يجعل النص الأدبي أحيانا هاجسه الكتابة، أي همه الذاتي، وهذا الملمح تناوله النقد الأدبي، غير أن الحديث فيه متشعب، له مسارب عديدة من رمزية ونفسية وطقوسية وثقافية، والأهم في المسألة هو كشفها عن مستويات الوعي الفني لدى الكاتب. كما شكل الرمز واحدا من التكوينات الجمالية للشعر العربي زجله ومعربه، ومازال الشعراء والزجالون على امتداد الوطن العربي يوظفون الرموز للتعبير الفني عن القضايا التي يبتغون أن تؤثث خطاباتهم وتبلغ جمهورهم، ومازالت الدواعي إلى استخدام الرمز تنشأ وتتجدد، سياسية كانت أو جمالية. ومن أوضح الرموز التي وظفها الإنسان على امتداد تاريخ وجوده: رمز الشمس، ولعل كل حضارة أخذت بنصيب من هذا التوظيف، فنجده لدى الفراعنة وحضارة الإنكا والمايا ولدى البابليين وهناك حضارات ما تزال تحتفل بهذا الرمز في أقوى ما يمثلها، وهو علمها الوطني كاليابان مثلا.يجعل النص الأدبي أحيانا هاجسه الكتابة، أي همه الذاتي، وهذا الملمح تناوله النقد الأدبي، غير أن الحديث فيه متشعب، له مسارب عديدة من رمزية ونفسية وطقوسية وثقافية، والأهم في المسألة هو كشفها عن مستويات الوعي الفني لدى الكاتب. كما شكل الرمز واحدا من التكوينات الجمالية للشعر العربي زجله ومعربه، ومازال الشعراء والزجالون على امتداد الوطن العربي يوظفون الرموز للتعبير الفني عن القضايا التي يبتغون أن تؤثث خطاباتهم وتبلغ جمهورهم، ومازالت الدواعي إلى استخدام الرمز تنشأ وتتجدد، سياسية كانت أو جمالية. ومن أوضح الرموز التي وظفها الإنسان على امتداد تاريخ وجوده: رمز الشمس، ولعل كل حضارة أخذت بنصيب من هذا التوظيف، فنجده لدى الفراعنة وحضارة الإنكا والمايا ولدى البابليين وهناك حضارات ما تزال تحتفل بهذا الرمز في أقوى ما يمثلها، وهو علمها الوطني كاليابان مثلا. وورقتنا هذه تبتغي تأمل الوعي الفني الذي يكشفه هاجس الكتابة عن القصيدة والحرف، وكذا محاورة رمز الشمس وتأويل أبعاده ودلالاته في نماذج من الديوان الزجلي المعاصر
أولا: تأمل الوعي الفني الذي يكشفه هاجس الكتابة عن القصيدة والحرف.
• الزجال أحمد لمسيح وديوان (قتلتني القصيدة) • الزجال مراد القادري وقصيدته ( القصيدة) من ديوان طرامواي. • الزجال إدريس بن العطار وقصيدته(خزامة لحروف) من ديوان عيوط أم هاني. • الزجال بوعزة الصنعاوي وقصيدته (اقرايني) من صفحته الرسمية للتواصل الاجتماعي الرقمي. • الزجال حميد عسيلة وقصيدته (باب لقصيدة) من ديوان مكتوب وتصرف قوافي. • الزجال عمر الزواق وقصيدته (حروفك) من ديوان كلام منسوم • الزجال حفيظ المتوني وقصيدته (زهرة لقصايد) من ديوان سلطان الما. • الزجال أحمد السبتي وقصيدته (وحي القصيده ) من ديوان رياح الذات. • الزجال حميد تهنية وقصيدته (ضيف لقصيده) من ديوانه نوار الظلمة . • الزجال ميمون الغازي ومقطع من ديوانه : علاش أنا ما شي هو ؟ • الزجالة دليلة فخري وديوانها (اهبال لحرف) • الزجالة نهاد بنعكيدا وقصيدتها (يا حرفي) من ديوان حجاب الخاطر. • الزجال فؤاد شردودي وقصيدته (حرف صغير ) وقصيدة ( أنا غير مسخر ) من ديوان أنا غير مسخر. • الزجال عبد العظيم رطيبي وقصيدته ( لحرف الباهي ) من ديوان جذبة الصمت.
