قال العربي عماد، رئيس المركز المغربي للتربية المدنية، إن مشروع المواطنة البيئية، الذي أطلقه المركز منذ عدة سنوات، يضع نصب عينيه الشباب من خلال تشجيع هذه الفئة على الانخراط الإيجابي في سلوكات وبرامج تساهم في الحد من التغيرات المناخية.
وقال عماد، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة قرب احتضان مراكش لمؤتمر (كوب 22)، إن هذا المشروع البيداغوجي، الذي بلوره المركز واشتغل عليه لعدة سنوات من خلال مجموعة من الأنشطة والبرامج، يروم في جانب منه، الارتقاء بوعي الشباب بأهمية سلامة البيئة من أخطار التقلبات المناخية.
وتابع عماد، الذي يشتغل أيضا كمنسق للشبكة الدولية للبحث في التربية على المواطنة، أن الأمر يتعلق بإجراء بيداغوجي غايته مساعدة الشباب على تعلم كيفية المشاركة في تدبير الشأن المحلي والعام داخل المجتمع، وذلك عبر تمكين هذه الفئة من تحليل السياسات العامة المختلفة وتطويرها، وخاصة منها ما يتعلق بمواجهة التقلبات المناخية.
ومن غايات هذا المشروع، الذي استفاد منه مجموعة كبيرة من الشباب على مراحل خاصة في الوسط التعليمي، يضيف عماد، تعليم التلاميذ والطلبة كيفية تطوير سياسة عامة في شكل اقتراحات لحل أي مشكلة من المشاكل المتعلقة بالمناخ، وكيفية تشكيل قوة لرصد عملية صنع السياسة العامة في المجال البيئي.
وأكد، في هذا السياق، على أهمية تطوير المهارات الفكرية والتشاركية للشباب التي تعزز عملية التحقيق القائمة على الحجج المنطقية، والتفكير النقدي، والتواصل الفعال، واختيار البدائل المعقلنة.
وبخصوص تفعيل مشروع المواطنة البيئية، قال عماد إن المركز المغربي للتربية المدنية سعى، من خلال مختلف برامجه، إلى عقلنة تقييم السياسة المناخية، علاوة على تمكين الشباب من امتلاك معرفة مجالية، ومهارات إيكولوجية، ومواقف واتجاهات ترقى بالوعي المستند إلى القيم الإيجابية لدى المواطن.
وتابع أن هذا المسعى تطلب التدرب على مجموعة من الآليات، منها العمل في إطار مجموعات تربوية، واعتماد أساليب الدراسة الميدانية، وبيداغوجيا حل المشاكل، إضافة إلى التجريب العلمي القائم على الملاحظة، واعتماد الأشكال والرسوم البيانية السكانية وعلاقتها باستغلال موارد البيئية الطبيعية، وكذا التشجيع على التشجير وإقامة المحميات الطبيعية.
وفي سياق متصل، اعتبر عماد أن التربية على المواطنة البيئية تقتضي بالأساس تمكين الناشئة من فهم ما تتميز به البيئة من طبيعة معقدة نتيجة التفاعل بين جوانبها البيولوجية والفيزيائية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وهذا الفهم، يضيف عماد، يساعد على حسن استخدام موارد الطبيعة، ويزيد من القدرة على التدبر والحيطة لتلبية الاحتياجات، بشكل يساهم بفعالية في الحماية من التقلبات المناخية، كما يساعد هذا الفهم على الارتقاء بالوعي بأهمية سلامة البيئة من أخطار التقلبات المناخية.
وشدد على أن الإنسان والبيئة هما طرفان أساسيان في عملية التربية البيئية، مشيرا إلى أن الوعي البيئي، وخاصة ما يتعلق بالتقلبات المناخية، مسألة وجدانية، ترتبط ارتباطا وثيقا بالقيم التي تعد من أهم العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى النجاح في عملية التربية البيئية.
واعتبر، في هذا السياق، أن اكتساب مهارات التعامل مع البيئة يعد عنصرا حاسما في مواجهة مختلف المشاكل البيئية، وفي العمل على حلها، وتلك المهمة الجوهرية لمشروع المواطنة البيئية.
وبشأن أجرأة مشروع المواطنة البيئية، أوضح أن المركز اعتمد على مقاربة قوامها الاشتغال في شكل مجموعات، مع التركيز على مناقشة مشكلة من مشاكل التغير المناخي، وتحليل السياسات الحالية والبديلة المتعلقة بالتقلبات المناخية، واقتراح سياسات بيئية بديلة مقنعة، وإعداد خطة عمل حسب ما تم اكتسابه، لمواجهة مشكلة التغير المناخي.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع المواطنة البيئية، الذي أطلقه المركز سنة 2005، جرى اختياره من بين أحسن المشاريع في العالم من قبل مجلس أوروبا سنة 2014.
وبالنظر لمواصلة المركز الاشتغال على هذا المشروع خاصة، ومشروع المواطنة والتربية المدنية عامة، فقد حاز رئيس المركز العربي عماد سنة 2011، إلى جانب 12 شخصية من العالم، السعفة الذهبية، التي تنظم في إطار برنامج الزائر الدولي بالولايات المتحدة الأمريكية، الذي أطلقه المجلس الوطني للزوار الدوليين.
وتجدر الإشارة إلى أن المركز المغربي للتربية المدنية هو جمعية مدنية تأسست في شتنبر 2004، وتهتم بنشر وترسيخ مبادئ وقيم التربية على المواطنة و السلوك المدني تصورا وممارسة.
عبد اللطيف الجعفري (و.م.ع.)