المغرب يدعو أمام مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي إلى توفير تمويل متوقع ومستدام ومرن لعمليات دعم السلم

دعا المغرب أمام مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي إلى توفير تمويل متوقع ومستدام ومرن لعمليات دعم السلم.
وأبرز السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا، محمد عروشي، خلال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن الذي انعقد يوم الجمعة المنصرم بأديس أبابا، والذي خصص لتمويل عمليات الاتحاد الإفريقي لدعم السلم، أهمية هذا الموضوع الذي يأتي قبل أيام قليلة من نشر الأمين العام للأمم المتحدة تقريره حول تمويل عمليات دعم السلم، مشددا أيضا على الأهمية البالغة التي يوليها الاتحاد الإفريقي لهذه القضية، لاسيما بالنسبة لبعثات مثل “أتميس” بالصومال، التي تتطلب تعبئة عاجلة للموارد لضمان استدامتها وأداء مهامها على النحو السليم.
وقال عروشي إن المشاركة في جهود حفظ السلم، خاصة في إفريقيا، كانت في صلب السياسة الخارجية للمغرب منذ استقلاله.
وأشار إلى أن المغرب نفذ سياسة متضامنة ونشطة لصالح السلم والاستقرار في إفريقيا، من خلال المشاركة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وكذا المساهمة البناءة في الجهود الأممية والإفريقية لتعزيز السلم من خلال الدبلوماسية الوقائية والوساطة والتسوية السلمية للنزاعات.
كما أبرز أن التزام المغرب على مستوى الأمم المتحدة يتماشى مع قناعته بأن الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن، تظل المنظمة الدولية التي تتمتع بالاختصاص الحصري والشامل في قضايا حفظ وتعزيز السلم، وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
وقال الدبلوماسي المغربي إن المملكة، وبالموازاة مع التزاماتها على مستوى الأمم المتحدة، لطالما دعمت الجهود التي يبذلها الاتحاد الإفريقي لتعزيز السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا، في إطار الهندسة الإفريقية للسلم والأمن.
وذكر في هذا السياق بالرسالة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في الاجتماع رفيع المستوى حول “العمل من أجل حفظ السلام”، المنعقد في نيويورك في 25 شتنبر 2018، والتي أكد فيها جلالته أنه “آن الأوان كي تقدم كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الدعم اللازم والمناسب للاتحاد الإفريقي وللبلدان الإفريقية، بما يمكن هذه الشراكة من الوسائل الضرورية لبلوغ المدى المطلوب وتحقيق النجاعة المرجوة. إنه استثمار من أجل المستقبل، طالما أن استقرار العالم من استقرار إفريقيا”.
وأكد عروشي أن المغرب يؤمن بضرورة تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لدعم هياكل وآليات الوقاية من النزاعات والوساطة، لا سيما من خلال عمليات دعم السلم، بالنظر إلى دورها الأساسي في احتواء النزاعات والأزمات.
وأشار في هذا الصدد إلى أن المملكة تعتبر عمليات دعم السلم إحدى الآليات الأساسية لحفظ وتعزيز السلم في إفريقيا، في إطار احترام مقتضيات ميثاق الأمم المتحدة ذات الصلة، ولا سيما المادة 24 والفصل الثامن من هذا الميثاق الأممي.
وقال إن “حفظ وتعزيز السلم يعدان اختصاصين حصريين وشامليين للأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن، لذلك نعتقد أن الأمم المتحدة لها دور أساسي في ضمان التمويل المتوقع والثابت والمستدام لعمليات دعم السلم”.
وأضاف عروشي أن المغرب يعتبر، وفقا للمبادئ التوجيهية لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن 2320 (2016) و 2378 (2017)، أن الاتحاد الإفريقي يجب أن يحظى بإمكانية الولوج الفوري إلى المساهمات الإلزامية للأمم المتحدة من أجل سد فجوة تمويل عمليات دعم السلم.
وأشار إلى أنه إلى جانب التمويل الأممي، ترحب المملكة المغربية بتفعيل صندوق السلم، الذي سيمكن من تمويل إجراءات الاتحاد الإفريقي في مجال السلم والأمن.
وقال إن المغرب، الوفي بالتزامه بالتمويل المستدام لاتحادنا، والذي يعد من المساهمين من المستوى الأول في ميزانية الاتحاد الإفريقي، واصل مساهمته بانتظام وثبات في تمويل صندوق السلم، وذلك على الرغم من غياب أي توافق حول طرق تمويل هذه الآلية والظرفية الصعبة الناجمة عن الأزمات العالمية المتلاحقة.
وأبرز الدبلوماسي المغربي أنه في انتظار الانتهاء من المناقشات بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، على أساس وثيقة التوافق التي اعتمدتها الدورة العادية السادسة والثلاثون لمؤتمر رؤساء دول الاتحاد الإفريقي في فبراير 2023، قدم المغرب توصيات لضمان تمويل متوقع بشكل أكبر و مستدام ومرن لعمليات دعم السلم.

كما أكد عروشي أن التعاون العسكري بين المغرب والدول الإفريقية يندرج في إطار الرؤية التضامنية والتقليدية للمغرب تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس، بهدف الوقاية من النزاعات والحفاظ على السلم والاستقرار في القارة الإفريقية، مضيفا أن هذا التعاون يمثل أداة فعالة لتنفيذ خارطة الطريق الإفريقية الهادفة إلى إسكات البنادق من خلال تعزيز قدرات الجيوش الإفريقية وتحسين قابليتها للتشغيل البيني.
وأبرز أن هذا التعاون يغطي عدة مجالات، بما في ذلك التكوين والتدريب والدعم التقني واللوجستي، وتبادل الخبرات والمساعدة الإنسانية والمشاركة في عمليات حفظ السلام، موضحا أن المملكة تبذل جهودا كبيرة في مجال حفظ السلام من خلال مشاركتها في ست بعثات للأمم المتحدة بإفريقيا وفي القاعدة اللوجستية للاتحاد الإفريقي بالكاميرون.
كما أشار الدبلوماسي المغربي إلى أن إحداث مركز للتميز لعمليات حفظ السلام مؤخرا بالمغرب سيساهم في توفير التكوين لفائدة الخبراء العسكريين والمدنيين وقوات الشرطة وكذا لفائدة المنظمات الإقليمية والقارية والدولية، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.
وعلى الصعيد الإنساني، أبرز السيد عروشي أن مساهمة القوات المسلحة الملكية حاسمة في هذا الباب، حيث تمت إقامة عشرات المستشفيات الطبية والجراحية الميدانية في إفريقيا، والتي مكنت من تقديم أكثر من 600 ألف خدمة طبية.
وأكد الدبلوماسي المغربي أن العمل الإنساني للمملكة تجاه القارة الإفريقية قد تجسد بشكل واقعي من خلال دعمها التقني واللوجستي لصالح البلدان الإفريقية الصديقة المتضررة من الأزمات أو الكوارث، لا سيما خلال تفشي جائحة كوفيد -19.
وأضاف في ما يتعلق بمجال التدريب أن القوات المسلحة الملكية تشارك بشكل نشط، إلى جانب نظرائها الأفارقة، في التدريبات والمناورات المشتركة. وقال إن متعاونين عسكريين مغاربة قد تم إلحاقهم بعدد من البلدان لمواكبة إحداث مدارسهم التدريبية الخاصة.

Related posts

Top