا، حيث أتاحت لنا الاشتغال على الدراما والمسلسلات والانفتاح على الجمهور المغربي الواسع، الذي لم يكن يعرف بوجود فنانين صحراويين، فلم يكن لنا منبر بهذا الشكل لنقدم للناس ثقافتنا وفنوننا ومواهبنا، وأزداد الأمر أهمية حين انفتحت القناة على قمر «النايلسات» وهذا في حد ذاته نجاح لتراثنا وثقافتنا حتى وإن لم تفهم لهجتنا، لكن يكفي الاستئناس بنا وبرؤية اللباس المختلف مثل «الملحفة الصحراوية» والديكور والبيئة العامة، التي ستصل لنطاق أوسع، لكن مع ذلك لا تزال تواجهنا إكراهات كثيرة وأشياء عديدة يجب أن تنجز.
■ تحدث الدستور المغربي الجديد عن الثقافة الصحراوية الحسانية كمكون مغربي هام إلى جانب العربية والأمازيغية والخطاب الملكي الأخير رسم ملامح مشروع تنموي ثقافي للمنطقة. كيف ستخدم هذه الخطوات الإنتاج الدرامي في المنطقة ومكانتكم كفنانين صحراويين؟
> أسعدتنا الزيارة الملكية للمنطقة في الذكرى 40 لحدث المسيرة الخضراء، ومعها مضامين الخطاب الملكي الذي ألقي بالمناسبة كان إحساسنا أنه أخيرا سيعطى لهذه الثقافة حقها وحضورها، حين تسمع عبارة إحياء التراث الثقافي الصحراوي وبناء مسارح هو نجاح لنا لأنه حان الوقت لنرفع الإيقاع عبر إضافة ساعات بث لقناة «العيون» الجهوية وبناء قاعات ودور ثقافة والتكثيف من المهرجانات التي تبرز الفنان الصحراوي، وبعد الخطاب صارت تأتينا اتصالات من مدن بعيدة لمخرجين يقولون إنهم قادمون للتصوير هنا ثم هناك ملتقى الفيلم الوثائقي في العيون الجديد الذي اعتبره تقدما كبيرا لنا وهو ما سيوفر لنا فرص جديدة للظهور.
■ الملاحظ غياب تام للتواصل بينكم كفنانين صحراويين بمخرجي ومنتجي مدن الشمال والوسط؟
> هناك عزلة والصلات الفنية شبه مقطوعة تماما ويحز في النفس أن لا يتعرف علينا الجمهور والمخرجون وزملائنا الفنانون خارج مدننا. هذا لأنه لا يوجد تعاون فني بين الشمال والجنوب. لكن الوضع مرشح للتغيير في ظل التطورات التي نشهدها وموجة المهرجانات الفنية التي صارت أخيرا في المنطقة مثل «مهرجان الفيلم الوثائقي» في العيون و»مهرجان الداخلة السينمائي». بل صرنا نحلم بفيلم سينمائي ضخم يبرز التنوع الثقافي المغربي من ثقافة الشمال إلى لهجات المدن الأخرى إلى اللغة الأمازيغية إلى الحسانية الصحراوية. وبأن تظهر فنانة صحراوية بلباس الملحفة في سيتكوم رمضاني مثلا في أوقات ذروة البث.
■ ما هي خصائص الدراما الصحراوية التي تميزها عن باقي الأشكال الدرامية في المغرب؟
□ في كتابة السيناريو هناك خطوط حمراء تفرضها طبيعة المجتمع الصحراوي المحافظ. أتذكر مثلا أثناء تصوير سيتكوم «حالي مع عيالي» في أحد المشاهد انحصرت قليلا «الملحفة» على قدمي فكان القرار بأن لا تبث الحلقة لأن شيوخ القبائل حراس حقيقيون على التقاليد وأحيانا يمارسون دورا رقابي و يطلعون على ما سيعرض بشكل قبلي. كفنانة صحراوية لا يجب أن أسيء للتقاليد أو أستعمل كلمات أو عبارات أو إشارات معينة.
■ الحسانية أقرب للفصحى وعليه حظوظكم أوفر للوصول إلى الجمهور العربي. ماذا تحتاجون ليتحقق ذلك؟
> نحن الأقرب للفصحى واللكنة الحسانية تقترب كثيرا من لكنات الخليج العربي، نشعر أيضا أنه لنا التقاليد نفسها وطريقة اللباس والخطوط الحمراء نفسها. ولو تم تسويق عمل مغربي حساني للخليج والبلدان العربية أتوقع أن يحقق نجاحا وقبولا، غير أننا قبل أن نصل لهذه المرحلة نحتاج لتحقيق تراكم فني عبر المزيد من الإنتاج السينمائي والتواصل مع جمهور ومنتجي ومخرجي مدن الداخل المغربي لأجل تبادل الخبرات وتطوير الأداء. ومن ثم المرور إلى العالم العربي.
■ هل يمكن أن تؤدي دورا يفرض عليك لباسا عصريا بعيدا عن الملحفة؟
> أرحب بذلك وكل دور هو نجاح بالنسبة لي ومرحلة جديدة في درب الاحترافية كفنانة صحراوية كأن أمثل بالقفطان أو الجلابة المغربية الأصيلة. هناك طاقات صحراوية كثيرة هنا تنتظر فقط الفرصة لتظهر بكل الحلل الإبداعية. لهذا نحن متفائلون بالحراك الثقافي الذي بدأت المنطقة تشهده.
*كاتبة صحافية