تأمل كوكبة العناوين:اقترنت القصيدة عند لمسيح بالموت فليس الاقتراب منها سوى تشظ وفناء،وعند زجالين آخرين اقترنت بدلالات النبوءة كما عند السبتي وهي ضيف يستحق الكرم والرعاية كما عند تهنية ،أو هي زهرة كما عند المتوني ،وعسيلة يراها باب يدخل منها إلى ما وراءها .ويكتنز الحرف بدلالات كلها تصب في معنى القصيد، فقد نظرت دليلة فخري للحرف كهبيل والهبال هو السحر ،والانزياح وطاقة الإبداع،وهو في مخيلة بن العطار باقة من الخزامى فواحة وهي تفيض بالخيال والبهاء كما وصفه رطيبي.
لمسيح:في دراسته المستفيضة عن تجربة لمسيح يخصص مراد القادري مبحثا يعنونه بـ ” الكتابة الشعرية” ص216. (جمالية الكتابة في القصيدة الزجلية المغربية الحديثة الممارسة النصية عند أحمد لمسيح 2013) وفيه يرصد ويحلل نماذج من النصوص التي هجس فيها لمسيح بموضوع الكتابة الشعرية فقام ب” تأمل حالها وأحوالها، ونظر إلى معانيها ووظائفها وإلى تجلياتها الكثيرة والمتعددة .رمز إليها بالحرف حينا وبالكلام أو القصيدة أحيانا أخرى”. ويجد أصداء شتى في تجربة لمسيح ورؤيته للقصيدة للأبعاد الصوفية خاصة – كما تجلت – لدى فريد الدين العطار.يقول لمسيح: (أنا “فراشة” والقصيدة ضو ) ص30. وتكون الحركة حركة عشق ، والمصير منذور للفناء، يقول لمسيح: والكتابة فين غادية/للحياة أو للفناء؟ الكتابة هي الوجود الحق لدى المسيح” (انظر كتابنا :أقواس الرؤيا مقاربات في القصيدة الزجلية الحديثة بالمغرب ط2015 ص15)
القادري:بَعّــدْم القصيدة…سطررجع ليها …وقت لفجرتلقاهانخلة من ذاتك،وفيها شلامن صفاتك. ص68. مراد القادري يكشف عن صورة من صور التوتر الانفعالي مع الكتابة، القصيدة لا تكتمل، والكتابة الأولى نقطة انطلاق، والابتعاد عن النص امتلاء به ،والعودة إليه رؤية تنبئ ببرق جديد، ونأمل توزيع التقفية ونبرات الإيقاع: (سطر، لفجر / ليها، تلقاها، فيها / ذاتك، صفات)ويقول القادري:نقيل ف حروفك نقراوكل مرة كنقراها برية اخرى كنلقاها (من ديوان غزيل البنات ص9) القصيدة تفوح في كل لقاء بعطر، وفي التلقي حالة تجدد في الباث والمستقبل.
بن العطار:خزامة لحروف ف شواريا من عرسة لحلام مجنيهبدموع لحباب مسقيه ص13.يوظف الزجال الخلفية الجمالية والتداولية لاسمه (العطار) فيحكي عن (شواريه) والعطار روح الزجال، لأنه جوال، فهو يوحي بقصة غاية في الجمال ،مكوناتها كالتالي:عرصة كلها خيال وأحلام .ينبت فيها مرج من الخزامى الفواحة .الخزامى هي الحروف.سقيت هذه الخزامى/ الحروف بدموع الأحباب.القاطف هو العطار الذي صاغ منها باقة أي قصيدة.إدريس بن العطار يقدم في ديوانه (عيوط أم هاني) وفي تجربته الزجليى لغة خاصة ،أعان بن العطار القراء بتوفير ملحق عبارة عن معجم موضح،لكن لو تمم هذا الفعل بشكل النص شكلا يحدد مقاصد الوجال ،حتى يقرأ قراءة وفق ما نطق به الزجال.
الصنعاوي:نقرا ..نَقْرَاونَتْهجَا حروفك دهب ونُقْرَهديك حروفك اتشكلت برسوموكلها عندي غالية فالسومملي نقراك بالضمة ..قْرايْني بالشدة .بوعزة الصنعاوي زجال له نكهته الخاصة ( كنسمعو كيقول دابا واش أنا قهوة ) أي له أسلوبه الذي يمكن الوقوف عند أهم سماته: (التطريز النغمي ،جمالية التكرار،يومية الموضوع وارتباطه بالمعيش،السخرية، الجرأة..). يخاطب في هذه القصيدة القصيدة ،يخاطبها ليؤكد على التذاذه بالتماهي معها وبها ،الفعل الإبداعي والكتابة الشعرية توحدهما ،ويتلاشى صوته في صوتها :……………وغطيني يا حبيبتي غطيني بعراك
الزجال (اللي تقن الحرفة) يدهشك لأنه يفتق في اللغة قدراتها العجيبة عن وعي ومعرفة، (الضمة والشدة) أخرجهما الصنعاوي من سياق النحو كما يتداول الناس مصطلحاته ،ليمنح الكلمتين سياقا يريده إنه سياق عشق ووله ،تصير الضمة عناق قوي في الحب ،والشدة تيه وصبابة حتى الأخذ الصوفي .
