قرر المشرع المغربي اعتماد آلية التقاط المكالمات الهاتفية والتنصت وفتح المجال أمام المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لإنجاز الأبحاث الجنائية في جرائم الاتجار بالبشر، في مبادرة لتشديد الطوق على هذه الجرائم ومحاصرة مقترفيها أو المشتبه فيهم باقترافها.
وبادر المشرع، في مشروع مسطرة القانون الجنائي الذي تم الانتهاء من إعداده، إلى جعل جريمة الاتجار بالبشر ضمن الجرائم التي يمكن، أثناء عملية البحث والتحري، اعتماد آلية التقاط المكالمات الهاتفية والتنصت وفتح المجال أمام المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لإنجاز الأبحاث الجنائية، فضلا عن إجراء تحقيق مالي مواز خاصة وأن الشبكات الإجرامية التي تنشط في هذا المجال تجني أرباحا مالية طائلة، ترتب الثالثة ضمن العائدات التي تحققها كل من شبكات بيع السلاح وشبكات بيع المخدرات
وكشف القاضي هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، عضو اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، خلال مشاركته في ندوة نظمها عن بعد، المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول موضوع ” التقرير الوطني حول الاتجار بالبشر، قراءات متقاطعة”، وذلك في إطار برنامجه الشهري خميس الحماية، عن بعض العناصر الجديدة التي يتضمنها قانون المسطرة الجنائية، والتي من شأنها أن تسهم في التصدي لظاهرة الاتجار بالبشر .
وقال في هذا الصدد” لقد تم إعداد مشروع قانون متكامل يعتمد تصورا كبيرا ويتضمن مجموعة من المقتضيات التي ستسهم في التصدي لظاهرة الاتجار بالبشر سواء على مستوى تعزيز وتقوية آليات البحث والتحري في مجال جرائم الاتجار بالبشر وايضا على مستوى التعاون القضائي الدولي “، علما ان مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي تم سحبه لم يكن يتضمن مقتضيات تتعلق بجرائم الاتجار بالبشر ، كان يشتمل فقط على مقتضيات تتعلق بتهريب المهاجرين”.يقول مدير الشؤون الجنائية والعفو.
وأوضح في هذا الصدد، على أن قانون المسطرة الجنائية يتضمن وسائل تقليدية ، لكن تم في الصيغة الحالية توسيع هذه الآليات الخاصة في مرحلة البحث والتحري، حيث تمت إضافة جريمة الاتجار بالبشر إلى الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة ، والتي تجيز التقاط المكالمات والتنصت وأيضا تفتح المجال لبعض الجهات كالمكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لإنجاز الأبحاث الجنائية في هذا الإطار “.
وأعلن أن نص مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي انتهت وزارة العدل من إعداده تقاسمته مع كافة المتدخلين سواء على مستوى رئاسة النيابة العامة، المجلس الأعلى للسلطة القضائية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، جمعيات هيئات المحامين، القطاعات الحكومية وبعض المؤسسات التي لديها اهتمام بالموضوع، وأن الوزارة توصلت بشأنه ببعض الملاحظات ولم يبق إلا مؤسسات قليلة .
واضاف أن جريمة الاتجار بالبشر في ظل قانون المسطرة الجنائية ستكون محور آليات التحقيق المالي الموازي ، مشيرا إلى أن هذا الأمر “تفرضه الخطورة المتعاظمة لهذه الجرائم والتي لا ينبغي أن ننظر إليها فقط في علاقتها بالضحايا ، خاصة وأن جريمة الاتجار بالبشر أصبحت أيضا آلية من آليات تمويل جرائم أخرى، فهناك ارتباط وثيق بين جريمة الاتجار بالبشر وغسل الأموال وتمويل الإرهاب “.
وأوضح أن قانون المسطرة الجنائية ينص على مجموعة من الآليات ومن آهمها التحقيق المالي الموازي ، وهذا الأمر وفق مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، سيساعد على كشف هذه العلاقة بين الاتجار بالبشر و عائدات الاتجار بالبشر ،قائلا” إن العائدات المالية التي تحققها جرائم الاتجار بالبشر تأتي في المرتبة الثالثة بعد الاتجار في الأسلحة والاتجار في المخدرات، فالعائدات المالية الناتجة عن الاتجار بالبشر مهمة ويمكن أن تستعمل لتمويل جرائم أخرى”.
ولم يفت القاضي، عضو اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، أن يذكر في تدخله ، بالمضامين التي حملها القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، وعناصر الرصد التي شملها أول تقرير وطني أنجزته اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، مشيرا إلى الإكراهات الكثيرة التي تواجهها اللجنة.
وشدد في هذا الصدد على الإكراه المرتبط بغياب الدعم المادي عن اللجنة، التي تقع تحت الإشراف الفعلي لرئيس الحكومة وترأسها وزارة العدل ، لكن لم تحدد للجنة ميزانية سواء داخل ميزانية وزارة العدل أو في إطار الميزانية المخصصة للجن التابعة لرئيس الحكومة، معلنا أنه تمت مراسلة الجهات المعنية في الموضوع، وأن هناك بشائر بحلحلة هذا الأمر ، والذي من شأنه أن يعطي حتى دفعة لهذه اللجنة حتى تتمكن من الاضطلاع بالمهام المسندة إليها “.
كما أشار إلى أحد الإكراهات التي واجهتها الأطراف المتدخلة، والذي يرتبط بالصعوبة في فهم البناء القانوني للجريمة ، قائلا” الجريمة بالرجوع للنص القانوني هي جريمة مركبة ومعقدة ومتعددة العناصر التكوينية ، وأن هذا التعقيد والتداخل بين عناصرها
لم يسعف الفاعلين على فهم جريمة الاتجار بالبشر “، كما لم يفت المسؤول الوزاري أن يلفت إلى الإكراه المرتبط بمسألة الاشتغال على المجتمع المدني.
ويشار ان هذا اللقاء الذي أدارت أشغاله سلمى الطود ، رئيسى اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة تطوان الحسمية، شهد مشاركة عدد من الفعاليات ضمنهم علي كريمي منسق اللجنة الدائمة المكلفة برصد انتهاكات حقوق الإنسان ،الذي افتتح هذا اللقاء ، وسهام الفكيكي ، مديرة مكتب ألأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة بالمغرب، ، ومهدي الرميلي عن مجلس أوروبا وحياة بارحو رئيسة هيئة التضامن مع المهاجرين الأسيويين.
فنن العفاني