إلى غاية منتصف سنة 2021، أظهر الاقتصاد المغربي مؤشرات إيجابية للانتعاش في القطاعات الرئيسية، متجها بوثيرة ثابتة، نحو نمو أكثر صلابة.
وبفضل حملة التلقيح ضد كورونا، المشهود بنجاحها على الصعيد العالمي، تمكنت المملكة من تخفيف القيود الصحية واستئناف الدينامية الاقتصادية التي تأثرت جراء الأزمة الصحية. وكشفت وزارة الصحة في حصيلة حديثة أن عدد الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح بلغ 11 مليون و748 ألف و418 شخصا، بينما وصل عدد الأشخاص الملقحين بشكل كامل (الجرعة الأولى والثانية) إلى 9 ملايين و979 ألفا و720 .
وتؤكد هذه المؤشرات نجاح العملية على الرغم من التحديات اللوجيستية والتنظيمية الهائلة التي تكتنفها، كما تبعث رسالة مطمئنة للفاعلين الاقتصاديين حول الوضعية الوبائية، التي يمكن أن يتسبب أدنى تدهور لها في أضرار اقتصادية جسيمة.
وسواء تعلق الأمر بالمنظمات الوطنية أو الدولية، فإن توقعات النمو بالنسبة لسنة 2021 تدعو للتفاؤل، بالرغم من بعض الشكوك، لاسيما بعض ظهور متحورات جديدة لكوفيد-19 التي خلفت موجات جديدة من العدوى.
وسيسجل الاقتصاد المغربي حسب توقعات بنك المغرب، نموا بنسبة 5.3 برسم سنة 2021 المائة قبل أن يتعزز النمو إلى 3.3 في المئة سنة 2022، مدفوعا بارتفاع القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية بنسبة 3.6 في المئة وتزايد القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بنسبة 17,6 في المئة.
وفي ذات السياق، نشرت المندوبية السامية للتخطيط حصيلة إيجابية حول “اقتصاد مغربي”، ينتظر أن يحقق خلال الفصل الثاني من 2021، نموا يناهز 12,6 بالمائة، مضيفة أنه يرتقب أن يشهد نشاط الاقتصاد الوطني تطورا بنسبة 7,2 في المائة خلال الفصل الثالث من 2021.
من جانيه، توقع البنك الدولي أن يكون الانتعاش الاقتصادي بالمغرب “تدريجيا” و”متفاوتا” ، على أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4,6 في المائة سنة 2021، مدعوما بالأداء الجيد للقطاع الفلاحي، والتعافي الجزئي في قطاعي التصنيع والخدمات.
وقد سجل القطاع السياحي، الذي يوجد على رأس القطاعات المتأثرة بتطور الحالة الوبائية، ارتياحا نسبيا على إثر القرار بإعادة فتح المجال الجوي للمملكة، وهو الأمر الذي ترك انطباعا جيدا لدى أرباب الفنادق والفاعلين في مختلف فروع النشاط السياحي.
وباعتباره مصدرا مهما للعملة الأجنبية ومحفزا للتنمية، يعيش القطاع السياحي على وقع موسم صيفي مسنود بعودة كثيفة للمغاربة المقيمين بالخارج، وارتفاع قوي للسياحة الداخلية.
كما يظل القطاع الفلاحي، الذي فاق أداؤه كل التوقعات، أحد أبرز عوامل الانتعاش الاقتصادي، حيث ينتظر تحقيق محاصيل استثنائية برسم الموسم الفلاحي 2020/2021، بعد التساقطات المطرية الوفيرة التي شهدها المغرب هذه السنة.
وقد استفادت الحبوب الرئيسية الثلاث من هذه التساقطات “القمح الطري، القمح الصلب، الشعير”، والتي يقدر إنتاجها النهائي لها لموسم 2020-2021 بحوالي 103,2 مليون قنطار مقابل 32,1 مليون قنطار خلال 2019-2020، بارتفاع بنسبة 221 بالمائة مقارنة بالموسم السابق.
ويبدو أن القطاع الصناعي الذي تأثر بشكل كبير جراء الاضطرابات الرئيسية في سلاسل القيمة ونذرة المواد الأولية، بدأ في استئناف نشاطه. حيث بلغت الصادرات في قطاع السيارات 35,4 مليار درهم برسم الخمسة أشهر الأولى من سنة 2021، بارتفاع يبلغ 49,5 بالمائة مقارنة مع نهاية شهر ماي 2020، بحسب مكتب الصرف.
ويتواصل تشجيع روح المقاولة وتحسين التنافسية للنسيج الانتاجي في هذا القطاع، لاسيما بفضل مبادرة بنك المشاريع التي تم إطلاقها في إطار مخطط الإقلاع الصناعي.
وأفادت حصيلة مرحلية حديثة بالمصادقة على ما مجموعه 523 مشروعا استثماريا صناعيا، وهو ما يمثل إمكانية تعويض الواردات بقيمة 35,5 مليار درهم.
ويظل إذن استئناف الإنعاش الاقتصادي والسهر على صحة المواطنين أبرز الرهانات خلال ظرفية يتعافى فيها الاقتصاد العالمي تدريجيا، بالموازاة مع ظهور موجات إصابة جديدة بالفيروس تقتضي توخي الحذر واتخاذ تدابير صحية أكثر صرامة عند الاقتضاء.
وبعدما أظهر نجاعة ونجاحا في إدارة عملية التلقيح، يدشن المغرب مرحلة جديدة بمشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد-19 ولقاحات أخرى.
ويعكس هذا المشروع ،مرة أخرى، رغبة المملكة في تنويع نسيجها الصناعي وتكريس إشعاعها الدولي في عالم يعيش حالة مخاض ، مما يستدعي إعادة التموقع في كافة القطاعات الجديدة بعد الأزمة الصحية.
المؤشرات الإيجابية تتعدد
الوسوم