عسيلة:خرج لعقل يتغربىالمعنى يكوي ويبخوالكلمة تاخذ لفتوح.ص94. التحول والتجدد مما يدركه المبدع بوعيه الفني ،فالقصيدة ليست إنتاجا عقليا بالمعنى الذي يقصد به الصرامة والمباشرة والمنطق والتقرير ،بل هي إنتاج المخيلة ،وهو ما أوحى له عسيلة ب (وبقا باب لقصيده مفتوح )و ليصير المعنى مخاتلا والكلمة عونه،ألا ترى أن عسيلة منشغل بأمرين : • الحديث في النص الزجلي عن كتابة النص الزجلي. • كتابة تقول وتطبق ما تقول ، تشخيص المجردات (خرج لعقل – المعنى يكوي- والكلمة تاخذ الفتوح) وأنسنة هذه المكونات هو تمثيل لقوة الخيال.
الزواق:حروف شيخنا جارية سواقينابعة من الحب الراقياللي قراها يكول هادي شواقيوهذا اهبالي من اعماقي. ص35.
الحرف يشبه في دلالته الحضارية بالماء ،فبالحرف صار الإنسان (وعلمنا آدم الأسماء كلها) إنسانا، والجريان معناه القوة والغزارة والخصوبة، والمعجم الزجلي يكشف دلالات أخرى ،لنتأمل مؤشراتها في المعجم الزجلي: (سواقي ، الحب شواقي، اهبال ) دلالات الدفق الوجداني والابتكار .
المتوني:واجيني يا زهرة لقصايدف قفطان عروسنكون ليك مرايهقدام زين حروفكنعاود لقرايه. ص75.
عشق ونداء إلى سيدة الجمال كي تحضر عروسا في قفطانها الرفيع ،واستعمال المتوني لفظة قفطان فيه ذلك الوفاء للرموز الحضارية المغربية، واللقاء بهذه العروس لحظة تجل من التجليات (نكون ليك مراية ) وأمامها يمحى كل علم وتتلاشى كل معرفة لأنها رؤيا شعرية جديدة ، يتلقفها الزجال بكل شغف وشوق، والمعجم الزجلي ثري يوحي بالوله والجمال ( زهرة، عروس، مراية، زين)
السبتي:هو القصيدة ولدتهسماته كيف بغاتوالحرف خاواني به ص51. هذه القوة التي لدى القصيدة قوة تدهش، فهي ضوء عند المسيح، وعند القادري نخلة، والزواق شرب من سواقيها، وعسيلة صورها بابا مبجلا يرى فيه الناس الخلاص. وهي عند السبتي أم الزجال ،وهي من يمنحه الاسم،وتوحد السبتي مع الحرف فصار الزجال حرفا.
تهنية:يا سيد لكلام سألتك لله قل لي؟واش انت كتبة ف جوف لقلام؟ولا طيف معانق حلام؟ ص28.
السؤال من حقائق الإبداع ،والسؤال كنز المبدع،ويجعل تهنية الكلام الزجلي سيدا والزجال في حالة ذهول، وتيه، (واش انت كتبة ف جوف لقلام ؟) ما حقيقتك أيها المضيء الجليل، أأنت سر الكتابة المضمر في كينونة القلم، بمعنى ما جوهرك؟ ويطرح السؤال الثاني ،وهو استفهام إنكاري يعكس وعي الذات المبدعة بعوالم الإبداع، السؤال الثاني كاشف عن التكوين الجوهري للشعرية الزجلية إنه التخييل وهو ينتج عن عناق أطياف الأحلام.
الغازي:من شوقي لقصيدةنتفتف وسط لكلامنجمع الحرف شقف ب شقفنجبر به شتات لكلام ص34.
