الموسيقى بين الفلسفة والعلم: مقاربات متعددة

تقرير عن أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه للباحث مصطفى عبدون

ناقش الباحث المصطفى عبدون يوم السبت 13 ماي 2023 على الساعة العاشرة صباحا، رسالة الدكتوراه في رحاب كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالقنيطرة وحصوله على فخر هذه الشهادة بميزة مشرف جدا مع تنويه لجنة المناقشة حول موضوع “الموسيقى بين الفلسفة والعلم: مقاربات متعددة”، تحت إشراف الأستاذين أحمد مصلح والسيد فؤاد مخوخ. ضمت أعضاء لجنة المناقشة الأساتذة: محمد أبلاغ رئيسا، سعيد المغربي مقررا، أحمد فرحان مقررا، وعمر البوكيلي مقررا.

والباحث المصطفى عبدون هو مهندس إحصائي، خريج المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، حاصل على دبلوم دراسات عليا في التهيئة والتعمير من المعهد الوطني للتهيئة والتعمير، الإجازة وماستر في الفلسفة، الإجازة وماستر في اللغة والأدب، الإجازة في الأدب الفرنسي والإجازة في القانون العام باللغة الفرنسية، جامعة محمد الخامس. بالإضافة إلى ذلك فهو خريج المعهد الوطني للموسيقى بالرباط، حاصل على دبلوم الجائزة الشرفية في العزف على آلة العود والجائزة الأولى في علم التوافقات الموسيقية أو الهارموني. وفيما يلي تقرير عن أطروحته الجامعية التي دافع عنها أمام لجنة المناقشة لنيل شهادة الدكتوراه.

                                                                                                                                                                                                         ****************************

… في البداية يسرني أن أتقدم بخالص الشكر إلى السادة الأساتذة الأفاضل أعضاء اللجة الموقرة على قَبولهم المشاركة في افتحاص هذه الأطروحة. والشكر موصول كذلك للأساتذة الأفاضل: السيد فؤاد مخوخ والسيد أحمد مصلح على إشرافهم على هذه الأطروحة، أشكرهم على سديد نصائحهم وتوجيهاتهم ليخرج هذا العمل في صيغته الحالية.

أما بالنسبة للبحث الذي أعددته ووضعته بين أيديكم للتقويم، فقد اخترت له عنوانا هو “الموسيقى بين الفلسفة والعلم: مقاربات متعددة”. يتناول موضوعا ذا أهمية بالغة، ويتعلق الأمر هنا بالمكانة التي أصبحت تحظى بها الموسيقى كموضوع من مواضيع الفلسفة والعلم وعلاقة هذا العلم بالميادين والمجالات الأخرى والظهور الفعلي للموسيقولوجيا والتي أصبحت هي بدورها موضوعا للإبستمولوجيا وما قد تفتحه من أبعاد بحثية كثيرة ذات علاقة بهذا العلم الناشئ. 

إن المتتبع للتطور الهائل والحاصل في البحث الموسيقي، ليلاحظ أن الاهتمام بمجال الموسيقى، أصبح في تزايد مستمر وأنه كفيل بالدراسة والتمحيص، وأن الأمر أصبح يتطلب طرح العديد من الأسئلة المتداخلة والمتنوعة، يقتضي التطرق لقضاياها، الانطلاق من مقاربات ووجهات نظر مختلفة.

طرحت الموسيقى على الفكر الفلسفي جملة من الأسئلة الجوهرية، اتخذت طابعا إشكاليا تفرعت عنها عدة أسئلة أخرى بالغة الأهمية، كانت الأجوبة عنها متعددة وأحيانا متباينة، كان أهمها: ما الموسيقى؟ ما طبيعتها؟ ما العمل الموسيقي؟ ما نوعه؟ كيف التعرف عليه؟ ما الذي يساهم في تحديد نمط وجوده وهويته؟ هل هو حقيقة أم تجريد، كائن زمني أم أبدي؟ وهل يجب بالضرورة أن يكون مسموعا أم غير مسموع؟ هل يمكن اعتبار الموسيقى لغة مستقلة ومكتفية بذاتها؟ هل تعبر عن أشياء مرئية أو مشاهد عاطفية؟ ما علاقتها بالفكر والعقل؟ هل الموسيقى مُتعة عقلية يُمكن تذوقها ذهنياً؟ ما علاقتها بالحياة الباطنية للإنسان؟ وكيف تُؤثِّر على مشاعر وأحاسيس الإنسان وخياله وتصوّراته الذهنية؟ بل هل الموسيقى والأحاسيس كلمتان مترادفتان؟ من أين تبدأ وأين تنتهي؟ وما موقعها من بين الفنون والمعارف الأخرى؟ وبعبارة أخرى كيف تناول الفكر الفلسفي موضوع الموسيقى، وعلى مر المراحل التاريخية، منذ العهد اليوناني إلى الزمن المعاصر؟

