في مداخلة باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، يوم الاثنين 15 مارس 2021، خلال انعقاد أشغال الجلسة التشريعية العامة المخصصة للدراسة والتصويت على القوانين الجاهزة المدرجة ضمن الدورة الاستثنائية، أكد النائب رشيد حموني أن هم المغاربة ليس من سيترأس الحكومة المقبلة أو القاسم الانتخابي بل العيش بكرامة. وشدد رشيد حموني على أنه من باب مسؤولية فريقه المنتمي لحزب التقدم والاشتراكية، الحامل للواء الحداثة والتنوع وللنزعة الاجتماعية التقدمية، أن يثير الانتباه إلى أهمية الاستثمار في قطاع الصحة، والتربية، والتعليم، والمعرفة، باعتبارها قطاعات المستقبل ورهان النجاح، وإلى ضرورة إعطاء أهمية خاصة لفئات اجتماعية، هي في حاجة إلى الحماية الاجتماعية، كالأطفال والنساء بالخصوص، والمواطنين والمواطنات في المجالات الجبلية والقروية، بما في ذلك من إنصاف واستدراك للتهميش. فيما يلي النص الكامل للمداخلة.
شكرا السيد الرئيس،
السيد الوزير المحترم،
السيدات والسادة النواب،
سعيد اليوم أن أتدخل باسم حزب التقدم والاشتراكية، بشأن قضية هي أنبل وأعظم من أن تختزل في قانون إطار لعدة اعتبارات:
الاعتبار الأول، أن هذا مشروع القانون يعتبر مشروعا اجتماعيا وإنسانيا وتضامنيا سيهيكل دون شك المجتمع المغربي، وسيكون من بين الأساس إعادة بناء أسس تضامنية مجتمعية وتقدمية. مشروع نراهن على أن ينقل بلادنا من التكافل المؤسس على الإحسان غير البريء، إلى التعاضد المؤسسي والممؤسس الذي ترعاه الدولة، والخاضع لمعايير المساهمة والمحاسبة وكفالة الحقوق والخدمات والحماية الاجتماعية على أساس القانون.
كنت أتمنى أن يكون عدد حضور البرلمانيين مثل العدد والانزالات التي كانت في جلسة المصادقة على مشاريع قوانين الانتخابات، سيكون نفس العدد اليوم، لأن هذا قانون يهم المغاربة ويهم كذلك شريحة من الطبقات الهشة.
ورغم أننا اليوم نسجل انتصارا يضاف إلى الانتصارات العديدة التي حققها جلالة الملك، انتصارات دبلوماسية سياسية، على مستوى قضيتنا الوطنية في الصحراء المغربية ووحدتنا الترابية، حققنا كذلك الانتصار في مواجهة جائحة كورونا. حققنا كذلك الانتصار تحت رعاية جلالة الملك في عملية مستوى تدبير التلقيح، وتوفير اللقاح للمغاربة. حققنا الانتصار مؤخرا كذلك، على مستوى الدبلوماسية الرياضية، والآن نحقق اليوم، الانتصار على مستوى الحماية الاجتماعية، ولكن رغم أنها متأخرة، لأن جلالة الملك نادى بهذا الإصلاح منذ خطاب عيد العرش 2018، لكن الحكومة لم تستجب. وبعد 2019، وفي خطاب العرش 2020، تم تذكير الحكومة بهذا الورش المهم، ولم تلتفت الحكومة. وفي خطاب افتتاح الدورة الحالية، أعطى أوامره لتنزيل هذا الورش المهم، لأن الحكومة مع الأسف ومكونات الحكومة، اصطفت في خندق الاستحقاقات 2020، من سيفوز بانتخابات 2020، واليوم تم افتعال مشكل القاسم الانتخابي كأن المغاربة همهم من سيترأس الحكومة المقبلة، أو همهم هو القاسم الانتخابي، أو همهم ما هو عدد البرلمانيين 400 أو 300، أو 100. اليوم المعركة، والرهان هو رهان ليس سياسيا، الرهان اليوم، رهان اجتماعي، اقتصادي، اليوم الثورة هي ثورة الحاجة، الحاجة إلى لقمة العيش. المواطن اليوم يريد أين سيعمل، اليوم يريد المواطن أن يعيش بكرامة وهذا هو الهدف من هذا القانون.
اليوم كذلك، الاعتبار الثالث، هو أن تعميم الحماية الاجتماعية على مختلف فئات المجتمع ستكون هي الترجمة الحقيقية والعملية للديمقراطية، وهي التي ستعطي للديمقراطية مدلولا عمليا ومعنى اقتصاديا واجتماعيا. فالتوزيع العادل للثروات، والولوج العادل المنصف للخدمات الاجتماعية، يظل من الأهداف السامية للديمقراطية في أبعادها المختلفة، وبالتأكيد فإن ذلك سيعزز الثقة والمشاركة في الشأن العام.
السيد الوزير،
الشق الثاني هو التمويل. التمويل حسب العرض الذي قدمتموه، هو تمويل داخلي وخارجي. نخشى أن تستهدف الطبقة المتوسطة، كما فعلوا في الحكومة السابقة، تم رفع الدعم عن المحروقات، ولم يكن أي أثر على المواطن. اليوم أنتم تسيرون في إطار مراجعة صندوق المقاصة ورفع الدعم عن البوطان، سيكون المتضرر هي الطبقة المتوسطة السيد الوزير، ونخشى أن تعمل الحكومة على أن تأخذ من اليد اليمنى وتعطي باليد اليسرى للمواطن.