المبدع مريد صغير يتعلم في حضرة القصيدة ،يحرص على رضاها،لأنه عاشق ذاته جمرة من الشوق، الفعل الذي يصوره الغازي يرسم لحظة التلعثم أثناء الكتابة تلعثم الحرف،ولكن الجديد في هذا المقطع هو كون الغازي يبين بصورتين شعريتين كيف يبلور الزجال القصيدة (نجمع ،نجبر )فهو صانع التكوين الجمالي النهائي للكون الزجلي.
دليلة:ويا خوفييا خوفي ليردمني الزلزالوالنور مانعود نقرا حروفوونشرب حتى نا من عصير الدالية ص33.القصيدة ضو نور، وكلمة حروفو في التدوال الشعبي تعني (علامات) يقول المثل المغربي( يلا غاب الزين تبقى حروفو) ” والنور مانعود نقرا حروفو” أي علامات الجمال فيه،فالزجالة تخاف من الموت ،الموت الذي قد يحول دون الاستمتاع بلقيا القصيدة والسكر بسحرها.
بنعكيدا:يا حرفي لكتابة ماشي بالجميللكتابة كيفها كيف الخاوا……………………….نحوزك لياوتحوزني ليكتفيق معايا على صوت الورقةوهي تتكسل فبياضها ص92/93. تنادي، تنفي، تشبه، تصور. هذه محددات هذا المقتطف، فبنعكيدا تنادي الحرف، تخاطبه فهو في الوعي الفني ذات عاقلة، شاعرة له القدرة على إدراك وسماع صوت الورقة (وهي تتكسل فبياضها) وتنفي أن تكون الكتابة من باب التكرم والتفضل،لتثبت أن الكتابة ضرورة وحاجة وارتباط قوي كالأخوة. تصور الزجالة غنج وإغراء الورقة البيضاء للحرف قي نسج جمالي ،يصير فعل الكتابة فيه دعوة من الورقة واشتهاء من طرف الحرف (نحوزك ليا/ تحوزني ليك). لو ناديت غير الإنسان فأنت تؤلف جملة تخييلية ،والحرف يصير كائنا حيا،وتعرف بنعكيدا حقيقة الكتابة فحقيقتها الحب،وفي هذا المقطع توزعت ألفاظ الكتابة، (حرف، الكتابة، الورقة)
شردودي:كلمةقالت:ايلا بقيت حتى ضلام الحالشكون غ يرجعني لقصيدتيقلت:شكون قال غيضلام الحالايلا شعلت يا وقيدتي ص51.
نص شردودي فيه ملمح سردي ظاهر ،فالشخصيتان هما الزجال والكلمة التي يوحى إليها بالإيحاء الأنثوي،و المكان مفهوم وهو في الفهم السطحي بيت الزجال وفي الفهم العميق ذات الزجال،ثم القصيدة،وهناك الحدث هو لقاء الكلمة وبقاؤها لمدة طويلة عند الزجال ،فضلا على حيوية الحوار الذي كشف عن المفارقة مما يجعل هذا النص قصة قصيرة جدا. ومرة أخرى تكون الكلمة شعلة وضوءا،فهذا النص / القصيدة،تجلت فيه مستويات من الوعي الفني نجملها في ما يلي:•حيوية البناء السردي.•انسجام المعجم الشعري:(ضلام ،شعلت،وقيدتي)(الحال ،قصيدتي،كلمة)•نجاح البنية الإيقاعية في النص:(قالت/قلت/بقيت/شعلت) (ايلا/ضلام/غي ضلام/ايلا) (قال/الحال/الحال)(لقصيدتي /وقيدتي). رطيبي:حرفك..بحال شي غرسديما سقيهالراشي زبرومن التواشي نقيهتطلع نوارتوقصيدة ص13. رطيبي رأى في الحرف دلالة النبات ( لنتذكر القادري القصيدة نخلة) هذا الحرف يحتاج إلى جهد الزجال وماء الإبداع،وتشذيب العارف وتخلية الصوفي حتى إذا ارتوى وشذب وأبعد عنه ما يفسده ،أزهر وكان إزهاره قصيدة. تصوير ماتع ولغة صافية.ثانيا: محاورة رمز الشمس وتأويل أبعاده ودلالاته: بلقاسم المرزوقي: زجال تونسي (يا شمس) رفع الزجال بلقاسم المرزوقي الشمس إلى تاج الدلالة، فجعلها عنوانا لأحد دواوينه الزجلية، وجعل عنوانه “يا شمس” ومعلوم أن زجالنا بلقاسم” عاشق الصحراء “كما وصفه حسن مبارك في تقديم ديوانه هذا:بالله يا عاليه يا بعيدهوحدك فريدهلا طال لا دنسك حد بيده……………….