لقد انطلقنا في هذا البحث من سؤال إشكالي مفاده: هل ثمة مقاربات تناولت موضوع الموسيقى وقضاياها المتعددة من منطلقات مختلفة، ليقودنا هذا السؤال الجوهري إلى عدة أسئلة فرعية. فقد نشأ علم الموسيقى أو الموسيقولوجيا، إلا أنه حين يتشكل علم جديد وتتفرع ميادينه، يتأسس بالمقابل فرع إبستمولوجي جديد خاص يهتم بهذا العلم، ويتعلق الأمر هنا بإبستمولوجيا الموسيقولوجيا التي أصبحت تطرح على هذا العلم عدة أسئلة جوهرية ومُلِحَّة منها: كيف تَأَسَّسَ علم الموسيقى في بدايته؟ ما هو علم الموسيقى أو الموسيقولوجيا؟ هل يمكن اعتبار الموسيقولوجيا علما؟ ما هي صعوبات تحديد الموسيقولوجيا كتخصص قائم بذاته؟ من أين أتى التحفظ بالضبط من اللاحقة “لوجيا”؟ إذا كانت تشير إلى ارتباطها باللوغوس والوعي أي إلى فكرة العلم ذاته، هل “لوجيا” مناسبة لموضوع مثل الموسيقى المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتجربة الإنسانية؟

تعددت مواضيع ومضامين ومناهج هذا العلم وكذلك إشكاليّاته واصطلاحاته، فما هي التخصصات التي تفرعت عنه؟ هل يمكن إقامة علاقة تماثل بين الموسيقى واللغة الإنسانية والحديث عن الكليات الموسيقية؟ وهل من آفاق لموسيقولوجيا شاملة؟ إذا اعتبرنا الموسيقولوجيا علمًا، ما علاقتها بالعلوم الأخرى المجاورة؟ ما دورها وما وظيفتها وما طبيعة أسئلتها؟ في ظل التحولات التي يعرفها المجال الموسيقي وتطور العلوم بصفة عامة وظهور الموسيقولوجيا الجديدة، ما هو المسار الممكن للموسيقولوجيا؟ وما هو الدور الذي يجب أن تضطلع به الإبستمولوجيا؟

تناولت هذه الأطروحة مقاربات متعددة لبعض القضايا الموسيقية والتي عرفت جدلا واسعا داخل أوساط الباحثين والدارسين المعاصرين، همت على الخصوص موضوع التعبير عن العواطف ومسألة الإدراك والفهم والتأويل وسؤال المعنى من خلال سيرورات الإبداع الموسيقي من التأليف إلى التلقي.

فمن أهم القضايا التي تم تناولها، موضوع التعبيرعن العواطف، على اعتبار أن الموسيقى تُعتبر بمثابة صوت باطني للمشاعر الإنسانية. هنا طُرح السؤال، كيف تناولت مختلف المقاربات النظرية العمل الموسيقي في علاقته بالتعبير عن العواطف؟ كنقطة بداية، تم التطرق لهذا المحور بتحليل نقدي لمختلف الأطروحات المتنافسة، ويتعلق الأمر هنا بالتصور السلبي الذي ينفي عن العمل الموسيقي التعبير عن العواطف بالاستحالة الواقعية، أو المنطقية أو المعيارية. ثم بعد ذلك، تم التركيز على فحص مقارن للنظريات الإيجابية، أي التصور النفسي المدافع عن فكرة العلاقة المباشرة للعمل الموسيقي مع عواطف الملحن أو المستمع، والتصور غير النفسي الذي بنى تصوره للعمل الموسيقي على أنه شكل من أشكال الترميز أو كأَمْثَلَةٌ استعارية Exemplification métaphorique والتي تتميز بدورها عن كل من الوصف والتمثيل.

