عبرت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف عن قلقها العميق من التهديدات التي تواجه الصحافة الورقية في المغرب، نتيجة للمشكلات المستمرة في التوزيع والإجراءات المالية الجديدة التي تنوي “سابريس” الشركة العربية الإفريقية للتوزيع والنشر والصحافة، التي تتولى حصريا توزيع الصحف والمطبوعات الوطنية، فرضها. وأكدت الفيدرالية، في بلاغ لمكتبها التنفيذي، أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى توقف الصحافة الوطنية المكتوبة بشكل نهائي، مما يشكل خطرا كبيرا على مستقبل الصحافة الورقية في المملكة. وأوضحت الفيدرالية في البلاغ الذي ننشره أسفله، أن العديد من مقاولات الصحافة الورقية تعاني من ضعف المبيعات وتراجع الإقبال على القراءة، مما يجعل فرض رسوم مالية إضافية على التوزيع عبئا غير ممكن تحمله. وذكرت أن هذا القرار قد يساهم في إغلاق العديد من الصحف، مما يعرض مئات من العاملين في القطاع للخطر.
“تتابع الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بكثير من القلق معاناة مقاولات الصحف الورقية جراء مشكلات التوزيع وما يتهددها من توقف، وبالتالي غياب الصحافة الوطنية المكتوبة عن الأكشاك بشكل نهائي.
لقد شرع مسؤولو الشركة العربية الإفريقية للتوزيع والنشر والصحافة “سابريس”، التي تتولى حصريا توزيع الصحف والمطبوعات الوطنية، عقد جلسات فردية مع ناشري الصحف الورقية وإشعارهم بعزمها تطبيق إجراءات مالية جديدة مقابل استمرار عملية التوزيع، وذلك بعد التقليص الكبير لدعم الدولة المخصص للتوزيع وللموزع الوطني الحصري.
وحيث أن ما تطلبه اليوم شركة “سابريس” من الصحف الورقية ليس في متناول مقاولات هي أصلا تعاني من ضعف البيع العمومي، وضعف الإقبال على القراءة بشكل عام، ومن ثم سيشكل الأمر كلفة إنتاجية إضافية ستقود بلا شك إلى التوقف والإغلاق وتشريد مئات الأجراء، فإن المشكلة تعتبر أكبر من خلاف تجاري بسيط بين طرفين.
لقد استفادت شركة توزيع الصحف من دعم استثنائي مهم من طرف الدولة في السنوات الأخيرة، وهو ما اعتبر جهدا ماليا كبيرا من طرف المغرب، ولكن، في واقع الحال، لم تستفد الصحف المغربية الورقية كثيرا من هذا المجهود الوطني، ولم يتم توسيع التغطية الجغرافية لشبكة التوزيع، أو الرفع من الكميات والتوزيع العددي، بل حتى المستحقات البسيطة لمقاولات الصحافة الورقية لم تحصل على معظمها لحد الآن.
وبدل التفكير اليوم في مخطط استراتيجي وطني شمولي لمعالجة هذه الاختلالات، اختارت شركة التوزيع دفع ناشري الصحف الورقية لتسديد ما تخلت الدولة عن صرفه من دعم للموزع الحصري، وبالتالي أقدمت على قرار من شأنه تهديد استمرار وجود الصحافة الورقية بتعدديتها في كل جهات المملكة، وحرمان شعبنا وبلادنا من صحف رصينة وجادة وذات مصداقية، وبعضها يزيد عمره عن ستين سنة.
إن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف إذ تتفهم انشغال شركة التوزيع “سابريس” بصيانة وجودها وتأمين توازناتها المالية واستمرارية نشاطها، فهي في نفس الوقت تشدد على مسؤولية السلطات الحكومية في إيجاد صيغة مناسبة لمستقبل الموزع الوطني الحصري للصحف المغربية، وتحمل مسؤولية ذلك، والسعي لحماية وجود الصحافة الوطنية الورقية ومقاولاتها العريقة، واعتبار ذلك من صميم مسؤوليتها الوطنية لكي تبقى للمملكة أدوات الدفاع عن صورتها ومصالحها العليا.
وإذ تحرص الفيدرالية المغربية لناشري الصحف على متابعة تطورات هذا الوضع مع ناشري الصحف الورقية، وتنسيق الترافع المهني بهذا الشأن، فهي تطالب الحكومة بطرح معضلة توزيع الصحف الوطنية بشكل جدي وبعيد النظر، ويستحضر المصلحة الوطنية العليا، وأن تفتح تشاورا عميقا مع المقاولات الصحفية وممثليها، وأن تتحمل مسؤولية مصير شركة التوزيع التي عاشت تحولات عدة لا دور للناشرين فيها.
وتنادي الفيدرالية المغربية لناشري الصحف مسؤولي شركة التوزيع “سابريس” بوقف ما تعتزم تطبيقه قريبا من إجراءات مالية جديدة، وبدل ذلك تدارس الدعم العمومي وتوازناتها المالية مع السلطات الحكومية ومع المساهمين في رأسمالها، واعتبار ناشري الصحف شركاء لها بدل جعلهم يدفعون ثمن تخلي الدولة عن دعم الموزع أو التراجع عن الوعود والالتزامات”.
تصوير: رضوان موسى