المغرب ينقذ الفيفا…

يوما واحدا قبل موعد إجراء مقابلة الترتيب بين الفريق الوطني المغربي لكرة القدم، ومنتخب كرواتيا، أعلن بالدوحة عن احتضان المغرب لكأس العالم للأندية مطلع سنة 2023.

حدث يعزز بالفعل المكانة التي أصبح يحتلها المغرب، بخريطة كرة القدم العالمية، وبالتالي؛ فإنه اختيار فرضته مجموعة من المعطيات الأساسية والأسبقيات الدالة، داخل فضاءات الملاعب وخارجها، وليس هدية أو مجاملة من أي جهة كانت، وفي مقدمتها إمبراطورية الفيفا.

خلال المؤتمر الإعلامي المنعقد صباح الجمعة، صرح رئيس الاتحاد الدولي للعبة السويسري جياني إنفانتينو، أن اختيار المغرب، جاء كاستحقاق بعد تألق منتخبه بالمونديال الحالي، إلا أن هذا مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، ولا يمت للحقيقة بصلة.

فمونديال الأندية كتظاهرة تابعة للفيفا، لم تعد مغرية للدول، ولا تتسابق لاحتضانها، والدليل على ذلك عدم تقديم ترشيحات بشأنها، ولا إعداد ملفات خاصة، كما أن تأخر تاريخها، قلل من أهميتها بنسبة كبيرة.

وجاءت الاتصالات الأخيرة على أعلى مستوى، والأجواء الرائعة التي خلقها المسار الموفق لأسود الأطلس، زد على ذلك الاهتمام الشعبي المنقطع النظير، ليمنح الضوء الأخضر لتنظيمها على أرض المغرب، بموافقة سامية لأعلى سلطة في البلاد، رأت في “الموندياليتو”، مناسبة لاستمرار إشعاع المملكة على الصعيد الدولي، بكثير من السمو والإبهار، وتقديم يد ممدودة اتجاه هذا الجهاز المسيطر على شؤون كرة القدم العالمية.

فالمنتخب المغربي قدم ملحمة غير مسبوقة في تاريخ اللعبة، نال شهادة استحقاق من مختلف شعوب العالم، والعديد من قادة الدول، كما غير الكثير من الثوابت التي أحكمت سيطرتها على المنظومة الكروية عبر العالم.

واعترفا بهذه القيمة، وإنصافا لمجهود استثنائي بذل على أكثر من مستوى،  كان على جهاز الفيفا حماية للمنتخب المغربي؛ وعدم تركه عرضة لظلم تحكيم جائر، ارتكب في حقه أخطاء لا تبدو عادية، ولا عفوية في مجملها، وأكبر دليل، ما جاء على لسان الحكم المكسيكي سيزار أرتورو راموس، عندما أقر بوجود أخطاء حرمت أصدقاء العميد غانم سايس، من ضربتي جزاء واضحتين، محملا المسؤولية كاملة لغرفة “الفار”.

اعتراف صريح يدين بالدرجة الأولى، جهاز الفيفا وغرفها المظلمة، غرف اعتقدنا خاطئين، أن الإشعاع الذي خلقه تألق الأسود، والاهتمام المتزايد بهذا الحدث العالمي، وما حققه المغرب من نتائج، سلط الأضواء على هذه الغرف المظلمة، ولم يعد بالتالي مقبولا -مستقبلا- التضحية بمصالح منتخبات تصنف بالصغرى، لصالح مراكز القرار المتمركزة أساسا بالقارة الأوروبية.

ساد الاعتقاد أن الفيفا قطعت نهائيا، مع أسلوب الميز الممارس لصالح جهات معينة، ولم تعد تحرص على تواجد منتخب ينتمي للقارة العجوز بالمباراة النهائية، إلا أن هذا الاعتقاد، خاطئ، وينطلق من حسن النية، إلى حدود السذاجة…

هكذا تنظر العديد من الأوساط الرياضية عبر العالم، لما يحدث داخل الفيفا، أوساط لا ترى بعين الرضا لكل ما يأتي من جهاز، اعتقدنا أن رياح التغيير عصفت أخيرا ببؤر  الفساد داخله، وساهمت في إلغاء لعبة دسائس، عشعشت طويلا بدواليبها؛ تحت قيادة الداهية جوزيف بلاتر، ومن كان يدور بلفكه.

والمغرب لا يطمح أبدا إلى منحه هدية من أية جهة كانت، ولا مجاملة من أي كان، بل يطمح فقط إلى الإنصاف، والحرص على ضمان العدالة الكروية.

أما احتضان مونديال الأندية، فهو هدية من المغرب اتجاه الفيفا، كجهاز استفاد من مكانة المغرب إفريقيا، ومنحها نوعا من المصداقية، فوق عشب الملاعب القطرية…

محمد الروحلي

Related posts

Top