المعركة ضد المخدرات والتهريب

تنقل الأخبار هذه الأيام بشكل متواتر قصص حجز كميات من المخدرات ومواد مهربة في مناطق مختلفة من البلاد، بالإضافة إلى بعض مواجهات بين قوات الأمن أو الدرك وعصابات التهريب أو الاتجار في المخدرات، وهي حالات صارت تلفت الانتباه في نشرات الأخبار بالقنوات الوطنية في الأسابيع الأخيرة. ضمن الحالات المسجلة في الفترة الأخيرة، تحضر المنطقة الشرقية بشكل كبير في جغرافية انتشار عصابات التهريب وتجارة المخدرات، ورغم الجهد الأمني والتقني المبذول لحراسة كامل الشريط الحدودي المغربي الجزائري، فإن الشبكات الإجرامية انتقلت إلى الاعتماد على الحمير والبغال في جرائم التهريب التي تقوم بها، حتى أن عناصر القوات المسلحة الملكية أوقفت السبت الماضي في منطقة بني درار شمال وجدة بغلا يحمل مائة كيلوغرام من مخدر الشيرا على ظهره، وكان يسير لوحده في اتجاه الجزائر…
وفي السياق نفسه تكثر تجارة البنزين المهرب من الجار الشرقي للمملكة، وبالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية لذلك، فإن ساكنة أحياء مختلفة في وجدة وفي مناطق أخرى بالجهة الشرقية، صارت تخشى من اشتعال النيران في محلات تخزين هذا البنزين وسط المناطق السكنية، وقد عاش سكان حي المقسم الشعبي في وجدة الأسبوع الماضي ليلة مرعبة جراء اندلاع النيران في أحد المنازل حيث كان يتم تخزين البنزين الجزائري المهرب…
إن الأنشطة الإجرامية لعصابات المخدرات والتهريب ليست محصورة فقط في مناطق الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر، وإنما توسعت جغرافيتها مؤخرا لتصل إلى الجنوب والجنوب الشرقي للمملكة، فضلا عن أقاليم الشمال ونقاطها المتاخمة للجارة إسبانيا، أو للثغرين المحتلين سبتة ومليلية، بل إن مطاردات أمنية تتم حتى في العاصمة الرباط وجارتها سلا، كما حدث قبل أيام  قليلة في حي بطانة بسلا، علاوة بالطبع على ما تعانيه الدار البيضاء ومحيطها كذلك.
كل هذه الوقائع والتطورات تكشف أن جهدا حقيقيا وعالي المستوى تقوم به فعلا مصالح الأمن والدرك، وأيضا عناصر القوات المسلحة الملكية للتصدي للشبكات الإجرامية بمختلف جهات البلاد، وإن العتاد التقني المستعمل في الحدود مع الجزائر مثلا، وكاميرات المراقبة المثبتة هناك، كل هذا يفند ادعاءات الأجهزة الأمنية والدعائية للبلد الجار، ويعطي الدليل على أن المملكة هي الضحية لهذا الزحف التهريبي والإجرامي من الشرق…
لكن في نفس الوقت، تطرح الظاهرة تحديات أمنية وتدبيرية على السلطات العمومية المغربية، سواء لحماية الحدود والاقتصاد الوطني، أو أيضا في إطار تقوية الأمن بمختلف مدن المملكة وداخل الأحياء السكنية، وثالثا من أجل تجفيف منابع المال الحرام والحد من عمليات تبييض عائدات تجارة المخدرات التي تزحف على كثير ميادين اقتصادية واستثمارية وطنية.
[email protected]

Top