اللقاء في طنجة…

في نهاية الأسبوع، لم تكن مدينة طنجة مجرد وجهة أو مزار لصحفيين وشخصيات سياسية وأكاديمية وإعلامية من مختلف مناطق البلاد، استضافتهم الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، على هامش الجمع العام التأسيسي لفرعها الجهوي بجهة طنجة تطوان الحسيمة.
المكان لم يكن فقط حاضنا للتلاقي وتجديد الصلات الإنسانية والمهنية، ولم يتح للمشاركين والضيوف استعادة ذكريات الأحداث والعلاقات والأشخاص والمعالم…
لقد أتاحت المناسبة كل هذا مجتمِعا، وفِي نفس الوقت جسدت اللقاء بطنجة ومعها…
لقاءات فيدرالية الناشرين المغاربة أفضت إلى تجميع عدد من مقاولات الصحافة المكتوبة والإلكترونية على صعيد الجهة، وأسست للخطوات الأولى في مسار تنظيمها وتكتلها، والشروع في بناء منظومة ذاتية للتعاون والتأهيل المهني والمقاولاتي للإعلام الجهوي، وتنمية قدراته، وتمتين حرصه العام على جودة المنتوج الصحفي، والتقيد بأخلاقيات المهنة.
محطة طنجة هي بداية ضمن هذا المسلسل المعقد والصعب، ومن المؤكد لن يخلو الطريق من صعاب، ولكن إرادة المهنيين بهذه الجهة واضحة وقوية، وتصر على كسب التحدي.
وعلى غرار مختلف المحطات التنظيمية السابقة للفيدرالية المغربية لناشري الصحف في باقي جهات المملكة، فقد مثلت لقاءات طنجة مناسبة لتنظيم حوارات موازية إشعاعية بشأن انشغالات وطنية كبرى، وشارك فيها فاعلون من مجالات معرفية متنوعة.
في طنجة، كان التداول في»المتوسط…»، وجرى حوار عميق وغني حول الموضوع، واقعا وأفقا، وبدا التفكير والانشغال كبيرين، وفي حجم ما يطرح على بلادنا من تحديات تنموية واستراتيجية تتصل بهويتها وموقعها والأفق العام لوجهاتها التنموية والدبلوماسية…
النقاش حول»المتوسط» كان فيه كذلك استحضار واحتفاء برمزية وهوية مدينة طنجة، وفِي الثنايا والخلفيات حضرت مختلف أبعاد المكان المستضيف، وحضرت الشخصيات كلها التي اقترنت بطنجة على مدى قرون من الزمن، كما حضرت سياقات ورهانات الزمن الحالي، وخصوصا على صعيد منطقة المتوسط والعالم.
المناقشات التي أثراها أكاديميون ودبلوماسيون وسياسيون وإعلاميون، أجمعت على قيم أساسية تنتصر للسلام والحوار والانفتاح والتعاون، وانتصرت لتطلعات الشعوب من أجل التنمية والتقدم والديمقراطية، كما احتفت بالهوية المتعددة للمغرب والنجاحات التنموية والدبلوماسية التي حققها في السنوات الأخيرة، والتي تعتبر طنجة من عناوينها الدالة، وأجمع المشاركون على أن كامل هذه الدينامية تقتضي الاهتمام اليوم بتأهيل الإعلام الجهوي، وسعي كل الأطراف المتدخلة لكي تمتلك بلادنا في هذه الجهة الصاعدة إعلاما مهنيا حقيقا ممتلكا لكل مقومات المصداقية والحرفية، وأيضا المتانة المقاولاتية والاقتصادية والتنظيمية، إضافة إلى الجودة والالتزام بأخلاقيات المهنة، أي أن يكون هذا الإعلام الجهوي من ضمن مكونات التطلع التنموي العام للمنطقة ومساهما في تفعيله وإنجاحه.
لا شك أن رهانا بهذا الحجم يتطلب عمل وانخراط أطراف متعددة، بما فيها المهنيون أنفسهم، ومن المؤكد أن النجاح في هذا المسلسل لن يكون بين عشية وضحاها، ولكن الواجب يفرض التأسيس لمنظومة عمل التقائية وتشاركية ومحكمة وواضحة، ويجري العمل عليها لكسب هذا الرهان.
التظاهرة الإعلامية والفكرية التي أشرفت عليها الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في طنجة، لم تكتف بانشغالات مهنية قطاعية ومطلبية، ولكنها مثلت منبرا تكلم من خلاله رئيس دولة سابق من الجوار المغاربي القريب، ووزير خارجية مغربي سابق، وأكاديمي معروف مثل الجامعة المتوسطية بفاس، ورئيس الإتحاد الدولي للصحفيين، وبالتالي لم تخل التظاهرة من عمل دبلوماسي قوي للترافع حول المصالح الوطنية والإستراتيجية الحيوية لبلادنا، وهو ما يجسد أهمية مثل هذا العمل الإشعاعي والتأطيري الذي تباشره منظمة مهنية عريقة مثل الفيدرالية المغربية لناشري الصحف.
طنجة احتضنت كل هذا، وجرى فيها كذلك الاحتفاء المتبادل بين مهنيين من أجيال مختلفة، كما انتشر حوالي المشاركين كثيرا من التفاعل والمودة والعرفان…
طنجة الحاضنة في كل الأزمنة لمختلف الأفكار والشخوص والآراء، وحدها تستطيع إنجاح مثل هذه المبادرات الكبيرة، وإضفاء العمق عليها.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم , ,

Related posts

Top