من بين أهم القضايا الموسيقية الأخرى، والتي استأثرت باهتمام كبير من الباحثين والدارسين بشكل عام، تُطرح مسألة تحديد طبيعة المعرفة الضرورية للإدراك والفهم الموسيقي. هذا يضعنا أمام عدة تساؤلات مختلفة. ما الذي نُدركه عندما نستمع إلى عمل موسيقي؟ هل يجب أن نلتقط الأحداث الموسيقية فقط في تعاقبها أم يجب أن نهتم بالأشكال الموسيقية والبنيات الموسيقية؟ هل الإدراك الموسيقي هو إدراك عاد أم معرفة إدراكية؟ مِمَّ يتكون الفهم الموسيقي؟ ما موقع تجربة المستمع الذاتية في فهم قطعة موسيقية؟ ما الفرق بين سماع عمل موسيقي بدون معرفة موسيقية مسبقة وسماعه بمعرفة؟ هل يمكن الحديث عن درجات للفهم الموسيقي؟ هل التحليل النقدي للمتخصصين في عالم الموسيقى، هو الذي يمكن اعتباره فقط بمثابة الفهم الحقيقي للعمل الموسيقي؟

لا يمكن فهم محتوى عمل موسيقي في العمل نفسه، بل يتم تأويله من قبل المتلقي لتصبح له خصائص معينة، على اعتبار أن الأعمال الموسيقية لا تتغير، فما الذي يتغير بمرور الزمن؟ لا تظهر خصائص جديدة للعمل الموسيقي، وإنما تتغير المقاربات الإبستمولوجية المتعددة للوصول للمعنى، حيث يتم اكتشاف خصائص معينة كانت غير معروفة أو لم يتم تحديدها، أو لم يتم بعد إنشاؤها.

أصبح التأويل الموسيقي موضوع جدل واسع بين الدارسين المعاصرين، فهو يُعتبر كذلك طريقة مناسبة لفهم ومعرفة عمل موسيقي محدد، هدفه الرئيسي هو تسليط الضوء على هوية العمل الموسيقي ومعناه، فقد طرح أسئلة أخرى جوهرية ظلت متكررة تستحق اهتمامًا خاصًا: هل العمل الموسيقي قابل للتأويل؟ إذا كان الأمر كذلك، فما المقصود بالتأويل الموسيقي؟ هل التأويل يُعد كافيًا للفهم وممَّ يتكون؟ هل يوجد تأويل واحد صحيح للعمل الموسيقي، أو على العكس من ذلك، يمكن أن تكون عدة تأويلات صحيحة؟ وما هو التأويل الصحيح؟ وماهي معاييره كاقتراح تأويلي؟ إذا لم يكن كذلك، هل العمل الموسيقي فضاء محدود ضمن العملية التأويلية؟ هل يجب مراعاة مقاصد المؤلف وسياق إنتاج العمل الموسيقي لتأويله؟

بعد مناقشة مسألة الفهم والتأويل، طُرح سؤال آخر تفرعت عنه أسئلة أخرى، طُرح هذا السؤال كذلك وبحدة على مختلف الأشكال الفنية بحيث لا يمكن الإجابة عنه مباشرة، ويتعلق الأمر هنا بسؤال المعنى. يبدو هذا السؤال أكثر تعقيدًا نظرا للاختلافات الدقيقة واللانهائية حوله. إن الموسيقى بطبيعتها تعتبر أكثر الفنون استقلالا، فهي ليست فنا تصويريا أو تشكيليا لموضوعات يمكن الإشارة إليها، ولا فنا يستمد عناصره من العالم الخارجي مباشرة. هل الموسيقى مجرد تشكيل صوتي في سياق زماني أم أنها أيضا تعبيرٌ عن معنى؟ وإذا كانت كذلك، فما هو المعنى الذي تعبر عنه؟ هل هو مجرد معنى موسيقي، أو أنه يشير إلى عناصر لا موسيقية أو فوق موسيقية، تقع خارج التشكيل الموسيقي؟

السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: كيف نكتب عن التجربة الموسيقية؟ كيف نكتب عن فن دون الانخراط في أي مبدأ محدد؟ وفوق كل شيء، كيف نستحضر بوضوح قدر الإمكان التأثير الذي يمكن أن تحدثه الموسيقى فعليا علينا وعلى الفلسفة؟ تمحورت هذه الأطروحة حول المحاولات التي خُصصت لتعريف وتوصيف المقصود بالموسيقى، فهي تهدف إلى فهم القضايا الفلسفية الموسيقية بتشعبات مجالاتها باستثمار الإرث الفلسفي وتناول بعض القضايا الإبستمولوجية للموسيقولوجيا كعلم ناشئ، كما تهدف إلى طرح قضايا أخرى ترتبط بالإدراك والفهم والتأويل وسؤال المعنى.

 إلا أنه كانت هناك صعوبات واجهت إنجاز هذا العمل، نذكر منها ندرة المراجع والمصادر المتعلقة بفلسفة الموسيقى والموسيقولوجيا باللغة العربية، بالإضافة إلى سوء الترجمة إلى اللغة العربية في بعض المراجع، الأمر الذي دفعني إلى حصر بحثي بشكل مكثف، وفي كثير من الأحيان، ضمن المصادر والمراجع والمقالات الأجنبية. إن معالجة موضوع هذه الرسالة يستدعي الانفتاح على أكثر من مجال معرفي وذلك لأن الإحاطة به وتناوله يقتضيان الانطلاق من مقاربات وتصورات نظرية مختلفة ومتعددة، تتداخل فيها عدة ميادين مجاورة.

غير أنَّ تكويني الجامعي المتنوع نسبيا، كان مساعدا لحد ما على مواجهة هذه الصعوبات والعراقيل، على اعتبار أنني حاصل على الإجازة وماستر في الفلسفة والإجازة وماستر في اللغة والأدب والإجازة في الأدب الفرنسي وخريج المعهد الوطني للموسيقى بالرباط، حاصل على دبلوم الجائزة الشرفية في العزف على آلة العود والجائزة الأولى في علم التوافقات الموسيقية أو الهارموني بالإضافة إلى تكويني كمهندس.

في ضوء ما تقدم، فقد تمت معالجة مختلف التساؤلات مجتمعة ًمن خلال قسمين لكل منهما أربعة فصول ومباحث ومدخل وخاتمة. يعرض الفصل الأول من القسم الأول لمحةً عن أهم آراء الفلاسفة الذين تطرقوا لطبيعة الموسيقى. أما الفصول الأخرى من القسم الأول، فقد اضطلع كل فصل منها بمعالجة جانب من الإشكالية المركزية المرتبطة بالموسيقولوجيا باعتبارها علما ناشئا تنوعت ميادينه ومجالاته. في الفصل الثاني، تم التركيز على الأعمال التأسيسية لعلم الموسيقى، وتمحورالفصل الثالث حول علاقة التماثل بين اللغة والموسيقى والكليات الموسيقية والموسيقولوجيا الشاملة. أما في الفصل الرابع، فقد تم التركيز على الموسيقولوجيا والإبستمولوجيا مُبرزين فيه التحديات والصعوبات التي تواجه تحديد الموسيقولوجيا باعتبارها علما.

أما القسم الثاني، فقد تناول الفصل الأول منه مختلف الأطروحات النظرية التي اهتمت بموضوع التعبير عن العواطف، وخصص الفصل الثاني من هذا القسم لمسألة الفهم الموسيقي، والفصل الثالث لسيرورات الإبداع الموسيقي مع التركيز على مستويات التحليل السيميولوجي، أما الفصل الرابع فقد خُصص لمبادئ التأويل الموسيقي وحدوده بين الأحادية والتعددية والتركيز على سؤال المعنى من منظور جانكيلفيتش.

وفي الختام، ومع ذلك، لا زالت تُطرح الأسئلة التالية وبحدة: إذا لم تكن الموسيقولوجيا تخصصًا ولا علمًا، فهل لازالت لها شرعية؟ نعم، إذا كانت قادرة على تجاوز حالتها المأزقية عند التقاء الذاتية والموضوعية، الفردي والجماعي، العقلانية واللاعقلانية، الوضعانية والحدس. لذلك يمكن للموسيقولوجيا أن تساهم في معرفة الإنسان، ليس لأنها تسعى إلى فهمه بمناهج علمية مفترضة، ولكن لأن مواقفها ونهجها متأصلان في التجربة الإنسانية، تحمل بداخلها، وبلا هوادة، الصدع الذي يكشف عن الإنسان المُمزق بين اللوغوس والصعب المنال ضمن أصداء الفن.

ما هي الخطوات القادمة الخاصة بالموسيقولوجيا الجديدة؟ غالبا ما تكون التنبؤات حول هذا الموضوع محفوفة بالمخاطر. ولكن ستكون هناك دائما بعض الأعمال الموسيقية الأساسية والمهمة التي يجب القيام بها، منها اكتشاف المصادر الجديدة وتأويلها، والبحوث الجديدة حول أنماط الأداء، واستغلال المعطيات والبيانات الجديدة حول العلاقة بين الموسيقى والمجتمع. ليس اكتشاف وثائق وحقائق جديدة هو الذي مازال يشغل بال علماء الموسيقى، ولكن بالأساس الرغبة في إلقاء نظرة جديدة على الحقائق القديمة من أجل بناء صورة جديدة للماضي.

نظرا لحقيقة أن التسجيلات الصوتية كانت موجودة منذ مائة عام فقط، فهناك هشاشة استثنائية تهم صميم الموسيقولوجيا: الوثائق المكتوبة صامتة، ولا يتردد صداها مرة أخرى إلا من خلال أدائها من جديد. ما نسمعه كموسيقى من الماضي بهذا المعنى هو انعكاس لما نفهمه عنها اليوم. خارج هذا الفهم، لا توجد موسيقى من الماضي. ولكن سيكون هناك دائما، وبالتوازي مع العمل الموسيقولوجي في عمقه، استكشاف كيف ستتطور الهوامش؟

إن استغلال قرن من السجلات والأرشيفات التسجيلية الديسكوغرافية، يُعَدُّ كأحد المجالات الجديدة لتطوير الموسيقولوجيا. لدينا الأرشيفات الصوتية المليئة بالوثائق ذات الأهمية القصوى والتي توجد على الهامش أكثر منها في صلب الموسيقولوجيا. إن إعادتها إلى محور الموسيقولوجيا سيجعل فناني الأداء يعودون إلينا، جنبا إلى جنب مع الملحنين. نحن بحاجة إلى تطوير الموسيقولوجيا من خلال الصوت بدلاً من النص واستغلال كذلك ثورة الوسائط المتعددة مع صورها وروابطها وأصواتها المُتَضَمِّنَةِ في النص والتوفيق بين توسيع المشروع المعاصر وممارسة التحليل النصي المتعمق.

وستكون الصعوبة الكبرى هي إقامة روابط حقيقية مع مجالات أخرى، فهي ليست مجرد تجاور بين دراسة موسيقية بحتة ومقترحات من مجالات تخصصية أخرى. يجب أن تكون هذه هي المرحلة الأخيرة من العمل ضمن شبكة، والتي من شأنها، بعد الانفتاح وخلق فرص التعلم المتعددة التي تعززها التخصصات المختلفة، أن تسمح للباحث بالوصول إلى العابر للتخصصات la transdisciplinarité، أي في الوقت الذي يتم فيه فهم جديد وتغذيه مناهج جديدة، سيسمح للباحث بتجديد مقاربات تخصصه.

وفي ختام هذا العرض، أجدد شكري للسادة الأساتذة الأفاضل أعضاء لجنة المناقشة، والحضور الكريم، وأرجو أن أكون عند حسن ظن الجميع .ولا يفوتني بهذه المناسبة أيضا أن أتقدم بجزيل الشكر إلى كل أفراد عائلتي وأصدقائي وزملائي، سواء الحاضرين معنا أو الذين يترقبون عن بُعد نتائج هذا اللقاء، فلكم مني جميعا كل المحبة والتقدير.

مصطفى عبدون

Related posts

Top