المواطن اليوم في حاجة إلى دعم الدولة، وليس إلى الدعم والمساهمة، وخصوصا الطبقة الفقيرة، ونخشى كذلك إعادة فشل منظومة المساعدة الطبية” راميد” التي التزمت فيها الحكومة السابقة بتمويل هذا النظام، بثلاثة ملايير درهم سنويا ولم تلتزم، ولم تلتزم الجماعات المحلية، وأدت إلى فشلها، لأنه تم تقديم هذا المشروع أمام جلالة الملك من طرف رئيس الحكومة الذي اليوم يخرج بتصريحات وليس له أي مسؤولية سياسية ولا انتخابية لإعطاء الفتاوى وللحجر، وإعطاء النصائح للحكومة وللبرلمان.
اليوم نحتاج إلى الحكومة التي ستنزل هذه القوانين، حكومة فيها قيادة من رجالات الدولة، مثل عبد الرحمن اليوسفي المرحوم، علي يعته، عباس الفاسي، بوستة، وغيرهم. اليوم نريد رجالات الدولة لكي يقوموا بهذا الورش الذي نادى به جلالة الملك.
ولقد كانت هذه الحماية الاجتماعية وما تزال في البلدان العريقة في الديمقراطية، أحد عوامل الاستقرار والتقدم، وافتخار المواطنين بالإنتماء إلى أوطانهم والتي ساهمت في قيام ثقافة سياسية جديدة، من عناوينها أن الدولة والأحزاب تجد نفسها أمام مواطنين مستقلين في قراراتهم، يصوتون دون تحكم، وبإرادة شخصية مواطنة، إذ أن بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي تترسخ ثقافة حرية الاختيار والمشاركة، وإرادة الدفاع عن المؤسسات، وعن الأوطان.
السيد الوزير،
الرهان الثالث الأساسي هو يتمثل في جودة الخدمات ولا ينبغي أن ننساه. قمتم بهذا المشروع وسـتأتون به، لكن ماهي الخدمات والجودة التي ستقدمون للمواطن؟ أخشى أن يكون طموحكم أكبر من الغاية التي سنصل إليها.
يتمثل في جودة الخدمات لأنه لا فائدة من منظومة هشة للحماية الاجتماعية، ولا فائدة من تكرار تجارب وممارسات رفعناها، ورفعنا فيها سقف الطموح، مقابل إنجاز جعل مصداقية المرفق العام، موضوع تساؤل وتشكيك من جانب الفئات المستهدفة.
كذلك نطالب السيد الوزير، وقد أغفلتم هذا في المشروع، ونتمنى أن تتضمن المشاريع المؤطرة لهذا القانون الإطار، الحماية الاجتماعية للمعطلين ذوي الشهادات، لتمكينهم كذلك من العيش الكريم، وتمكينهم من فرص الشغل.
السيد الرئيس،
ومن باب مسؤولياتنا في حزب التقدم والاشتراكية الحامل للواء الحداثة والتنوع وللنزعة الاجتماعية التقدمية، أن نثير الانتباه ونحن نصادق على هذا القانون الإطار إلى أهمية الاستثمار في قطاع الصحة، والتربية، والتعليم، والمعرفة، باعتبارها قطاعات المستقبل ورهان النجاح، وإلى ضرورة إعطاء أهمية خاصة لفئات اجتماعية، هي في حاجة إلى الحماية الاجتماعية، كالأطفال والنساء بالخصوص، ومواطنينا ومواطناتنا في المجالات الجبلية والقروية، بما في ذلك من إنصاف واستدراك للتهميش.
كذلك الاعتبار الرابع يتمثل في الطابع الشامل لهذا المشروع، فالطابع العمومي يتمثل في كونه يشمل فئات اجتماعية ومهنية مختلفة، يجعل منه أداة للتصدي للكثير من مواطن الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، ويجعل المستفيدين يلمسون اهتمام الدولة بجميع مواطنيها. ولا شك في أن ذلك ترسيخ للشعور بالانتماء لهذا الوطن.
مقابل هذه الاعتبارات، سنواجه معا تحدي التفعيل العملي، وتحدي انخراط الجميع، من مؤسسات عمومية، وجماعات محلية، ومواطنين، وقطاع خاص، وقطاع عام، وهذا هو الرهان الأول الذي ينبغي أن نربحه، مما يقتضي تواصلا يتميز بالتجديد في الخطاب والوسائل والمناهج، ومما يقتضي أيضا أقصى درجات الشفافية في التفعيل والتمويل والتدبير، ومما يتطلب كذلك إشراك النقابات والمنظمات في التفعيل.
كذلك نركز السيد الوزير، على الحملة التواصلية مع المواطنين والمواطنات. اليوم بدأتم إجراءا قرره قانون المالية السابق بالنسبة للتجار. اليوم ذلك التاجر البسيط الذي يتوفر على 1000 درهم في دكانه سيؤدي 1200 درهم سنويا. إنكم لم تتواصلوا مع المواطن، أسميتموها المساهمة المهنية، وسيتفاجأ المواطن الذي كان يؤدي 300 درهم، واليوم سيؤدي 1500 درهم. تواصلوا من أجل التوعية، من أجل انخراط جميع المواطنات والمواطنين في هذا الورش.
وشكرا للجميع.