وكل فجر عندك البسمه جديدهتفوق القصيدهوبيني وبينك روابط عديده (يا شمس /بلقاسم المرزوقي)بلقاسم ينظر إلى الشمس كحالة متجددة تجدد الإبداع ،لها توق الزجال إلى معانقة فجر القصيدة.احميدة بلبالي: وديوانه (شمس الما)يحاور الزجال احميدة بلبالي الشمس انطلاقا من نسج تصويري عجائبي، يضفره في نسق سردي ماتع، الشمس عنده رمز للصورة المتخيلة المثلى للجمال الذي يحلم بالقبض عليه: وقفت الشمسف الشفقوقبل ما تطيحف فمهدخلتها ف الصورهدرت ليها كادرب مسمار وخيطعلقتها ف الحيط (ص65/ شمس الما)
إدريس أمغار مسناوي:(كأني جاي من ورا الشمس)شرَّقت شمس ليلي،ادفنت قبري نعيش خلودي.ركبت تحدياتي،شديت ف عنادي منهنا لشمس اخرى.(ص49/المستقبل ورثي)عرف مسناوي بشيخ الضو والشمس يرمز بها إلى قوة الفعل الوجودي والإصرار على الإبداع، هي ترمز عنده أيضا إلى حقيقة الرؤيا وتجليات الكشف المعرفي،لذا فهو يعتبر المبدع شمسا حية.وفي النسق الزجلي للمسناوي عدد من القصائد التي تحتفل بهذا الرمز ومنها: (عاشق الشمس، لا تروحي يا شمس، طلعي يا شمس..) في الأعمال الكاملةج1.
إدريس بن العطار: (كليع الشمس) طاع الموالهاجت فايضه لمعانيوالساكتف سواكني شحال هضر(ص42/عيوط أم هاني)ترمز الشمس لدى بن العطارإلى حقيقة الإبداع ،وإلى تحقق الفوز بالنص ،بالقصيدة.وفعل (الكليع) فيه من القوة والإرادة ما فيه،حيث يحيل على العزم الإبداعي والإصرار الفني في أخذ وانتزاع السر سر القصيدة ،وبهائها وما القصيدة إلا شمس.يونس تهوش: (عين الشمس)في قصيدة طويلة يصور تهوش سيرة الزجال قاطف ضو الشمس،ضو المعرفة والرؤيا ،وفي أثناء هذا السفر يذكر حالات الضوء، وكونه عنون قصيدته ب”عين الشمس”في ذلك أنسنة لها، وإلماح إلى سلطتها الجمالية ورمزيتها الوجودية.
يفوح الضويضحك المكانيتقلق الضويتعوق الزمانيغمض الضويتيه الإنسانيغدر الضو تذبال الاكوان (ص46/ للحلمة وتره سادسه)
وقفنا مع محاورات الشعراء الزجالين لرمز الشمس انطلاقا من أنساق تصويرية و عجائبية وحكائية ماتعة، الشمس عندهم رمز للصورة المتخيلة المثلى للجمال الذي يحلمون بالقبض عليه، وهي قوة الفعل الوجودي والإصرار على الإبداع، و ترمز لديهم أيضا إلى حقيقة الرؤيا وتجليات الكشف المعرفي، لذا فهم يعتبرونها علامة القوة والإرادة لما فيها من تجدد وحضور،حيث تحيل على العزم الإبداعي والإصرار الفني في أخذ وانتزاع السر سر القصيدة ، القصيدة التي رُمِزَ إليها بالكلمة والسواقي والحرف والنخلة والضوء والتي أمامها يمحى كل علم، وتتلاشى كل معرفة لأنها عندما تكون رؤيا شعرية جديدة ، يتلقفها الزجال بكل شغف وشوق، يقف بين يديها كالمريد ،وفي ذلك إلماح إلى سلطتها الجمالية ورمزيتها الوجودية، وبهائها وما القصيدة إلا شمس. تجلى من خلال الوقفات والتأويلات والمقاربات تبادل الشمس والقصيدة مواقع الدلالة، مما يشي بتداخل الأبعاد الرمزية والفنية بينهما. هذه جولة في أعمال قليلة، حاولنا الكشف عن مستويات الوعي الجمالي لمكونات الفعل الإبداعي فيها، وقد تسعف الأحوال في رصد رمزية الشمس والقصيدة والحرف والكتابة في أعمال إبداعية زجلية جديدة. وكذا رصد مكونات جمالية أخرى.
بقلم : امجد مجدوب رشيد