على بعد أقل من أسبوعين عن انطلاق أشغال مؤتمر القمة 22 للدول الأطراف في الاتفاقية الإطار بشأن التغيرات المناخية التي ستحتضنها مدينة مراكش، بدأت الخطوات العملية لإبراز أن هذه القمة هي “مؤتمر العمل والالتزام”، حيث دعا عبد العظيم الحافي المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، إلى ضرورة وضع إطار للتعاون والشراكة الجهوية بمنطقتي البحر المتوسط والساحل لتيسير تفعيل التدابير المتعلقة بالتأقلم مع التغيرات المناخية، بالشكل الذي يجعله إطارا مندمجا في التدبير المستدام لكل أنواع الغابات.
جاءت دعوة المندوب السامي للمياه والغابات، والذي يتولى في ذات الوقت مهمة مندوب مؤتمر القمة 22 للتغيرات المناخية بمراكش، خلال كلمة ألقاها في افتتاح لقاء صباح أمس الخميس بالرباط، خصص لإطلاق مبادرة بتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” والاتحاد الأوروبي، تحمل شعار “العمل من أجل الغابات بمنطقتي البحر الأبيض المتوسط والساحل في ظل التغيرات المناخية”، وهو اللقاء الذي شهد حضور كل من سفير الاتحاد الاوروبي بالمغرب، روبرت جوي، وممثل صندوق الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بالمغرب، مايكل حاج، وعدد من الخبراء الأجانب والمغاربة في المجال الغابوي.
وقال الحافي “إن هذه المبادرة تروم توحيد الجهود بوضع خارطة طريق من أجل العمل لفائدة النظم الغابوية في المنطقة بإبراز أهمية الغابات وتأقلمها مع المتغيرات المناخية والتخفيف من حدتها، مبرزا أن وضع إطار للتعاون والشراكة بين دول المنطقة من شأنه أن يمكن من معرفة أفضل بكيفية اشتغال النظم الإيكولوجية الغابوية في ظل التغيرات المناخية، والنهوض بالممارسات الجيدة في مجال التدبير المستدام للمجالات الغابوية في ارتباط بالتأقلم والتخفيف من حدة التغيرات المناخية”.
كما أن إطار التعاون والشراكة الجديد سيساهم، يقول الحافي، في تقوية القدرات وتطوير التنسيق بين مختلف القطاعات المعنية بتدبير المجال الغابوي، فضلا عن تعبئة الموارد المالية من مختلف المصادر نحو مشاريع تنسجم مع ما تطرحه التغيرات المناخية، بحيث يتم الحرص أن تكون مشاريع مندمجة في التدبير المستدام لكل أنواع الغابات بشكل يسعى إلى الحفاظ عيلها وتأهيلها وكذا تثمينها لفائدة الساكنة المحلية.
وكشف المندوب السامي، خلال هذا اللقاء، عن ملامح خارطة الطريق التي ستنفذ عبر إطار التعاون والشراكة السالف ذكره، بحيث سيتم دعم البلدان من أجل بلورة استراتيجيات وطنية لتعبئة الموارد من أجل الغابات وكيفية تعبئة غلاف مالي لتمويل المشاريع الغابوية عبر الأبناك، فضلا عن تأسيس تحالف يتألف من ممثلين عن الحكومات والمنظمات الدولية المعنية ومؤسسات البحث والتنمية وشركاء غير حكوميين لدعم المبادرة. هذا، على أن تشمل خارطة الطريق وضع آلية يتم عبرها تقاسم الممارسات الفضلى للتدبير المستدام للغابات، وتقوية شبكات البحث التي تتيح تحسين المعارف حول كيفية اشتغال النظم الإيكولوجية الغابوية، ورصد جوانب هشاشتها في مواجهة التغيرات المناخية.
وبالنسبة لاختيار كل من منطقتي البحر الأبيض المتوسط والساحل لتكون مجالا لإطلاق هذه المبادرة، أكد المندوب السامي للمياه والغابات أن الأمر يأتي من جهة لكون الأنظمة الغابوية المتواجدة في المنطقتين تتميز بالتنوع من حيث الأصناف والمناطق الحيوية المناخية، والتي تعكس في الواقع تأثير تغير المناخ على البيئة الطبيعية”. واستدل على أهمية هذا الجانب من خلال تعداد مجموعة من المعطيات والتي مفادها “أن مساحة الغابات بمنطقتي حوض البحر الأبيض المتوسط والساحل تناهز 73.3 مليون هكتار من الغابات، وأنه أنه نظرا لحدة التغيرات المناخية، من المتوقع زيادة في درجة الحرارة تتراوح ما بين 2 و 6,5 درجة مئوية في نهاية هذا القرن، مما قد ينجم عنه انخفاض في معدل هطول الأمطار تقدر ما بين 4 و 30 بالمائة في المنطقة المتوسطية”.
وأضاف الحافي، في ذات الموضوع، أن بلدان الساحل ستتضرر بدورها من ارتفاع درجات الحرارة ستصل إلى 3 و5 درجات مئوية مع حلول سنة 2050، وكذا من انخفاض في إنتاج محاصيل الذرة “40٪” والمحاصيل النباتية ” 15 إلى 25 بالمائة” التي تعتبر المصدر الغذائي الرئيسي لهذه المنطقة.
كما أبرز أن اختيار المنطقة يأتي من جهة أخرى، في إطار التفاعل مع ما تضمنه اتفاق باريس في الدورة 21 لمؤتمر الأطراف للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، حيث أكد على الدور المهم الذي تلعبه الغابات، حاثا جميع الأطراف على تفعيل التدابير الضرورية من أجل تعزيز دورها وتدبيرها المستدام والتكيف والتخفيف من تغير المناخ وفق مضمون المادة الخامسة من التوصية المصادق عليها رقم 55 من اتفاقية الأطراف للدورة 21 حول التغيرات المناخية.
فنن العفاني