نظم مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، بشراكة مع مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العمومية، ومجموعة البحث في الجغرافية السياسية والإستراتيجية الشاملة، لقاء علميا مفتوحا مع الفاعل الحقوقي المحجوب الهيبة، حول موضوع: “تفاعل الدول مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الخيار المغاربي بين تحديات التملك وإكراهات الإمكانات”.
وتطرق المحجوب الهيبة، عضو اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة خلال الفترة 2010-2012 و2020- 2024، وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعضو هيئة الإنصاف والمصالحة، في المحور الأول، للسياق الذي أفرز منظومة حقوق الإنسان وآلياتها بالأمم المتحدة.
وخلال اللقاء المنظم برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية القاضي عياض بمراكش، تناول الهيبة، في المحور الأول أيضا، “الظروف التي مهدت لصدور وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، الذي برأيه “سيعزز مسار حقوق الإنسان الذي ترجمته الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات، وتبنته العديد من الدول ضمن دساتيرها”.
وسلط المحجوب الهيبة، في المحور الثاني من المحاضرة، الضوء على السياق العام للتنسيق الدولي حول حقوق الإنسان، مبرزا مجموعة من الآليات المتعلقة بحقوق الإنسان، على غرار آليات الإجراءات الخاصة التي تفوق 48 إجراء خاصا، ومهمتها تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك زيارة الدول لمراقبة حقوق الإنسان.
وأشار الأستاذ الجامعي ذاته إلى “آلية الاستعراض الدولي الشامل التي بموجبها تقوم الأمم المتحدة بشكل دوري باستعراض ومواكبة وضعية حقوق الإنسان في كل دولة بشكل منفرد”، مؤكدا في السياق ذاته أن “مؤتمر فيينا سنة 1993 يشكل مرحلة حاسمة وأساسية في مجال حقوق الإنسان، لكونه رسخ مبادئ وقيما أساسية لحقوق الإنسان، وعبره تم اعتماد خطة عمل، خاصة أنه ركز على الكونية وعدم القابلية للتجزئة في ما يخص حقوق الإنسان”.
أما المحور الثالث من المحاضرة فخصصه الأستاذ المحاضر للإطار المرجعي الذي يلزم الدول بالعمل وفق منظومة حقوق الإنسان، وخلاله أشار إلى تقرير “نافي بيلاي” سنة 2012 الذي أسس لإنشاء آلية ما بين وزارية أدت إلى إنشاء المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بالمغرب، مستحضرا مجموعة من الدراسات والتقارير والقرارات الدولية التي تعتبر إطارا مرجعيا يلزم الدول بتبني آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وفي المحور الرابع من المحاضرة تطرق المحجوب الهيبة إلى “الآليات الوطنية للتعاون والتنسيق مع الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان”، حيث وضح دور التنسيق المؤسساتي وشروط نجاحه التي لخصها في “توفر الإمكانات البشرية، والتوفر على إحدى اللغات الأساسية (الإنجليزية والفرنسية والإسبانية)، إضافة إلى الإمكانات المالية”.
كما رصد الهيبة، في المحور الخامس من المحاضرة، مجموعة من التحديات والتهديدات التي تواجه منظومة حقوق الإنسان وكونيتها، حيث صنفها إلى قسمين؛ الأول يتعلق بالتحديات التي يتقاسمها العالم، المتمثلة في “الانطوائيات الهوياتية”، كالدين والتقاليد والاقتصاد… وكذلك الإرهاب والتطرف العنيف، بالإضافة إلى الشعبوية وما تفرزه من انتقاص من قيم حقوق الإنسان، وكذلك الهجرة التي يرافقها أحيانا تنامي الحركات العنصرية.
وبحسب الخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان فإن التدهور البيئي على غرار التغيرات المناخية من التحديات التي تواجهها منظومة حقوق الإنسان، إضافة إلى وضعية العمل التي تفرز تحديات مهمة، كالظروف التي يعيشها العمال بشكل عام، إلى جانب عمل الأطفال ضمن أنشطة الشركات الكبرى؛ “فيما يعتبر الفاعلون غير الدوليين التطورَ الرقمي وما يفرزه منْ مشاكل منَ التحديات التي تواجهها منظومة حقوق الإنسان على المستوى العالمي”.
وتطرق عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى التحديات الخاصة التي تصب في مجملها في تحدي التملك والتحدي المالي، وكذلك تحدي التكوين والتكوين المستمر، وتحدي الثقافة وصون الأرشيف والترسيم والاستمرارية.أما المحور السادس من المحاضرة فخصصه الأستاذ ذاته إلى الآفاق التي تواجه منظومة حقوق الإنسان، من قبيل إنشاء محكمة عالمية لحقوق الإنسان، وضرورة ترسيخ ما تسمى الآليات الوطنية للتنسيق؛ وذلك لإعطاء مصداقية لممارسة الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان.