الموندياليتو…

أبرز المغرب من خلال الانطلاقة الناجحة لكأس العالم للأندية بطنجة عن جدية تنظيمية كبيرة، وخلا الافتتاح من أي سلوك نشاز، ومن كل خطأ في التنظيم والاستقبال والامتثال لمقتضيات دفتر التحملات المتعلق بالتظاهرة.
مرة أخرى، يؤكد المغرب أنه الشريك الجدي في المنطقة للمؤسسات الرياضية العالمية لتنظيم مثل هذه المواعيد الكبرى، كما أن مختلف فرق العمل أبانت عن المهنية وقوة الحضور والإلمام بكل التفاصيل ذات الصلة، والحرص على النجاح.
كل المواكبات الإعلامية لافتتاح الموندياليتو بطنجة أشادت بالتميز المغربي في التنظيم والجاهزية وحسن الاستقبال، ونوهت أيضا بالحفل المبهر والناجح الذي استهلت به التظاهرة الكروية.
بعد الملحمة الكروية التي أبدعها المنتخب الوطني بمونديال قطر، تأتي استضافة مونديال الأندية اليوم بطنجة والرباط، لتضع المملكة ضمن الدول القادرة على إنجاح التظاهرات الرياضية العالمية، وبالتالي صار هذا كذلك من ضمن واجهات عمل الجامعة الملكية المــــــغربية لكرة القدم، ومن أسس الديبلوماسية الكروية، ومن دعامات إشعاع صورة البلاد.
في افتتاح الموندياليتو بطنجة لم يقترف المغرب الصبيانية السياسية الفجة، ولم يستغل الاستضافة للاستفزاز، ولكنه رسم صورة البلد المنفتح والمتسامح والحاضن للجميع والمحتفي بالرياضة وقيمها، ولذلك شهد كل العالم للمملكة بعراقة تاريخها وأصالتها، وبأنها فعلا بلد كبير لا يجاري الصغار في مناوراتهم، وفي لعبهم الصغير جدا.
جدية السلطات الرياضية المــــــغربية، وخبرة التنظيم، والكفاءة في الفعل والإنجاز، وحفاوة الاستقبال، والانفتاح الثقافي والمجتمعي، والثراء والتمدن الحضاريين، هذا ما يمنح للبلاد التميز عن خصومها، وما يجعلها قوة حقيقية، في الرياضة وفي مجالات أخرى، وبالتالي هي تعمل وتجتهد وتتقدم، وتترك للآخرين أن يلطموا الخدود، وأن يشتموا ويناوروا، أي أن ينكشفوا أمام كل العالم عراة وحفاة من كل جدية أو ذوق أو تمدن، وفاشلين و… صغار جدا.
نحن ندرك جدا أن الموندياليتو، أو غيره، مجرد تظاهرات رياضية لها مجالها وأيضا محدوديتها، ولا نمارس لعبة الخلط أو الالتباس، ولا نستغل الرياضة من أجل غايات سياسوية أو لشتم الجيران أو للتنفيس عن احتقانات داخلية، ولكننا لا نتردد أيضا في الانتشاء بنجاح التظاهرات الرياضية الكبرى التي تحتضنها المملكة، والاحتفال بالتميز المغربي على هذا الصعيد، تماما كما يفعل اليوم كل الرياضيين في بلدنا وفي البلد الجار وفي كل العالم، حيث يقومون بالمقارنات الطبيعية…
لبلادنا وشعبنا تحديات في مجالات عديدة مطروح علينا خوضها والنجاح فيها، ويعبر شعبنا عن انتظارات وتطلعات في الميادين التنموية والاجتماعية والديموقراطية، ولن تغطي الرياضة أو كرة القدم عن كل هذا، ولكن، في نفس الوقت، نحن لا نجر الرياضة لتمسح معضلاتنا الأخرى أو لتخفيها، ولا نركب ظهر الرياضة لنغير الحقائق الديبلوماسية والسياسية، كما يفعل الصغار المجاورون لنا…
نحن فقط نفرح بانتصاراتنا الكروية والرياضية المحققة فعليا على الأرض، ونبرز منجزنا الميداني والتنظيمي، ونحتفي بفرح شعبنا، وأيضا بالأصدقاء والأشقاء الذين يشاركوننا الفرح والاحتفاء.
هكذا نفهم نحن الرياضة، أي أنها واجهة لاشتراك الفرح الإنساني، وهي قيم ومبادئ نبل ولقاء بين البشر…
ليس المهم في الموندياليتو من يكون الفائز وحامل اللقب، وليس مهما كذلك قياس مستويات وأحجام الفرق المشاركة، ولكن المهم والأكثر أهمية أن هذا اللقاء الكروي انعقد، وأن المنافسات جرت، وأن الجميع التقى، وأن كل هذا استضافه المغرب بتميز ونجاح وجدية، والصورة كانت احتفاء معبرا.
قد تكون بعض التفاصيل شهدت ارتكاب أخطاء أو اعترتها نواقص في التنظيم وفي التقدير، كل هذا ممكن ووارد، وسيتطرق له المختصون بدون شك، ولكن النتيجة والصورة العامة والمجريات وردود الفعل كلها تؤكد أن المغرب نجح، وأن جامعة الكرة كسبت التحدي، وتفوقت في إنجاز المهمة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top